السياسية || صباح العواضي *

بشكل غير متوقع تنذر الأحداث في الشرق الأوسط إلى الانتقال إلى مرحلة الانزلاق إلى صراع إقليمي بعد الهجمات التي شنتها بريطانيا وأمريكا على الأراضي اليمنية بعد أن كانت محصورة بين محور المقاومة الإسلامية و”إسرائيل” في الأراضي المحتلة لردع الأخيرة في الهجمات البربرية على المدنيين بغزة فيما الأيام حبلى بالمفاجآت ومثقلة بأحداث مزعجة للكيان والجيش الإسرائيلي والأمريكي على الصعيدين اليمنى والفلسطيني.

وفي الحقيقة نستطيع أن نصف الأحداث الأخيرة بالورطة الجيوسياسية لأمريكا في البحر الأحمر وستكون كلفتها باهظة أمريكا أم الإرهاب كما يصفها عامة الشعب اليمني حاولت وتحاول تقويض التضامن والسند اليمني لغزة بعدة محاولات كان أولها الترغيب في تقديم عروض تم رفضها من القيادة الثورية في اليمن رغم الإغراءات الكبيرة كالاعتراف في سلطة صنعاء دوليا ثم تلاها استخدام الترهيب عبر إنشاء تحالفات دولية تحالف “حماية الازدهار”، وآخرها شن عدوان همجي استهدف مناطق بالعاصمة صنعاء ومحافظات الجمهورية اليمنية، وأخيرا وليس آخرا التصنيف الأمريكي لأنصار الله بقائمة الإرهاب.

وفي السياق أشار موقع “ذا إنترسبت” أن القوات المسلحة اليمنية تجر الولايات المتحدة إلى سلسلة من الضربات الجوية في محاولة فاشلة للردع، مشيرة إلى أنها وقد وضعت أمريكا على مسار جيوسياسي مسدود ورجح الموقع ازدياد تعطيل حركة السفن نتيجة تصعيد الضربات ضد اليمن ويهدد باندلاع حرب إقليمية.

ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تعهدت اليمن تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بالتضامن المفتوح والعملي عبر مسارات مختلفة منها ما وصل إلى عمق الكيان الصهيوني ومنها ما شل حركة الملاحة البحرية للسفن الإسرائيلية أو الشركات المرتبطة بها ومؤخرا دخلت السفن الأمريكية البريطانية قائمة السفن المشمولة من عدم العبور في المياه الإقليمية اليمنية حسب بيانات القوات المسلحة اليمنية مما شكل تهديد للكيان المؤقت اقتصاديا سيما وان حجم الواردات الآتية من الشرق إلى إسرائيل تقدر بنحو 350 مليار شيكل أي ما يعادل 95 مليار دولار سنويا” كما هي الخسارة المتوقعة في طرق الشحن في البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب الذي يمر النفط بقيمة إجمالية 10 مليارات دولار سنويا كطريق تجاري مهم جدا في الاقتصاد العالمي وهو ما يمنح اليمن قوة هائلة للضغط حتى على الغرب.

الحكومتان الأمريكية والبريطانية تدركان أن العمل العسكري الذي تم اتخاذه ضد اليمن حتى الآن قد لا يثبت فعاليته بشكل كامل حسب تقارير إعلامية فقد وصفت الهجمات الأمريكية والبريطانية بالفاشلة في احتواء التداعيات الإقليمية وبرغم تأكيد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الهدف من الضربات هو “تعطيل وإضعاف قدرات القوات المسلحة اليمنية”، إلا أن المحللين يقولون إنه سيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف وهذا ما أكده الكثير من التقارير الإعلامية بان العمليات العسكرية اليمنية قد نقلت اليمن إلى واجهة الصدارة في الجغرافيا السياسية العالمية، فيما وصفت الإجراءات الامريكية الأخيرة ضد “أنصار الله”، يهدد بمزيد من التصعيد مع تأثيرات محتملة على أمن تجارة النفط وأسعار الوقود مع تأثر أصحاب رأس المال سلبا ما جبر السفن لكتابة عبارات تنفي علاقتها بأمريكا وإسرائيل “لا علاقة لنا بالولايات المتحدة” إلى جانب عبارة “لا علاقة لنا بإسرائيل” في لوحة التعريف وكما يقال رأس المال جبان .

وفي خطوة متهورة قررت إدارة الملاحة في وزارة المواصلات الأميركية السفن التجارية التي ترفع العلم الأميركي أو المملوكة من قبل شركات أميركية بتجنب العبور في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب والقسم الغربي من خليج عدن لتغير مسار الملاحة البحرية نحو طريق الرجاء الصالح، ويرى مراقبون أن هذا القرار يندرج ضمن التضليل الأمريكي للعالم بشأن ما يجري في البحر الأحمر سعيا منها لاختلاق أزمة دولية لتحميل اليمن تبعاتها فتكلف الحرب باهظة على الاقتصاد العالمي وليس فقط على اقتصاداتها فواشنطن بغرورها وصلفها الحالي ودعمها المطلق لإسرائيل تتراكم الفواتير عليها.

أمريكا في موقف محرج إما أن تمضي في حرب خاسرة أو أن تقبل بشروط صنعاء في وقف العدوان عن غزة.
أن رفع قرار التصعيد الذي أعلنته صنعاء مشروط بإدخال الغذاء والدواء وكل ما يعيد الحياة إلى غزة المحاصرة والمنكوب هو في الأساس قرار إنساني في الدرجة الأولى.

صنعاء باتت رقما صعبا تمتلك قوة وإرادة وشجاعة وبأسا وحازت على تأييد في العالمين العربي والإسلامي لانخراطها إلى جانب المقاومة الإسلامية في الدفاع عن قطاع غزة وأصبحت بحكم الأمر الواقع جبهة عسكرية ضد إسرائيل وأمريكا وتمثل تهديد لقوى الاستكبار العالمي.

– المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع