السياسية:

بجرأة مطلقة، بين المتحدث باسم حركة أنصار الله موقف اليمن في مواصلة عملياتها في البحر الأحمر ضد الکیان الصهيوني حتى يتوقف عدوان النظام على غزة وأعلن أن هدف أمريكا هو حماية “إسرائيل” وليس العالم ونحن متمسكون بموقفنا في الرد على أي عدوان، ووصف “محمد عبدالسلام” المتحدث الرسمي باسم حركة أنصار الله في اليمن، العدوان الأمريكي على المواقف اليمنية بغير المبرر، وأكد على استمرار اليمن في الرد على هذه الاعتداءات، وذكر عبد السلام في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء أن القوات المسلحة اليمنية تستهدف فقط السفن الصهيونية أو السفن التي تتجه نحو الموانئ الفلسطينية المحتلة،
لكن دخول الولايات المتحدة على هذا الخط أدى إلى تفاقم التوترات والهجمات الأمريكية غير مبررة، وبالفعل فاقمت ردود الأفعال الأمريكية من حدة الأزمة في ظل التمسك اليمني بالدفاع عن فلسطين والضغط على الكيان لوقف حربه على غزة.

أمريكا تحمي الكيان فقط

إن موقف أمريكا هو حماية “إسرائيل” وليس العالم، هذا ما أكده المتحدث باسم أنصار الله مبينا أن الهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية تعد انتهاكا واضحا للسيادة اليمنية وعدوانا خطيرا على بلادنا، وأول ما فعله الشعب اليمني هو استهداف السفن الصهيونية والسفن التي كانت متجهة نحو فلسطين المحتلة، وتنفذ عمليات القوات المسلحة اليمنية تضامنا مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان النظام الصهيوني في غزة منذ أكثر من 3 أشهر، وإن أنصار الله لا يسعون إلى تصعيد التوترات، ولقد وضعوا سلسلة من قواعد الصراع التي لم تراق فيها قطرة دم واحدة ولم تحدث أضراراً مادية كبيرة، ولم يكن الهدف من هذه القواعد سوى الضغط على “إسرائيل”، وليس الضغط على دول العالم، كما يصر اليمن على الرد على عدوان العدو والتمسك بموقفه في منع حركة السفن الصهيونية والسفن التي تتجه إلى فلسطين المحتلة، وسيستمر هذا الوضع حتى تتوقف الهجمات الأمريكية (على اليمن) والعدوان الصهيوني على غزة.

وإن قرار اليمن بدعم الشعب الفلسطيني هو قرار مستقل، وقد أشار محمد عبد السلام إلى العلاقات بين اليمن والجمهورية الإسلامية الإيرانية وقال: “لا ننكر أن لدينا علاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستفدنا من تجارب هذا البلد في المجال الإنشائي والعسكري، والبنية التحتية البحرية والجوية وغيرها”، لكن القرار الذي اتخذه اليمن قرار مستقل لدعم الشعب الفلسطيني، وقد تم اتخاذ هذا القرار بعد ضغوط شعبية كبيرة، ليس فقط في اليمن، بل في شعوب المنطقة بأكملها؛ وطالب الأهالي حكومات وزعماء المنطقة باتخاذ موقف جدي تجاه عدوان العدو الصهيوني على غزة والمذبحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

وإن الموقف اليمني في الرد على عدوان العدو الصهيوني مستقر، وتعتبر صنعاء موقف بعض الدول التي تطالب بالاستقرار في المنطقة وتدين خلق التوتر بأنه إيجابي، واليمن أيضا إحدى الدول التي تؤيد عدم توسيع نطاق الحرب، وطالما أن السعودية والإمارات تلتزمان بهذا المبدأ فإنهما ستكونان خارج نطاق الحرب، وطالما أنهما لا تشاركان في الهجمات الأمريكية على اليمن أو تدعمان هذه الهجمات فلن تتخذ صنعاء أي إجراء ضدهما، وقال محمد عبد السلام: “نطالب السعودية والإمارات بتعديل مواقفهما بما يتوافق مع رفض عسكرة البحر الأحمر أو غياب القوات العسكرية في المنطقة”، ورأي أنصار الله أن أياً من دول منطقة البحر الأحمر لم تشارك في التحالف الأمريكي، ولقد جلب الغرب هذا التحالف إلى منطقتنا، ولذلك نعتقد أن هذا التحالف يشكل تهديدا لجميع دول المنطقة، ومن بين هذه الدول أيضا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ويتمسك اليمن بموقفه الداعم لأمن واستقرار المنطقة، وأنصار الله متمسكون بموقفهم الداعم لأمن واستقرار المنطقة، ولن يردوا إلا على اعتداءات الولايات المتحدة وبريطانيا، وفيما يتعلق بمشاركة البحرين في التحالف الأمريكي، ينبغي أن نقول أيضاً إننا نعتقد أن البحرين لا تلعب دوراً مهماً كنظام أو مشارك في هذا التحالف، وإذا أردنا الرد عليه فلن يكون هناك سوى القواعد الأمريكية في البحرين مستهدفة، وقد أشار المتحدث باسم أنصار الله إلى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين اليمن والسعودية وأعلن: “وقف إطلاق النار هذا لا يزال مستمرا ولدينا علاقات إيجابية مع السلطات السعودية، وقف إطلاق النار بين اليمن والسعودية دائم ومستمر، وسنواصل جهودنا في هذا الاتجاه”.

وإن الولايات المتحدة هاجمت اليمن أربع مرات، وأكد البيت الأبيض على الدعم المستمر لجرائم النظام الصهيوني، وزعم البيت الأبيض أن الصواريخ اليمنية المضادة للسفن قد دمرت في هذه الهجمات، وأن الهجمات الأمريكية قللت من قدرة الجيش اليمني على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وشدد البيت الأبيض على مواصلة دعم عدوان وجرائم النظام الصهيوني في قطاع غزة تحت عنوان زائف “الدفاع عن النفس”، وفي الوقت نفسه، اعترفت حكومة بايدن بأن الحوثيين (أنصار الله) ما زالوا يحتفظون بقدراتهم الهجومية، كما عارضت حكومة بايدن وقف عدوان النظام الصهيوني ووقف إطلاق النار، وزعمت أنها تدعم وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لكنها تعتقد أن وقف إطلاق النار سيفيد حماس.

ضغوط يمنية

تظهر التفاصيل نجاح أنصار الله في تحديد تأثيرها، حيث تؤثر على اقتصاد “إسرائيل” من جهة، وتلقي بظلالها على صناعة القرار في مجلس حرب العدو، ويواجه المجلس تحديات متنوعة شمالًا وجنوبًا حتى مضيق إيلات، وتظهر الاعتبارات الأمريكية أنهم يعجزون عن إيجاد حل “رادع” في الوضع الحالي، حيث يفتقدون إلى القدرة على تطوير الأدوات الملائمة، كما أن رفق بوارجهم للسفن الصهيونية تظهر أنهم لا يعتبرونها عائقًا للاستهداف، بل قد تُعرضهم لمخاطر أكبر، وفي هذا السياق، تقتصر صنعاء حتى الآن على إطلاق رسائل تحذير نارية في اتجاههم، والوضع يُؤكد أيضًا أن تصوير ما يحدث في البحر الأحمر كتهديد للملاحة الدولية غير مقبول، حيث يعتبر حركة السفن أمرًا عاديًا، وبفضل إدارتها المدروسة لهذه المعركة، نجحت صنعاء في ربط الأيدي الأمريكية ودفعها إلى زاوية واحدة، وهي زاوية الضغط على “تل أبيب” لوقف العدوان على غزة.

وفي سياق آخر، يظهر أن واشنطن تدرك خطرًا محتملاً في المستقبل ينبع من البحر الأحمر، يظهر أن من يدير المشهد غير مستعد للاستسلام أمام التهديد، ولديه الجرأة لاتخاذ خطوات جريئة، قد يوجه جزءًا من تلك الجرأة نحو كسر الحصار عليه في المستقبل، وخاصةً مع الإسناد اليمني المتزايد لغزة، حيث تتجه الصواريخ والمسيرات نحو مواقع جنوب “إسرائيل”، وهو عامل يؤثر بشكل كبير في المعادلة، ومنذ السيطرة على أولى السفن، حددت صنعاء هدفها بوضوح بتوجيه اهتمامها إلى السفن الصهيونية فقط، وأكدت بوضوح أن الممر البحري الاستراتيجي في باب المندب آمن للملاحة الدولية، وهو عنصر أساسي في النقاش، وفي هذا السياق، وجدت واشنطن نفسها أمام تحدٍ بحري صعب، حيث تدير الحرب على غزة من خلال دعم الكيان الصهيوني على الصعيدين العسكري والسياسي، وتم التأكيد على أن الأمريكيين قاموا بتضخيم الأمور في مواجهة صنعاء، حيث قاموا بالتهويل ومحاولة إشعال بعض الجبهات الداخلية، بالإضافة إلى التهويل بشأن استئناف الحرب وعرقلة مسارات التفاوض، ومع ذلك، لم يؤثر ذلك على الموقف اليمني الداعم لقضية غزة، حيث وجد الأمريكيون أنفسهم أمام حاجز لا يمكن تجاوزه.

