الحرب بين “إسرائيل” وغزة: التفسيرات والآفاق
السياسية:
اريون 24 نيوز: بينما رأى المحللون وجود حالة من عدم التضارب في منطقة الشرق الأوسط، كيف يمكن تفسير الوضع الحالي في المنطقة؟
بيير رازوكس: في الواقع، لم يسلط المحللون المطلعون على الوضع الضوء على الفور على حاله عدم التضارب.
ولكن العديد منهم توقعوا حدوث انتفاضة جديدة في الضفة الغربية، خاصة حول مدينة القدس.
والمفاجأة الحقيقية لهجوم 7 أكتوبر هو أن هذا الهجوم جاء من قطاع غزة.
يبقى السؤال لماذا شُنت الهجمات من قطاع غزة وليس من الضفة الغربية.
منذ عدة أسابيع، كانت الحكومة الصهيونية قلقة من اندلاع تصعيد في الضفة الغربية مصحوبا بهجمات مسلحة على المستوطنات الصهيونية هناك، مثل مستوطنة أرييل أو معاليه أدوميم.
ونتيجة لذلك، اتخذ القادة الصهاينة قرارا بتمركز بعض قوات الجيش حول هذه المستوطنات التي تعتبر بؤرا ساخنة، من أجل تشديد دفاعهم تحسبا لانتفاضات محتملة.
تم تبرير هذا القلق بتزامن مع فترة مهمة من الأعياد اليهودية بعد يوم الغفران*1 واحتفالات يوم سوكوت.
كما تم تبريره بالدعم الحاسم من المستوطنين المتطرفين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفيما يخص قطاع غزة، من المرجح جدا أن الخبراء قادة الاستخبارات: الشاباك والموساد وأمان ، رأوا علامات تحذيرية، واشتبهوا من خلالها أنه يجري التحضير لعمل إرهابي في قطاع غزة.
ومع ذلك، للأسباب السياسية المذكورة أعلاه، لم تعر الحكومة الصهيونية ولم تعتبر قطاع غزة وحركة حماس بمثابة تهديدا كبير.
فقد كانوا يتوقعون في الغالب أعمال منعزلة، لكن من الواضح أنها ليست هجوما مميتا بهذا الحجم.
وعلاوة على ذلك، فإن محاولة تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية أدت بالتأكيد إلى تسريع الهجوم الذي شنته حركة حماس.
ولو كانت المملكة العربية السعودية قد طبعت علاقاتها مع “إسرائيل” وبالتالي لم تعد تدعم القضية الفلسطينية، لكان لهذه الديناميكية تأثير الدومينو في المنطقة.
وربما كانت الدول العربية سوف تسير على نهج المملكة العربية السعودية واحدة تلو الأخرى.
وبالتالي، فإن حجم الهجوم كان يهدف إلى استفزاز الصهاينة للمبالغة في رد فعلهم حتى يعزلوا أنفسهم بشكل أكبر على الصعيد الدولي وينسفوا مشروع التقارب المحتمل مع المملكة العربية السعودية.
اريون 24 نيوز: هل يمكننا التحدث عن الخروقات الأمنية على الجانب الصهيوني ؟
بيير رازوكس: لعدة سنوات، استند الصهاينة في تحليلهم إلى ثلاثة أفكار رئيسية مسبقة:
الأولى: أن حركة حماس كانت راضية جدا عن الوضع الراهن في قطاع غزة.
وهذا الوضع يعني ضمنا أن “إسرائيل” لا تتدخل في الطريقة التي تدير بها حركة حماس قطاع غزة.
خروج السلطة الفلسطينية بصورة كاملة من القطاع منذ طردها العسكري في العام 2005.
الثانية: هو الاعتقاد بأن حركة حماس لن تخطط أبدا لأي هجوم واسع النطاق دون هجوم منسق من جبهة حزب الله اللبناني.
الثالثة: استندت الفكرة الثالثة المسبقة إلى المراقبة المجهرية الصهيونية لكل ما يحدث، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
ومنذ ذلك الحين، اعتقد الصهاينة أنهم سوف يكونون على علم بأي هجمات قادمة وأنهم سوف يكون لديهم إشعار لمدة 48 ساعة على الأقل لوضع تدابير وقائية.
يكشف هجوم 7 أكتوبر أن كل هذه المفاهيم المسبقة كانت خاطئة.
وذلك، لأسباب سياسية وأيديولوجية، حيث فضل بنيامين نتنياهو الدفاع عن المستوطنين في الضفة الغربية على الدفاع عن الحدود مع قطاع غزة.
ومن المؤكد أن حركة حماس أعدت لهذا الهجوم منذ فترة طويلة.
هناك العديد من أوجه التشابه مع اندلاع حرب يوم الغفران في العام 1973.
إلى جانب حقيقة أن هذا الهجوم يأتي بعد خمسين عاما ويوم واحد من حرب يوم الغفران، والذي حدث كذلك في يوم السبت وهو اليوم الأخير من عيد سوكوت.
وبنفس الطريقة التي كانت عليها قبل خمسين عاما، رفض القادة السياسيين والأمنيين والاستخبارات الذين تم وضعهم على أعلى مستوى، رؤية الأدلة بينما تم نقل إشارات تحذير متعددة على عدة مستويات.
بيير رازوكس: المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية؛ مؤلف كتاب جيش الدفاع الصهيوني : التاريخ الجديد للجيش الصهيوني وكتاب الحرب العراقية الإيرانية: حرب الخليج الأولى (1980-1988
* باريس، 18 شعبان ١٤٤٥، الموافق 28 فبراير ٢٠٢٤(موقع” اريون 24 نيوز- areion24news ” الفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع