شكوى السودان إلى مجلس الأمن.. تسلط الضوء على الدور المُدمر للإمارات في تأجيج الصراع
السياسية - تقرير :
تسلط الشكوى التي تقدم بها السودان إلى مجلس الأمن ضد الإمارات الضوء على السيناريو المدمر الذي يخطط له النظام الحاكم في أبوظبي لإشعال جولة جديدة من الصراعات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بهدف تأجيج الفتنة وتكريس انقسام البلاد بشكل علني.
ففي ظل الانزلاقات الخطيرة التي يسلكها النظام الحاكم في الإمارات تجاه السودان صعدت الخرطوم دبلوماسيا ضد أبوظبي عبر الطلب من مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة للبحث في "عدوان الإمارات على الشعب السوداني"، ومساندتها قوات الدعم السريع.
وأفادت وسائل إعلام سودانية بأن مجلس الأمن الدولي بعد أن حدد الاثنين الماضي موعدا لمناقشة شكوى السودان ضد الإمارات واتهامها بإشعال الصراع السوداني وتغذيته، إلا أن المجلس قرر تأجيل مداولاته بشأن الشكوى، حتى مايو المقبل.. لافتة إلى أن ذلك جاء بناء على طلب بريطانيا.
فقبل ساعات قليلة من موعد انعقاد جلسة وافق عليها مجلس الأمن الدولي لمناقشة الدعم الإماراتي العسكري لمليشيا ما يسمى بالدعم السريع في الحرب التي اندلعت في السودان منذ أكثر من عام تفاجأت بعثة السودان بتدخل بريطاني أسفر عن تعديل طبيعة الجلسة لتناقش الأوضاع في السودان ومدينة الفاشر على وجه الخصوص بدلاً عن مناقشة العدوان الإماراتي على السودان واتخاذ قرارات تلزم أبوظبي بإيقاف تمويل المليشيا بالعتاد العسكري والكف عن التدخل في شؤون البلاد الداخلية.
ودفع التدخل البريطاني وزارة الخارجية السودانية للمسارعة في إصدار بيان ساخن اتهمت فيه بريطانيا بتغيير صيغة وطبيعة جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي عن السودان.
وأشارت إلى أن "الجلسة ناقشت الأوضاع السودانية العامة، بعد أن كانت مخصصة لمناقشة شكوى السودان ضد الإمارات".
وقالت الوزارة في بيان لها: إنها "تأسف أن تتنكر بريطانيا لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضوا دائما بمجلس الأمن، وبحكم ماضيها الاستعماري في السودان، الذي لا تزال آثاره غير الحميدة مستمرة، وذلك مقابل مصالحها التجارية مع دولة الإمارات".
وأوضح البيان أن "حماية بريطانيا لأكبر ممولي الحرب في السودان، مقرونة مع ما كشفته الصحافة البريطانية من أن الحكومة البريطانية أجرت لقاءات سرية مع مليشيا الدعم السريع، تجعلها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيات الإرهابية وراعيتها".
وتابع البيان: "تزامن ذلك مع ما كشفته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية يوم 28 أبريل 2024 من أن الإمارات تمارس ضغوطا شديدة على بريطانيا لحمايتها في مجلس الأمن، بعد افتضاح دورها في تغذية الحرب في السودان بدعمها المتواصل لمليشيا الدعم السريع الإرهابية".
وشدد البيان السوداني، على أنه "لن تثني هذه الخطوة المشينة من بريطانيا، والتساهل الذي تبديه الدول الغربية دائمة العضوية بالمجلس حيال فظائع المليشيا وراعيتها دولة الإمارات، السودان عن أن يسلك كل السبل والوسائل لحماية شعبه وسيادته وكرامته وتظل مصداقية مجلس الأمن وقدرته على الاضطلاع بدوره في حماية السلم والأمن الدولي والوفاء لمبادئ ومثل ميثاق الأمم المتحدة".
من جانبه أكد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس في تصريحات للتلفزيون السوداني، أن التأجيل لن يمنع إدانة الإمارات، وسينتقل النقاش إلى رئاسة موزمبيق في مايو المقبل.
وانتقد إدريس تدخل بريطانيا، صاحبة القلم في شؤون السودان "الدولة المسؤولة حالياً عن صياغة القرارات الخاصة بالسودان"، ووصفه بأنه "تعسفي ويفتقر إلى الحياد".
وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن الشكوى هزت الإمارات ودفعتها إلى الضغط على الدول الغربية أعضاء مجلس الأمن لتأجيل الاجتماع.
وقد تكشّف لاحقاً أن الإمارات مارست ضغوطاً شديدة على بريطانيا لمنع قيام الاجتماع بالأساس.
ووفقاً لصحيفة "التايمز" البريطانية، تم إلغاء أربعة اجتماعات وزارية مع بريطانيا من قبل الإماراتيين، نتيجة غضبهم من موقف بريطانيا التي لم تهب للدفاع عن الإمارات في مجلس الأمن.
وسبق أن شن برلمانيون أوروبيون هجوماً على دولة الإمارات العربية المتحدة واتهموها بتوفير الإسناد العسكري لقوات الدعم السريع.
وبحسب المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، نظم مركز ستراسبورغ للسياسات، وهو منصة مشهورة لمناقشات السياسة الدولية، لقاءً حواريا بعنوان "دور الإمارات في جرائم الحرب في السودان".
وخلال اللقاءات، بحثت لجنة متميزة من الخبراء الأوروبيين في الديناميكيات المعقدة المحيطة بتورط دويلة الإمارات في الحرب الأهلية في السودان.
وتناول المتحدثون الجوانب المختلفة لمساهمات الإمارات في الصراع من خلال مناقشة دقيقة وتحليل شامل، وسلطوا الضوء على مصالحها الاستراتيجية واستراتيجياتها العملياتية.
وفي هذا السياق قال المتعاون البرلماني في مجلس الشيوخ ومجلس النواب والمتخصص في الشؤون الأوروبية جيوفاني باريتا: إنه من المهم أن تتوقف الدول الإقليمية والقوى الدولية عن تأجيج الصراع في السودان.. مشيراً إلى أن الإمارات تعمل على زعزعة استقرار السودان من خلال دعم قوات الدعم السريع.
ونوه باريتا بأن تعقيدات الصراع في السودان، حيث تتنافس فصائل مختلفة على السلطة وسط مظالم عميقة الجذور، تتطلب اتباع نهج دقيق، بما في ذلك منع تورط جهات خارجية مثل الإمارات في دعم شخصيات محددة.
من جهته قال خبير العلاقات الدولية والتعاون البرلماني لوكا أنطونيو بيبي: إن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع في الحرب الأهلية في السودان أثار انتقادات من المراقبين الذين يقولون إن ذلك يؤجج نيران العنف.
ونوه بأن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع لعب دورًا رئيسيًا في نجاحات هذه القوات في ساحة المعركة.