وتأتي هذه التعليقات بعد إعلان العميد يحيى سريع، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، عن تصعيد الإجراءات ضد الكيان الصهيوني تضامنًا مع غزة، حيث أكد منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، بغض النظر عن جنسياتها، إلا إذا دخلت إلى قطاع غزة لتلبية احتياجاته من الغذاء والدواء، وأكد العميد سريع، في بيان عسكري، أن أي سفينة متجهة إلى كيان العدو ستكون هدفًا مشروعًا، وحذر في الوقت نفسه “جميع السفن والشركات من التعامل مع الموانئ الصهيونية “، وأشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية ستقوم بتطبيق قرار منع مرور السفن إلى كيان العدو، وأوضح أن قرار منع دخول السفن الأجنبية إلى الكيان يأتي بعد نجاحهم في منع السفن الصهيونية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي.

وتأكد القرار اليمني الذي يمنع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من المرور عبر مياهه، من التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعم حقهم في مواجهة الاعتداءات والاحتلال، يحمل هذا القرار دلالات كبيرة فيما يتعلق بتوقيته وتقدير المواقف، مع التأكيد على جهوزية اليمن لاتخاذ الخيارات المناسبة تجاه أي تصعيد من قِبل أعداء الأمة، ويأتي هذا القرار بعد إفشال الولايات المتحدة قرارًا في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، البيان اليمني يظهر تصعيدًا واضحًا وصريحًا ضد إرادة الشعوب الحرة، ويعتبر دعمًا للغطرسة والاستكبار والإرهاب الصهيوني.

من جهة أخرى، تشيد الفصائل الفلسطينية بالموقف اليمني وقراره بمنع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، حيث رأت فيه تأكيدًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني ودعمًا لقضيته، وقد أكدت أن هذا القرار يأتي في لحظة تاريخية ويعبر عن عمق الانتماء الأصيل للشعب اليمني وقيادته الباسلة، ومن جهة أخرى، اعتبرت حركة حماس القرار اليمني قرارًا شجاعًا وجريئًا، ينتصر لدماء الشعب الفلسطيني ويقف ضد العدوان الصهيو-أمريكي والمجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، ويُشير قرار اليمن بمنع السفن العابرة إلى “إسرائيل” من كل الجنسيات إلى سياق محللين يربطونه بفشل مجلس الأمن في إقرار وقف الحرب، ويُعتبر ردًا على موقف الولايات المتحدة التي خالفت الإجماع الدولي على وقف الإبادة الجماعية في غزة، وتظهر تساؤلات حول إمكانية تنفيذ تهديد أنصار الله بمنع مرور السفن المتجهة إلى “إسرائيل”، وإن القرار الأمريكي في مجلس الأمن قد يؤدي إلى تصاعد التوتر وتعقيد الأوضاع في المنطقة.

في الختام، تُؤكد الأحداث أهمية وجود ترسانة سلاح متطورة وثقيلة لدى انصارالله، ويتوقع بعض المحللين صعوبة الأيام القادمة بالنسبة للكيان، ويُشيرون أيضًا إلى أن نسبة السفن المتجهة إلى “إسرائيل” قليلة جدًا في قناة السويس أو في البحر الأحمر، ومع تساؤلات حول تأثير هذا القرار على مصر وعلى قناة السويس في حال تصاعد التوتر وحدوث حرب في باب المندب، ويعتبر منع جميع السفن المتجهة إلى “إسرائيل” قرارًا ممتازًا، ويشير إلى عدم نجاح الولايات المتحدة بوضع أنصار الله على قائمة الإرهاب أو الرد على إغلاقها البحر الأحمر لسفن الاحتلال لأنه لا تراجع عن هذا القرار، ويُعبّر الفلسطينيون عن تقديرهم لليمنيين ويُثنون على شعبيتهم في العالم العربي والإسلامي بسبب وقوفهم المشرف مع فلسطين.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة نقلت حرفيا من المصدر