ثغرات أمنية تُبشر بزوال "إسرائيل"
السياسية || محمد محسن الجوهري*
يجمع العديد من الخبراء العسكريين الصهاينة على أن بقاء الكيان مرهونٌ -بشكلٍ رئيسي- على التعاون الإقليمي مع ما تسميه "إسرائيل" "محور الاعتدال العربي"، في إشارة إلى الأنظمة العميلة الخاضعة للهيمنة الغربية خاصةً دول الخليج ودول الطوق مع فلسطين. ولذلك تحرص دائماً على إعادة تقييم السياسات الخارجية في المنطقة وتعمل على إبقائها في إطار الولاء لتل أبيب ولدول أخرى حليفة لها، كواشنطن ولندن وغيرها.
وبما أن إيران خارج نطاق العمالة أو ما يُسمى إسرائيلياً بمحور الاعتدال، فإنها تعتبر العدو الرئيسي للكيان في المنطقة خاصةً وأنها تتبنى سياسة علنية معادية للمشروع الصهيوني، وتمد الجهات المقاومة بالعتاد والسلاح سواء في فلسطين أو لبنان. ومع سقوط النظام السوري، تخشى "إسرائيل" من تأسيس جماعات سورية مقاومة للاحتلال، مما يضيف عبئاً آخر على المخاوف الوجودية لليهود في فلسطين.
في عصر التكنولوجيا، أصبحت الهجمات السيبرانية تهديدًا متزايدًا لـ"إسرائيل"، كونها واحدة من الدول الأكثر تقدمًا في هذا المجال. ولأنها نفذت هجوماً سيبرانياً على منشأة "نطنز" النووية الإيرانية عام 2020، تزايدت مخاوف الكيان من هجمات مماثلة. وبالفعل في عام 2021، تعرضت "إسرائيل" لهجوم سيبراني كبير استهدف أنظمة المياه والكهرباء، مما أدى إلى تعطيل الخدمات الأساسية. وهذا النوع من الهجمات يمكن أن يتسبب في فوضى عارمة ويعرض حياة المستوطنين الصهاينة للخطر.
إضافةً إلى ذلك، تواجه "إسرائيل" تهديدات أخرى مستمرة تنذر بزوالها، أهمها الوضع الأمني الداخلي. فالاضطرابات الأمنية تؤدي -في الغالب- إلى نزوح المستوطنين الصهاينة إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا يُعد تحديًا وجوديًا للكيان، حيث من غير المنطقي أن تزعم "إسرائيل" بأنها "دولة" وهي بلا مواطنين، فيما أغلب مستوطناتها شبه خالية إلا من الأشباح.
ومن أبرز التهديدات الداخلية ما تصفه "إسرائيل" بإرهاب حماس والجهاد، وهو تهديد وجودي ومستمر. ورغم أنها تستخدم سياسة الردع الاستباقي، إلا أنها فشلت على مدى عام ونصف في وقف الهجمات البرية والصاروخية للحركات الجهادية في غزة والضفة. وبات الموت يحاصر الصهاينة في كل أنحاء فلسطين، كما أن وسائل الموت تضاعفت مع لجوء الفلسطينيين إلى تفعيل السيارات والشاحنات في دهس المستوطنين، إضافةً إلى ابتداع وسائل أخرى تقليدية لكنها مرعبة للكيان.
وتخشى "إسرائيل" أيضاً من تخلي مفاجئ للغرب، سيما الولايات المتحدة عن حمايتها. ومع تزايد الكراهية للصهاينة في أوساط الشعب الأمريكي، تتخوف تل أبيب من وقوفها وحيدةً في الصراع مع العرب. وعندها سينقض عليها الجميع حتى الحلفاء، وسيتسابق كل طرف لإثبات دوره في تحرير فلسطين، وهذا يؤكد أن الدور الأمريكي مركزي بالنسبة لبقاء الاحتلال في فلسطين.
والأهم هو ظهور أعداء جدد بشكلٍ مستمر لـ"إسرائيل" مع كل نصر عسكري أو سياسي تحققه في محيطها الإقليمي. فظهور إيران بعد سقوط مصر كلف الكيان الكثير من الجهد والرعب، وأفشل حلم اليهود في الحصول على الأمن المطلق. وهكذا تتكرر الفاجعة مع بروز اليمن كقوة إقليمية، وتحولها إلى خطر شعبي وسياسي ينذر بزوال الكيان، ويضاعف من قدراته العسكرية يوماً بعد آخر للوصول إلى عمق فلسطين المحتلة. وكأن "إسرائيل" على موعد دائم مع الرعب والموت حتى النهاية المحتومة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب