اشتباك بحري يمني – أميركي: صنعاء تثبّت معادلاتها
القدرات اليمنية تحيّر واشنطن: المعلومات ليست حكراً علينا!
السياسية- رصد: لقمان عبد الله
بعد فشل الضربات الأميركية ضد اليمن كإستراتيجية ردع، ثم كإستراتيجية إجبار على التراجع عن قرار منع السفن “الإسرائيلية” من المرور في باب المندب والبحر الأحمر، فعّلت واشنطن أسلوب التضليل وحرف الحقائق وادعاء الإنجازات الوهمية، في مسعى لتبرير استمرار ضرباتها الفاشلة أمام الرأي العام الأميركي.
وفي هذا الإطار، ادعى قائد حاملة الطائرات «يو إس إس آيزنهاور»، مارك ميغاز، أن قواته تمكّنت من تأمين عبور 2000 سفينة عبر المضيق، إضافة إلى إضعاف قدرات «انصار الله» الهجومية. لكن مراقبين اعتبروا تصريح ميغاز في غير مكانه؛ إذ إن «أنصار الله» لطالما أكدت أن كل السفن العالمية، باستثناء “الإسرائيلية” وتلك المتجهة إلى “كيان إسرائيل”، فضلاً عن الأميركية والبريطانية، يمكنها المرور من دون أي عوائق. كما أن كثيراً من الخبراء والصحف وحتى أعضاء في الكونغرس شكّكوا في نجاح الضربات الأميركية في تحقيق أهدافها، مثلما فعلت «نيوزويك» التي وصفت تلك الضربات بـ«الجنون»، وقالت إن واشنطن «تفعل الشيء نفسه تكراراً وتتوقّع نتيجة مختلفة».
يُضاف إلى ما تَقدّم، أنه وعلى عكس ادعاءات الولايات المتحدة، فإن عسكرة الأخيرة للبحر الأحمر أدت إلى رفع أسعار التأمين بنسبة كبيرة، وتضرّر العديد من شركات النقل بسبب خضوعها للإملاءات الأميركية، فيما تُظهر المعطيات أن الهدف اليمني تحقّق بالكامل، وهو ما أكده الناطق باسم حكومة صنعاء، وزير الإعلام، ضيف الله الشامي، حين قال إن عدد السفن الإسرائيلية التي تعبر المضيق بات «صفراً». إزاء ذلك، يُطرح السؤال حول سبب إصرار إدارة جو بايدن على الاستمرار في سياسة قاصرة كتلك؟ ربما تعتقد الإدارة أن الغارات الأميركية ستدفع «أنصار الله»، مع مرور الوقت، نحو الاستنتاج المتأخر أن التصرف على طريقة «العين بالعين» مع القوة العسكرية العظمى في العالم ليس في مصلحتها، وأنه من الممكن إضعاف قدرات الحركة إلى درجة لا يعود معها من الممكن فيها شن المزيد من الهجمات ضد السفن. وعلى أي حال، يبقى السؤال الرئيس راهناً متمحوراً حول المصادر التي تحصل منها «أنصار الله» على معلوماتها حول السفن، وحول الدور الإيراني في هذا المجال. وتعتقد كلّ من واشنطن ولندن أن سفينة «بهشاد» الإيرانية التي ترابط قبالة اليمن، تقدّم المعونة الاستخباراتية للطرف اليمني، غير أن موقع «تانكر تراكرز» لتتبع حركة السفن في البحار، يشير إلى أن سفينة التجسّس المشار إليها تتمركز منذ أكثر من أسبوعين قبالة قاعدة صينية في جيبوتي. ورغم ذلك، فإن القوات اليمنية لا تزال تستهدف السفن البريطانية والأميركية، الأمر الذي يدلّل على أن عملية الحصول على معلومات حقيقية وفورية، أعقد من تموضع سفينة استخباراتية في البحر.
وفي هذا الإطار، ينقل موقع «ميدل إيست آي» في لندن عن خبراء ومسؤولين قولهم إن «الحوثيين في اليمن يستخدمون خزاناً من المعلومات الأمنية المتوافرة عن الملاحة التجارية»، فيما يقول مسؤولون غربيون سابقون وحاليون وخبراء في الملاحة البحرية إن «المعلومات والبيانات المتعلقة بحركة السفن يمكن الحصول عليها عبر الاشتراك في المواقع الآمنة للملاحة البحرية». ويوضح هؤلاء أن «نقطة البداية لهجمات أنصار الله هي تحديد السفينة، وبيانات حركتها البحرية التي يعتمد عليها مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي من الصحافيين التجسّسيين وقوى البحرية القوية التي تتابع حركة السفن». ويضيفون أن «السفن تقوم بتحديد مواقعها بطريقة آلية عبر أجهزة الإرسال والاستقبال المعروفة بأنظمة التعريف التلقائي أو إي آي أس. ومن خلال إشارة عبر هذا النظام، يمكن تحديد موقع السفينة. وتُوفر مواقع مثل مارين ترافيك هذه البيانات عبر أنظمة التعريف التلقائي، ويمكن استقبالها عبر لاقط في أي مكان». كذلك، تقوم السفن العابرة للبحر الأحمر بالتواصل مباشرة مع اليمن، والتعريف عن نفسها كي لا يتم ضربها، فيما تقول أخرى بصراحة إنه لا علاقة لها بإسرائيل.
وفي تعليقه على ذلك، يشير الضابط اليوناني السابق في القوات الخاصة، والخبير في الملاحة البحرية في ديابولس، نيكو جورجيوبولوس، إلى أن «أنصار الله أظهروا بالطبع أنهم قادرون على استخدام المعلومات البحرية الأساسية والعامة مثل إي آي أس، وما يملكونه هو منفذ على المعلومات غير السرية، ولكن من الصعب الحصول عليها، وعليك أن تكون في التجارة أو في الاستخبارات لمعرفتها، ولن تحصل عليها في صحراء اليمن». لكن الإشكالية تكمن في اعتقاد الولايات المتحدة والغرب عموماً بأن «تسخير التكنولوجيا واستخدام المعلومات الفنية مقصوران عليهما فقط»، وهو ما يفسّر اندهاشهما من تمكن «أنصار الله»، الذين كانوا في الماضي «متمرّدين في الجبال»، ويحتقرهم المشرعون الأميركيون بوصفهم «رعاة ماشية»، من القفز إلى مركز الاهتمام العالمي بسبب استهدافهم السفن في البحر الأحمر، وفقاً لموقع «ميدل إيست آي». والظاهر، بناءً على ما تقدّم، أن الأميركيين، على رغم شراكتهم مع السعودية في الحرب على اليمن، لم يستفيدوا من عِبر الحرب، وهم حتى هذه اللحظة يلقون باللائمة في إخفاقاتهم على أطراف أخرى.
- الاخبار اللبنانية
- المادة تم نقلها من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن راي الموقع