دور إيران في محور المقاومة: تجربة طوفان الأقصى
السياسية:
الدور الإيراني تاريخي، يعود إلى بدايات انتصار الثورة الإسلامية، وتأسيس الدولة الإيرانية نموذجها في السياسة الخارجية خارج الفلك الأمريكي الغربي. يلخّص المقال أبرز أدوار إيران في محور المقاومة؛ الأدوار التي تتكامل في بناء محور يتميّز بنبذ التبعية ومراعاة الخصوصية لدى كل الشبكات المنتمية إليه، ما يزوّده بالقوة اللازمة للاستمرارية والنمو. كما يضيء على دور إيران في المحور خلال الحرب على غزة.
في هذا الصدد، اعتبر الامام السيد علي الخامنئي طوفان الأقصى بأنها “غيّرت خريطة الجغرافيا السياسية لغربي آسيا”، مشيراً إلى أنّ “اجتثاث أمريكا، وتسريع عملية حلّ قضية فلسطين، هي أبرز السمات لهذه الجغرافيا السياسية الجديدة”.
ما هو دور إيران في محور المقاومة وعلى صعيد تجربة طوفان الأقصى؟
– تؤمّن إيران العمق الاستراتيجي وتعمل على بنائه وتقويته لكل أطراف المحور بما يوفّر للجميع قدراً من التفوّق يحول دون تشرذم المحور أمام أي مواجهة. هذا العمق تجسّد في عمل محور المقاومة والتطوّر الميداني في مفهوم “وحدة الساحات”.
– تتحمّل إيران أعباء التذخير والتسليح والتمويل على مختلف أنواعه ومجالاته وفق سياسة مدروسة ومتوازنة المعايير ومحدّدة العناصر، تأخذ بعين الاعتبار الساحات والإمكانات والاحتياجات والأهداف. وقد ظهر في ميادين الساحات المختلفة في نصرة غزة الدعم الإيراني بالصواريخ والذخائر على أنواعها.
– تقوم إيران بالتنسيق والتشبيك مع كل الأطراف والأعضاء ضمن حدود الحفاظ على سيادة القرار لدى الجميع، ما يوفّر للجميع هامشاً في العمل والقرار بناء على الوضع الخاص لكل جهة والظروف المحيطة والمحددات المعتبَرة. ساهمت هذه الميزة بتشكّل المحور بالدرجة الأولى، وتنامي نفوذه بالدرجة الثانية. برز هذا التنسيق بجهوزية الدعم من إيران وسائر جماعات المقاومة، ولو أن معركة طوفان الأقصى قامت بسريّة تامة دون علم المحور.
– تؤمّن عملية استثمار إيران للطاقات والإمكانات ومختلف الموارد البشرية والجغرافية والنفطية الموجودة لديها قوة داخلية في صمود النظام والدولة والشعب بوجه كل التحديات وفي مختلف المجالات، تماماً كما تزوّدها بالقوة الخارجية اللازمة لها على الصعيد السياسي والدبلوماسي والعسكري.
وتدفع أوراق القوة الإيرانية الاستراتيجية، وتحديداً في ملفي النووي والقدرات العسكرية، إلى ردع الولايات المتحدة والكيان من خوض الحرب الشاملة في المنطقة.
وطوال أشهر الحرب على غزة، قيّدت إيران أميركا عن التصعيد غير المحسوب، وأربكت الحركة الأمريكية في محاولات الرد وترميم الردع ودفعت به إلى الالتزام بخيار التصعيد في الهيمنة دون مستوى الحرب.
– تقوم إيران بالاشتباك في المنطقة الرمادية ما بين الحرب والسلام بما تملك من أدوات مدنية وعسكرية، تربك الطرف الآخر، وتتملّص من المخاطر المحدقة بها، وتعرقل نجاعة الخصم في الالتفاف على آليات الاحتواء.
ويوفّر لها موقعها التنافسي في النفوذ والحضور آليات وأدوات الاشتباك في المنطقة الرمادية، والحفاظ على الكلفة المنخفضة أو المقبولة، حتى تحسين شروط تحقيق الأهداف والمصالح.
وخلال الحرب على غزة، تبادلت إيران والكيان المؤقّت الهجمات السيبرانية، وتحدث كيان الاحتلال عن اختراق جماعات السيبراني لمعلومات حساسة خاصة في مستشفى “زيف” الإسرائيلية.
– وصل التفوّق الإيراني التكنولوجي وتراكم الخبرات على مدى العقود الماضية إلى حدّ مشاغلة إيران سيبرانيًّا للولايات المتحدة والكيان المؤقت، وخلق هاجس السلاح النووي لدى كل منهما.
ويستفيد مختلف أعضاء المحور من هذه القدرات، بالحد الأدنى في عمليات تصنيع الأسلحة أو التزويد ببعض الشرائح اللازمة وغيرها، فضلاً عن الاستفادة من مجال التقدم في تقديم المساهمات الاقتصادية في مواجهة الحصار الأمريكي على بعض دول المحور.
وفي طوفان الأقصى، كشفت المواجهات سواء ضد الكيان أو في الردود على القوات الأمريكية الاستفادة من التكنولوجيا في الصواريخ المتطورة والموجّهة بصريًّا والمسيّرات وأجهزة الاتصالات.
أثبتت إيران منذ قيام الثورة الإسلامية أنها لاعب قوي في المنطقة لا يمكن تجاوزه، واكتسبت نفوذاً في السياسة الخارجية في مسار طويل من الصبر والصمود والمواكبة.
وقد أظهرت فعّالية في المسار الدبلوماسي سواء في المفاوضات النووية أو احتواء النزاعات الخارجية، وقد نشطت حركتها الدبلوماسية خلال طوفان الأقصى في تعزيز موقف حركة حماس ومحور المقاومة والدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني ووقف الإبادة الجماعية.
* المصدر: موقع الخنادق اللبناني
* المادة نقلت حرفيا من المصدر