د. مهيوب الحسام

مرت مائة يوم من بداية معركة «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أفقدت كيان الاحتلال الصهيوني توازنه وهشمت صورته وقوة جيشه الذي أصبح جيشا لا يظهر ولا يخرج من داخل دباباته، وبعد مائة يوم من الدمار والقتل وجرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الأبرياء في قطاع غزة وعجز وفشل كيان الاحتلال ومعه الأمريكي وأدواته الأعرابية والأوروغربية وأممها المتحدة ومجلس أمنها، ومائة يوم من الصمود والثبات والبطولات والانتصارات للمقاومة في غزة ومساندة من محور المقاومة… بعد هذه الفترة لا نستطيع أن القول بأن المعركة قصيرة أو ستنتهي بوقف دائم لإطلاق نار.

ومن كل الشواهد ووفقا لكل المعايير العسكرية، فإن هذه المعركة طويلة وسوف تطول، وحتى إن تم الإعلان عن وقف إطلاق نار فسوف يكون مؤقتا، وإن لم يعلن ذلك، وهذا يعني أننا قد دخلنا فعلا في قلب المعركة الكبرى مع هذا الكيان، ولعدة أسباب، منها:

أولاً: إن الصدمة الصاعقة لـ “طوفان الأقصى” التي أصيب بها كيان الاحتلال وأدخلته في حالة قلق وجودي شديد وعصاب وحالة هستيرية وصلت إلى حد الذهان لن يستطيع هذا الكيان بجيشه ومستوطنيه الخروج منها، وحالة الذهان مع حالة الإحساس بالانكسار والعجز والفشل ستكون كفيلة باستدعاء الثأر بشكل دائم، والتي لن يجني منها سوى مزيد من الترهل والذل والهوان والضعف.

ثانياً: إن هذه الصدمة لم تصب الكيان وحده، بل ومعه أمريكا الشريكة في العدوان على غزة، وشركاؤها من دول الغرب الاستعمارية وأدواتها من دول ودويلات الأعراب في المنطقة. وزاد حدة هذه الصدمة دخول محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق المعركة بعمليات إسناد للمقاومة الفلسطينية، وبالذات طوفان اليمن ضد الكيان في البحر الأحمر وتأثيراته القوية في المعركة، والتي لم تضرب كيان الاحتلال الصهيوني الإرهابي وحده في مقتل، بل ورعاته الأنجلوصهيوأمريكي بما لا يطيق، وهو ما جعلهم وبكل غباء يعلنون الحرب على الشعب اليمني، وهو ما يعد بمثابة المسمار الأخير في نعش أمريكا وبريطانيا وأدواتهما.

ثالثاً: بقاء المقاومة الفلسطينية في غزة بحالة قوة مع عامل الضغط الكبير من الكيان عليها، وعلى الضفة الغربية التي تدل كل المؤشرات على وشك انخراطها أكثر فأكثر في المعركة، وبشكل ومؤثر، وقد ينضم إليها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 مع استمرار دور جبهات محور المقاومة الساند وتوسع عملياته مستقبلا.

رابعاً: في أي حالة من حالات إعلان وقف إطلاق النار ولو كان مؤقتا، وانكشاف خسائر الكيان، فإن عاملا آخر سيدخل على الخط، وهو عامل تزايد حدة الخلاف الداخلي بين أركان حكومة الحرب في كيان الاحتلال، خاصة لجهة عدم تمكن الحرب من تحقيق أي من الأهداف المعلنة لها، أو من حيث توفير الأمن للمستوطنين، الذين جلبوهم من كل أنحاء العالم بدوافع إغراءات الأمان والاستثمار، وهو الشيء المفقود إلى حد كبير. ولهذا فإن المعركة وإن هدأت يوما سوف تتجدد حتى زوال الكيان، «ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز».

  • المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع