اليمن عبر باب المندب… الغرب يواجه بالاستعمار والمغامرات
زياد ناصر الدين*
ينظر الغرب دائماً إلى منطقة الشرق الأوسط بعين الاستعمار والاستغلال والقوّة الفائضة، ومن هذه المنطلقات شنّ عدواناً على اليمن لم ولن يحقّق أي نتيجة عسكريّة يرجوها سوى استمرار مخطّط تدمير البلدان. ولم يعد باب المندب بعد اليوم تفصيلاً في الجغرافيا فقط، كما أنّ اليمن بدأ يعيد لنفسه دوره التاريخي في إعادة الاعتبار إلى المنطقة.
وتكمن أهمية باب المندب، الذي يستمدّ اسمه من فعل “ندب”، أي “جاز وعبر”، في أنّه ممرّ مائي طبيعي يصل خليج عدن المطل على المحيط الهندي بالبحر الأحمر.
والمعروف أنّ هذه الأهميّة زادت بعد افتتاح قناة السويس التي جعلت هذا الامتداد يصل إلى البحر الأبيض المتوسط. واكتسب باب المندب أهمية كبيرة أيضاً على صعيد تجارة النفط والغاز، وبات يحتلّ المركز الثالث عالمياً في عبور الطاقة.
وهو يعتبر الطريق الأقصر بين شرق آسيا وأوروبا، ويوفّر موقعه الاستراتيجي اختصاراً للوقت وكلفة النقل، ويتسبب التوتّر فيه بتغيير وجهة السفن للالتفاف حول جنوب أفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح بمسافة إضافية تبلغ 6 آلاف ميل بحري.
واستخدمت مصر باب المندب في حرب أكتوبر 1973 لحصار إسرائيل بحرياً من الجنوب عندما أغلقت قواتها المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية لنحو 3 أسابيع.
ورغم معرفة الغرب، وفي مقدّمته الولايات المتحدة وبريطانيا، بتداعيات أي اشتباك في هذا الممر الاستراتيجي على العالم، والتحذيرات المتصاعدة لوكالات التصنيف الائتماني العالمية، خاصة “بلومبيرغ” و”ستاندرد آند بورز” ومراكز دراسات في الشرق، من توسيع حرب غزة وتأثير ذلك على تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى أقل من 2%، إلاّ أنّه نفّذ ضربته، وما تبعها من استهدافات.
وترتبط مخاوف الوكالات بما يشكّل باب المندب من أهميّة كبرى للاقتصاد العالمي، وتأثيرات انفلاش الحرب نحو هذه البقعة الجغرافيّة، والتي تُترجم على الشكل التالي:
1- تأثّر 14% من التجارة العالمية التي تمرّ عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
2- ارتفاع أسعار النفط في العالم، خاصة أنّ 7 مليون برميل نفط يعبر عبر باب المندب إلى أوروبا يوميّاً.
3- 15% من إمداد ونقل الغاز يمر في البحر الأحمر عبر باب المندب.
4- ارتفاع أسعار المواد الأولية الموجودة في الشرق وتحتاجها الصناعة في الغرب.
5- تأثّر الصناعة الكيميائية التي تُنتج للأسواق الشرقية في الغرب.
6- رفع شركات التأمين للرسوم مما يضع العديد من الشركات في مهب الإفلاس.
7- تضاعف كلفة النقل البحري للسلع المنقولة الذي سيؤدي حكماً إلى ارتفاع أسعار الاستهلاك عالميّاً.
8- زيادة كبيرة في تكلفة النقل الجوي.
في نتيجة أوليّة للعدوان على اليمن واشتعال المنطقة، سيتكبّد العالم تكلفة باهظة على المستوى المعيشي وسلاسل الإمداد والتوريد. لكن الأخطر من ذلك هو إمكانية تضرّر كابلات الانترنت والاتصالات الضخمة الممدودة في البحر الأحمر، والتي تشكّل 30% من شبكة الانترنت العالمية، وتؤمّن اتصال نحو ثلث العالم ببعضه، من النواحي الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والعلميّة والتكنولوجيّة.
والسؤال الجوهري الذي يُطرح، ألم يكن من الأسهل والأفضل إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة بدلاً من المغامرة بكل اقتصاد العالم؟
إنّ العدوان الأمريكي – الغربي على اليمن، بحجّة العمليات المساندة لفلسطين في باب المندب، مرتبط أساساً بالفكر الاستعماري وإجبار العالم على القبول بالتحالف الدولي ضد الشرق الأوسط واستمرار العدوان على غزّة. ويهدف بشكل واضح وأساسي أيضاً إلى فرض حصار مباشر وغير مباشر على الصين.
* المصدر: الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب