السياسية || محمد محسن الجوهري*

حقيقة تتكشف يوماً بعد يوم من خلال الأحداث المتسارعة في اليمن، حيث لم تعد العلاقة بين حزب الإصلاح والكيان الصهيوني مجرد اتهامات نظرية، بل أصبحت واضحة من خلال شواهد عدة، كان أبرزها مقتل الشاعر والمنشد راشد الحطامي في مأرب، المدينة الواقعة تحت سيطرة الحزب وهي الجريمة التي لم تكن مجرد حادث عابر، بل رسالة تهديد لكل صوت معارض للمشاريع التي تخدم الهيمنة الصهيونية في المنطقة.

فالحطامي الذي عُرف بقصائده المناهضة للاحتلال والتطبيع، لم يكن شخصية عسكرية بل شاعرًا استخدم كلماته في مواجهة هذه المشاريع، ورغم ذلك كان اغتياله ضرورة لمن يسعون إلى تمرير مخططاتهم دون معارضة، فكيف يمكن لحزب يدّعي أنه إسلامي أن يغتال منشدًا إسلاميًا إلا إذا كان ينفذ أجندة تخدم مشروعًا آخر لا علاقة له بالإسلام ولا بالمصلحة الوطنية.

لم يكن مقتل الحطامي سوى واحدة من حلقات هذا المخطط الكبير الذي يكشف حجم التواطؤ بين حزب الإصلاح و"إسرائيل"، حيث تؤكد عدة شواهد أن الحزب أصبح أداة لتنفيذ سياسات تهدف إلى تفكيك اليمن وإضعاف محور المقاومة في المنطقة، فمنذ سنوات كان هناك تنسيق عسكري غير مباشر بين قيادات حزب الإصلاح ودول تعمل علنًا على توطيد علاقاتها مع "إسرائيل"، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، وهي الدول التي وفّرت الغطاء للضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية ضد مواقع يمنية تحت ذرائع مختلفة.

وهو ما يفسر استماتة الحزب في البقاء داخل مأرب والسيطرة عليها، فهذه المدينة الغنية بالموارد أصبحت قاعدة متقدمة للقوى التي تعمل ضد استقلال اليمن، فالممارسات التي ينتهجها الحزب هناك، من تهجير السكان الأصليين إلى قمع الأصوات المناهضة للاحتلال، ليست سوى تنفيذ دقيق لأجندة خارجية تستهدف إبقاء اليمن ضعيفًا ومنهكًا وفق السياسة التي تتماشى تمامًا مع المصالح الإسرائيلية.

ورغم محاولات الحزب الترويج لخطاب إعلامي مناهض لـ"إسرائيل"، فإن الواقع يقول العكس، حيث سعت قياداته إلى تمرير التطبيع سواء عبر علاقات غير مباشرة أو عبر تسهيل الوجود العسكري لقوى حليفة لـ"إسرائيل" في مناطق يمنية استراتيجية، وهذا الدور التخريبي الذي يمارسه الحزب يضعه في خندق واحد مع "إسرائيل" حتى وإن كان يحاول إخفاء ذلك تحت شعارات زائفة، واليوم ومع تصاعد الوعي الشعبي في اليمن، باتت هذه الحقائق مكشوفة أمام الجميع، ولم يعد خافيًا أن حزب الإصلاح لم يكن يومًا جزءًا من مشروع وطني، بل هو أداة مكشوفة لمشاريع غربية وصهيونية هدفها تمزيق اليمن وضرب أي محاولة لمقاومة الاحتلال في المنطقة.

ما حدث لراشد الحطامي ليس حادثة معزولة، بل هو جزء من مخطط أكبر يهدف إلى إسكات الأصوات المناهضة للتطبيع وإبقاء اليمن رهينة بيد القوى التي تخدم المصالح الإسرائيلية. حزب الإصلاح الذي يدّعي تبنيه لمشروع إسلامي، بات أداة مكشوفة تخدم أجندات غربية وصهيونية، وهو اليوم في خندق واحد مع "إسرائيل"، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء إقليميين.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب