الشعب السوري يتمرد على جماعة الإخوان
السياسية || محمد محسن الجوهري*
بعد سقوط الدولة السورية والسقوط الأخلاقي للحكام الجدد، وتواطؤهم في احتلال بلادهم وتسليم مخزونها الاستراتيجي من السلاح وغيره للعدو الإسرائيلي، صار لزاماً على الشعب السوري أن ينتفض ضد الحكم الجديد المدعوم صهيونياً. خاصةً وأن حملات القمع التي يشنها النظام ضد الشعب مرعبة، وتتحدث عن أرقام كبيرة من الضحايا، فقد تجاوز عدد المخفيين قسرياً حاجز الثلاثين ألفاً قبل انتهاء الشهر الأول من سقوط دمشق.
فالخنوع، الذي بدا عليه الجولاني وجماعة الإخوان أمام الكيان الصهيوني، كان عصاً غليظة أمام الشعب السوري. وبدأت العصابات المسلحة على الفور بحملات انتقامية طالت الآلاف من أبناء الطائفة العلوية والشيعة في سورية، إضافة إلى ملاحقة منتسبي القوات المسلحة السورية وقتلهم أو اعتقالهم في أفضل الأحوال. والمشاهد القليلة المسربة عن فظاعات المجرمين تكشف الكثير من بشاعتهم غير المحكية، وهذا هو المتوقع منهم، فعقيدتهم لا تختلف كثيراً عن عقيدة اليهود، سيما إذا تعلق الأمر بأعداء "إسرائيل".
ولأن القضية الفلسطينية هي الفيصل، وتميز أهل الحق عن أهل الضلال، فإن موقف إخوان سورية كان واضحاً من اليوم الأول، وأعلنوا انحيازهم للكيان بذريعة الحفاظ على مصالح الشعب. وبدأت دعوات الكراهية ضد الشعب الفلسطيني تنتشر في إعلام الجولاني وأدواته، وهذا يؤكد أن المشروع التدميري في سورية صهيوني بامتياز. ومنذ اللحظات الأولى له قبل 14 سنة، نتذكر جيداً مشهد الطفل الفلسطيني الذي أعدمه مسلحو الجولاني في حلب عام 2016، وهو يتوسلهم كي يصفحوا عنه، ولم تكن تهمته سوى معاداته للكيان الصهيوني. ومثلت الحادثة رسالة أولية عن طبيعة أعداء الدولة السورية، وبأنهم والصهيونية في خندقٍ واحد.
وأمام كل ذلك، وبعيداً عن وسائل الإعلام القطرية وغير القطرية، تنشط حالياً في سورية مقاومة ضد النظام المتصهين، ونجحت في تنفيذ العديد من العمليات البطولية التي نالت من قيادات داعشية معروفة، ومنعت تنفيذ الكثير من جرائم الإبادة في مناطق سورية مختلفة. ومثل هذا التوجه هو محط احترام وتقدير الشعب السوري وكل الأحرار في العالم، حتى وإن تجاهلته قناة الجزيرة، التي تدعي نصرة الشعوب، وهي دعايتها لمناصرة التحركات الإخوانية الموالية للغرب في العالم العربي.
وبحسب صفحة "المقاومة الشعبية السورية" على التلغرام، فإن الثوار نجحوا في تنفيذ عمليات كثيرة لحماية المجتمعات المضطهدة في البلاد، وأن تحركاتهم تحظى بدعم شعبي واسع، خاصة بعد دعوتهم لمقاطعة الحملات المنادية بالتخلي عن السلاح وتسليمه للجولاني وعصاباته. وهي دعوات مستهجنة في نظر السوريين، سيما والعصابات المسلحة تعصف بالبلاد، ومن نجا من الإعدام المنظم فلن ينجو من المجرمين وقطاع الطرق.
وبما أن جماعة الإخوان لا تقوى على الصمود طويلاً في أي مواجهة مع الشعب، فإن مصيرها في سورية لن يختلف كثيراً عن مصيرها في مصر، حيث سقطت هناك خلال أقل من عام. والسبب هو غباء قادتها وفشلهم في إدارة شؤون الدولة وخشيتهم المفرطة من الحرب الإعلامية، وهو ما يتكرر حرفياً في سورية، بدليل إخفاقاتهم في ضبط ملف الأمن والخدمات الأساسية، رغم الدعم الهائل المقدم من بعض الأطراف الخليجية.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى الأمل معقوداً على الشعب السوري الذي يرفض الخنوع ويطالب بحقوقه ورغم التحديات، تظهر علامات على إمكانية انتفاضة جديدة ضد الظلم والقمع، مما قد يعيد الأمل إلى قلوب السوريين في تحقيق الحرية والكرامة. إن الوحدة والتكاتف بين جميع فئات الشعب سيكونان الأساس في مواجهة أي قوى تسعى لتدمير مستقبل سورية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب