السياسية || محمد محسن الجوهري*

إنَّ أخطر أسلحة العدو الأمريكي هي “الدعاية السياسية” التي استطاع بها ضرب الكثير من خصومه كالعرب والاتحاد السوفياتي وغيرهم، وفي هذه المرحلة بالذات، تقف الولايات المتحدة الأمريكية في أضعف مراحلها بالنسبة للجانب العسكري والسبب فشلها الذريع في الحرب الإعلامية، وعجز أسلحتها الناعمة في مواكبة الأحداث الجارية.

وهزيمة أمريكا اليوم من هزيمة إسرائيل؛ فقد ضربت سمعة الأخيرة المتهاوية سمعة الكيانين معاً في العالم أجمع، وهذا يبشر بقرب زوالهما من المنطقة، فالسقوط الأخلاقي يعقبه في الغالب انتكاسةٌ عسكرية مدوية.

خبراء الدعاية السياسية يؤكدون أن الولايات المتحدة الأمريكية تفوقت على خصومها بالسلاح الإعلامي واعتماد استراتيجيات مختلفة لضرب سمعة خصومها قبل أن تنقض عليهم بالقوة العسكرية، فالعراق على سبيل المثال، مثَّل قوة عسكرية في الثمانينات، حيث نمى جيشه بدعمٍ غربي لمواجهة إيران الإسلامية، قبل أن يتحول الدعم الأمريكي إلى مؤامرة علنية لضرب حليفها العربي.

لكن قبل التدخل العسكري في العراق، كان لابد من تشويه وضرب هيبته في المنطقة عبر فصله عن جيرانه وافتعال خلافات بينية معهم، يترتب عليها حملات تشويه إعلامية استمرت من عام 1991 وحتى 2003، ليبدأ عندها التحرك العسكري واحتلال العراق بالقوة.

اليوم وفي اليمن، تبدو أمريكا ضعيفة جداً لأنها خسرت حربها الدعائية ضد أنصار الله، وعليها أن تبدأ من جديد، ولمرحلة قد تزيد عن العشر سنوات، في استراتيجية ناعمة لضرب هيبة اليمنيين قبل أي تدخل عسكري آخر.

أي أننا أمام فترة طويلة نسبياً سيتحقق خلالها انتصارات ميدانية كبرى كتحرير فلسطين بإذن الله، حيث من الصعب أن تنال الحرب الإعلامية من اليمنيين ما دام وهم يتحركون بجدية على الأرض.

وكل خطر سنواجهه مستقبلاً هو الحرب الدعائية وحسب، وهي آخر استراتيجيات أمريكا وأكبرها في مواجهة النفوذ الذي يتعاظم يوماً بعد آخر.

ولن نشهد بعد اليوم أكثر من التشويه الإعلامي بكل أشكاله؛ في الإعلام المرئي والمقروء، وعبر الذباب الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي وخارجها.

وللعلم، سبق أن أجرت السفارة الأمريكية في صنعاء دراسات ميدانية لقياس مؤثرات الرأي العام في اليمن، ووجدت أن وسائل المواصلات العامة ومقايل القات هي البيئة الأخصب للدعاية السياسية، وبذلك ستكون هي الأنسب لترويج الشائعات ضد أنصار الله وتفريق الصف اليمني بشكلٍ عام.

وقد بات من الواضح جداً أن الشارع اليمني يشهد وحدة سياسية لم يسبق لها مثيل في تاريخه الحديث، فاليمنيون كافة مجمعون على مواجهة إسرائيل وغطرستها مهما كلف الثمن.

ومن هنا علينا أن ندرك أن أي جهود لشق الصف اليمني هي جهودٌ أمريكية بامتياز أياً كان الإطار أو الشكل الذي قُدمت عبره، فالأمريكي لا يعجز أن يوظف وسيلة إعلامية أو تيار ديني وسياسي لتحقيق مشاريعه الشيطانية في اليمن خدمةً للكيان الصهيوني.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب