السياسية || تقرير :

باتت ألاعيب الإدارة الأمريكية واضحة وأوراقها مستنفدة، فما تسميه "رصيف عائم آمن" لتوصيل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة التي أعلنت عن تشغيله يوم الجمعة الماضية، إنما هو آمن لتنفيذ هدفها الحقيقي الذي يتمثل في تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة خدمة لكيان العدو الصهيوني.

ففي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلن الجيش الأمريكي عن بدء العمل في الرصيف البحري العائم الذي تم بناؤه حديثاً بزعم توصيل المساعدات للقطاع المحاصر عبر البحر، وقالت القيادة المركزية الامريكية: إنه بالفعل تم تسليم الشحنة الأولى من المساعدات ما تسبب في ردود فعل متباينة وتحذيرات عدة.

وعلى الرغم من أن الظاهر من هذا الميناء هو البُعد الإنساني، تحت عنوان إيصال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، إلا أن دلائل عديدة تشير إلى أنه من المستحيل تصديق أن الإدارة الأمريكية مهتمة فعلاً بتخفيف حدّة المعاناة الإنسانية عن الفلسطينيين، بينما هي شريك أساسي في حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها العدو الصهيوني ضدّ المدنيين في القطاع.

ومع وصول أول شحنة مساعدات عبر الرصيف العائم، أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس رفضها أي وجود عسكري لأي قوة كانت على الأراضي الفلسطينية.

وقالت حركة حماس في بيان لها: إنها وجميع فصائل المقاومة الفلسطينية تؤكد على "حق الشعب الفلسطيني بوصول كل المساعدات التي يحتاجها في ظل الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال في عدوانه الغاشم على قطاع غزة".

وجددت الحركة تأكيدها على رفض أي وجود عسكري لأي قوة كانت على الأرض الفلسطينية، وفقا للبيان.. مشددة على أن "أي طريق لإدخال المساعدات بما فيه الرصيف المائي، ليس بديلا عن فتح المعابر البرية كافة وتحت إشراف فلسطيني".

من جانبها قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها: إن إنشاء الإدارة الأمريكية ميناء عائماً على سواحل قطاع غزة مبعث للقلق.. محذرة من مخاطر استخدامه لتنفيذ أهداف ومخططات أخرى مثل التهجير أو حماية الاحتلال وليس لنقل المساعدات.

كما حذرت في بيانها، "أي جهات فلسطينية أو عربية أو دولية من التساوق مع الإدارة الأمريكية، أو العمل في هذا الميناء".. مؤكدة على "ضرورة فتح جميع المعابر في القطاع بما فيها معبر رفح البري، كبديل لهذا الميناء ولضمان تدفق المساعدات إلى القطاع دون قيود أو شروط".


وجددت الجبهة الشعبية "موقفها الرافض لأي تواجد أمريكي أو صهيوني أو أي قوة أجنبية في قطاع غزة، سواء في معبر رفح أو أي مكان على أرض أو سواحل القطاع، وتؤكد أنها والمقاومة ستواصل التعامل مع هذه القوات كقوة احتلال".

بدوره قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان له: إن "الإدارة الأمريكية تحاول تجميل وجهها القبيح والظهور بوجه حضاري من خلال إقامة رصيف مائي عائم قبالة سواحل مدينة غزة، تقول إن الهدف من إقامته إدخال مساعدات إنسانية ووجبات غذائية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والذي يتعرض إلى سياسات التجويع والتهجير القسري والإبادة الجماعية على يد جيش العدو الصهيوني بمشاركة فعلية وانخراط كامل ومباركة حقيقية من الإدارة الأمريكية".

وشكك المكتب الإعلامي في نوايا الإدارة الأمريكية التي تعمل على إدارة حرب الإبادة الجماعية واستمرارها، وتُشكِّل جدار حماية وإسناد للعدو الصهيوني، وتواصل دعمه بشكل مطلق للاستمرار في حربه ضد المدنيين.

وحمّل العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن سياسة التجويع والحصار ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة بشكل مدبر ومبيت مقصود، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وضد القانون الدولي وضد المبادئ العالمية لحقوق الإنسان.

ويقول محللون سياسيون: إن الولايات المتحدة الأمريكية وكيان العدو الصهيوني يتذرعان بالإنسانية فيما يتعلق ببناء الميناء العائم الجديد على شاطئ بحر غزة وبالواقع هم بعيدون عن الإنسانية.

ويضيف المحللون: لو كانوا صادقين لقاموا بإدخال الشاحنات والجرافات العملاقة التي دخلت غزة لبناء الميناء، من أجل إنقاذ آلاف الجرحى الذين ظلوا ينزفون حتى الموت تحت أنقاض المنازل التي دمرتها آليات العدو الصهيوني.

ويؤكد هؤلاء المحللون أن هذا الميناء لن يحقق سوى مصالح الكيان الصهيوني بالسيطرة على شاطئ غزة ومحاولة تهميش معبر رفح البري على الحدود مع مصر وانتزاع السيادة الفلسطينية عليه، إضافة لتشجيع الفلسطينيين على الهجرة عبر الرصيف الجديد.

ويعتقد المحللون أن الترحيب الصهيوني بإنشاء الميناء وتفعيل الممر البحري يثير شكوكًا، كونه من يحاصر غزة ويغلق معابرها ويعرقل دخول المساعدات ومن غير المعقول أن يقدم على هذه الخطوة إلا إذا كانت تحقق له مصلحة خفية ويبدو أنها مرتبطة فعلاً بتشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع.

ومع ذلك ومهما حاولت السياسة الأمريكية ارتداء قناع الإنسانية الزائف فلن يغير من حقيقة الموقف المفضوح ، فسلاح التجويع واستمرار المذابح ورصيف الميناء المشبوه هي بالتأكيد أجزاء من مخطط صهيوأمريكي واحد، هدفه نقل أهل غزة إلى خارج القطاع تحت مسمى الخروج القسري أو الطوعي أو الإنساني.

بإختصار.. مُخطئ من يعتقد أن مخططات التحالف الصهيوأمريكي سيُكتب لها النجاح، لأن المقاومة الفلسطينية حاضرة وجاهزة لمواجهة هذه المؤامرة الجديدة القديمة بمختلف الوسائل المشروعة، ولاسيما بعد أن أدارت ظهرها لهذه المخططات لتترك الأمر محسوماً للميدان.