وحدة الساحات.. من أهم إنجازات طوفان الأقصى
محمود الزارعي*
فعّلت وحدة الساحات من قبل فصائل محور المقاومة في إسناد المقاومة الفلسطينية وعدم الاستفراد بها من العدو الإسرائيلي الذي حاول جاهداً القضاء عليها بدعم أمريكي بريطاني لا محدود وأمام تخاذل الدول العربية المطبعة والعالمية، وقد أثبتت فعاليتها في لجم كباح العدو في عدوانه على غزة وتكبده خسائر كبيرة سواء بالجنود والآليات.
ففي جبهة شمال فلسطين المحتلة عملت المقاومة الإسلامية في لبنان على استنزاف جيش الاحتلال وتخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية في غزة، وقد استخدمت المقاومة الإسلامية أسلحة استراتيجية حديثة في استهدافها لجنود الاحتلال أو آلياته أو قواعده العسكرية وكبدّته خسائر لا تحصى، كما تم الاجهاز على كم كبير من قدرات العدو التكنولوجية والاستخباراتية وأجهزة الرصد والتجسس، إلى جانب إفراغ المستوطنات في شمال فلسطين من المستوطنين مما زاد الضغط السياسي والشعبي على حكومة المتطرف نتنياهو وزيادة الانقسامات في أوساط الكيان المحتل.
أما على صعيد الجبهة العراقية فقد ساندت بضربات عسكرية بالصواريخ الباليستية وبالطائرات المسيّرة على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق وضرب أهداف حساسة في أم الرشراش وحيفا وغيرها من المستوطنات المحتلة مما اربك الكيان المحتل وشتت من تركيزه على جبهة غزة بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والعسكرية من تلك الضربات إلى جانب الضغط بالنار على الداعم الأمريكي واستهداف مصالحة في المنطقة، أما الجبهة اليمنية فقد شكلت مفاجأة المعركة ولها التأثير الأكبر على الكيان المحتل عبر قطع شريان الاحتلال الصهيوني المتمثل في ضرب المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنع مرور السفن لموانئ الكيان المحتل تحت المعادلة الإنسانية والمتمثلة بفك الحصار الصهيوني على غزة يقابله فك الحصار على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال وعند إيقاف العدوان على غزة سيتم إيقاف العمليات العسكرية في البحر الأحمر مما اضطر الكيان المحتل للجوء إلى حلفائه الأمريكيين والبريطانيين والاستنجاد بهم لفك الحصار المفروض عليه، ومن أجل تحقيق هذا الهدف أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تشكيل تحالف بحري بقيادتها تحت مسمى حارس الازدهار لحماية الملاحة الدولية، كما زعمت أمريكا، ولكن هدفه الحقيقي حماية السفن الإسرائيلية وهذا التحالف فشل في إنجاز المهمة التي تشكل من أجلها نتيجة الضربات القوية والمركزة من قبل القوات المسلحة اليمنية على السفن الإسرائيلية والذاهبة كذلك إلى الكيان المحتل، وبعد أن تورطت الولايات المتحدة بالعدوان على اليمن فقد دخلت سفنها التجارية والحربية إلى جانب شريكتها المملكة المتحدة ضمن بنك الأهداف اليمنية وبهذا توسعت دائرة الاستهدافات لتشمل السفن التجارية والقوات البحرية الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي، وقد تم استهداف أكثر من سفينة تجارية وحربية لأمريكا وبريطانيا وفشلت في حماية المصالح الاقتصادية والأمنية للكيان المحتل.
نحن الآن أمام مشهد مختلف بشكل كامل عما كان عليه قبل معركة طوفان الأقصى فقد ظهر بشكل جلي فشل المحور الأمريكي البريطاني الإسرائيلي في تركيع الشعوب وسقط الكيان الصهيوني وقهر جيشه الذي لا يقهر، وفقد المستوطن الإسرائيلي مفهوم الأمن، وتآكل الردع الأمريكي بفعل السواعد اليمنية والعراقية وكل أحرار المنطقة، وبالإمكان القول إن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، وأن الطوفان أعاد تشكيل المنطقة برمتها وستظل ارتداداته إلى أمد بعيد، وإن وحدة الساحات قد تجلّت بقوة ووضوح غير مسبوق، وتعتبر أحد أهم إنجازات معركة طوفان الأقصى.
* المصدر: موقع الخنادق اللبناني
* المقال يعبر عن رأي الكاتب