أزمة البحر الأحمر تربك الرياض: استنفار متجدّد بوجه أبو ظبي
السياسية:
أحمد الحسني*
يبدو أن اتّساع رقعة المواجهة بين صنعاء وواشنطن في البحر الأحمر، أفقد الرياض قدرتها على اتخاذ موقف واضح من تلك التطورات. ليس هذا فحسب، بل إن السعودية باتت مرتبكة نتيجة اشتعال المواجهة في تلك المنطقة، والتي تمخّض عنها العدوان الأمريكي – البريطاني على اليمن، إذ دخلت المملكة في مرحلة أقرب إلى التكتيك في التعاطي مع الأزمة، خصوصاً أنها كانت قد رسمت مساراً استراتيجياً خاصاً للتعامل مع الملف اليمني، بعيداً عن «الرباعية»، التي تضم إلى جانب الرياض، واشنطن ولندن وأبو ظبي. ولعلّ ملامح هذا المسار تتمثّل في اتجاهين: الأول تطبيع العلاقة مع صنعاء وطيّ صفحة الحرب، والثاني مواجهة الواقع الذي تسعى أبو ظبي إلى تثبيته في المحافظات الجنوبية المحتلة عبر «المجلس الانتقالي الجنوبي» وبقية حلفاء الإمارات.
غير أن التطورات الأخيرة حرفت مسار اهتمام المملكة، خصوصاً أن المواجهات في الوقت الراهن تحتدم في البحر الأحمر، وهي المنطقة التي تبني عليها الرياض آمالها العريضة، المتمثّلة في مشروع «نيوم» والمشاريع السياحية الأخرى، فيما رؤية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لا تتعارض فقط مع استمرار الحرب في اليمن، ولكن مع كل التصعيد في المنطقة، وهو ما أكّده وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، بقوله إن أولوية المملكة وقف التصعيد في البحر الأحمر، وربطه هذا الأخير بالحرب في غزة.
وفي خضمّ تلك التطورات، لم تترك الرياض الملعب الجنوبي، لأبو ظبي، التي يبدو أن رياح واشنطن جاءت بما تشتهيه سفنها في اليمن، إذ إن الإمارات، حتى قبيل التطورات الأخيرة في البحر الأحمر، كانت تعارض بشدّة خطوات السعودية تجاه السلام. ولربما انتبهت الأخيرة إلى خطورة تمدّد نفوذ أبو ظبي نحو المحافظات الشرقية من الجنوب اليمني المحتل؛ ولذا، دفعت بالقوى الحليفة لها إلى إعلان ما يسمى «المجلس الموحّد للمحافظات الشرقية في اليمن»، من أجل «الإسهام في تحقيق تطلعات وأهداف أبناء تلك المحافظات»، وفق بيان المجلس، الذي أوضح أن هذا الأخير «مشروع سياسي ومجتمعي يهدف إلى توحيد جهود المحافظات الأربع: حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى» في كيان واحد للتصدي لمراكز النفوذ الساعية للسيطرة على مقدرات هذه المناطق وسلب قرارها. أيضاً، دفعت الرياض بأكثر من مئتي شخصية من الشرق، إلى إصدار بيان يرفض ضم محافظاتها إلى سلطة «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات.
ويبدو أن السعودية تتخوّف من تعاظم الصراع بين «أنصار الله» والولايات المتحدة وحلفائها، ليلقي بظلاله على الواقع الميداني في الداخل اليمني. وحتى لا تخرج خاسرة بعد سنوات من الحرب التي تقودها في اليمن، سعت إلى الحفاظ على حصّتها في المحافظات الشرقية، بعد أن خاضت مواجهات مسلحة ضد حلفاء الإمارات، من أجل صيانة نفوذها في تلك المناطق. ولم تقتصر هواجس الرياض على ذلك فقط، بل إنها أيضاً تتخوّف من إطالة أمد الصراع في البحر الأحمر، وامتداده ليشمل مضيق هرمز، الأمر الذي يشكّل بالنسبة إلى السعودية تهديداً قومياً لمصالحها. ولذا، فهي سارعت إلى تنشيط المشروع القديم الذي جُمّد تحت الضغط الشعبي والرسمي اليمني، والمتمثّل في مدّ أنابيب النفط السعودي عبر أراضي محافظة المهرة وصولاً إلى ميناء نشطون المطل على البحر العربي.
وكشفت مصادر عسكرية في محافظة المهرة، لـ«الأخبار»، عن توجيهات عاجلة من قبل السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، قضت بتدشين البنية التحتية لمدّ الخطوط مجدداً.
* المصدر: الاخبار اللبنانية
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر