السياسية || تقرير: صباح العواضي

بعد الحرب العالمية الثانية شهد العالم تدخلا مكثفا من قبل أمريكا في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة في منطقة الشرق الأوسط واعتبرت المنطقة ضمن الملكية الخاصة وأكثرها استراتيجية وأهمية.

والمتتبع لتاريخ أمريكا في المنطقة يجد أن مطلع القرن الماضي قد حدد الملامح الكونقراطية الأمريكية لتحقيق أهداف اقتصادية منها الاستيلاء على الثروات النفطية في دول الخليج والعراق واليمن إلى جانب تلك الأهداف الشيطانية لنشر الرذيلة والفساد والافساد متخذة من الحرب الناعمة وسيلة استراتيجية لرسم الخطط وتنفيذها على المدى الطويل.

وأثناء التوقيع على برتوكول الاتفاق البترول (الأنجلو– أمريكية) بين أمريكا وبريطانيا في الثامن من شهر أغسطس عام 1944 قال الرئيس الأمريكي السابق روزفلت “النفط الفارسي… لكم، سنتشارك نفط العراق والكويت، أما نفط السعودية فهو لنا”.

وبهذا الاتفاق تم تقسيم ثروات المنطقة ما بين بريطانيا وأمريكا باستخدام كل الأساليب للسيطرة والاستحواذ على تلك الثروات بدءً من الاحتلال المباشر أو من خلال افتعال الحروب بمسمياتها المتنوعة واستحداث المبررات والحجج لتفرض نفسها كزعيم يأمر وينهي وينتهك السيادة الوطنية ويفرض الوصاية والتدخلات وصلت إلى التدخلات في الانتخابات السيادية لتك البلدان حسب مقتضيات السياسة الأمريكية وبما يتوافق مع مصالحها.

 

قواعد عسكرية

اختارت امبراطورية الحرب “أمريكا” القواعد العسكرية لضمان تواجد قواتها العسكرية والبقاء فترة طويلة، وفي هذا السياق ذكرت تقارير إعلامية أن التواجد الأمريكي المنتشر حول العالم بلغ 200 ألف جندي منهم ما بين 60 ألف إلى 70 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط.. فيما بلغ عدد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وحدها 75 قاعدة عسكرية، إضافة إلى تواجدها الدائم في دول الخليج ليبلغ تعداد موظفيها الدائمين أكثر من 10 آلاف يتبعون البنتاغون.
وتحتل البحرين المرتبة الأولى بعدد 4700 أمريكي إضافة إلى التواجد الأمريكي الدائم في الدول العربية والإسلامية كمصر والأردن وجيبوتي والصومال وتركيا وأفغانستان.

 

سجل أمريكي أسود

السجل الأسود لأمريكا منذ تأسيسها حافل بجرائم خطيرة وصلت إلى حد استخدام واشنطن أسلحة دمار شامل محرمة دوليا بموجب مواثيق الأمم المتحدة منتهكة حقوق الإنسان، وخلقت صراعات دائمة في المنطقة العربية والدول الإسلامية التي احتلتها بدواع واهية منها مؤامرة مكافحة الإرهاب الإسلامي التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي بوش الابن عقب أحداث 11 سبتمبر 2003، والتي كانت بمثابة حرب صليبية شاملة استهدفت الإسلام والأمة الإسلامية، وقد كشفتها ثورة الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي آنذاك بعد هرولة الحكام العرب من ممالك وإمارات وتسابقهم على إعلان تأييدهم لقرار أمريكا ليطلق بعدها شعار الصرخة في وجه الطغيان والاستكبار الأمريكي، وكانت هذه المرحلة هي بداية لمراحل المواجهة مع أمريكا الشيطان الأكبر في اليمن إلى يومنا وضمن أهداف ثورة الواحد وعشرين من سبتمبر بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

تحالفات

انشأت أمريكا تحالفات دولية لخوض حروب بالوكالة بدءً من التحالف الذي أنشأ عام 1990م في الكويت والتي سميت بحرب الخليج الثانية أو أم المعارك أو حرب تحرير الكويت وأطلق عليها عسكريا أيضا اسم عملية “درع الصحراء” بقيادة أمريكا وحلفائها من الغرب والدول العربية.
وخلال الحرب العشوائية لتحالف العدوان على اليمن من قبل ١٧ دولة عربية وإسلامية بزعامة السعودية والإمارات أو ذلك التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق عام 2014، مما أدى إلى تقويض حقوق السكان المحليين في الحياة والصحة والكرامة وحرية المعتقد الديني عبر قصف جوي واغتصابات وقتل وتعذيب الأسرى وارتكاب جرائم إبادة جماعية باستخدام أسلحة محرمة دوليا وكانت نتيجة تلك الحروب ملايين الشهداء والجرحى والمهجرين قصريا أو المسجونين في سجون خصصتها لمتهمين بجريمة الإرهاب الاسلامي كمعتقل “غوانتانامو” وغيرها الكثير وتحت حماية منظمة الأمم المتحدة.
لم تقتصر جرائم أمريكا على الشرق الأوسط فقط، حيث تجاوزت جرائم واشنطن الجغرافيا السياسية لتطال حقوق الإنسان في اليابان وفيتنام، حيث ارتكبت أمريكا في 16 مارس 1968م، مجزرة ماي- لاي في فيتنام الجنوبية، ودعمت قصف يوغوسلافيا من قبل قوات الناتو عام 1999م وغيرها من الجرائم التي تدمي لها القلوب وآخرها مساندة ودعم الكيان الصهيوني في جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين وخصوصا الأطفال والنساء في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب منذ أكتوبر الماضي.
وتقدم أمريكا دعم سنوي لإسرائيل يقدر بأكثر من 3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي، وتشاركها التدريبات العسكرية والبحوث العسكرية وتطوير الأسلحة كل ستة أشهر، إضافة إلى أنها تعد أكبر شريك تجاري للكيان الصهيوني بموجب اتفاقية التجارة الحرة في عام 1985م وكذلك تتبادلان البحوث العلمية والثقافية.
ومؤخرا تعهدت أمريكا فور بدء معركة طوفان الأقصى المباركة التي أطلقتها حركة المقاومة الفلسطينية عبر جناحها العسكري كتائب القسام في السابع من أكتوبر الماضي بتقديم أسلحة ومساعدات قيمتها 14.3 مليار دولار إلى جانب المساعدات السنوية، وجلبت أساطيل وحاملات أسلحة ومعدات حديثة وقامت بإنشاء تحالفات لمواجهة تداعيات البحر الأحمر بعد أن تدخلت اليمن رسميا دعما لطوفان الأقصى ومواجهتها بشكل مباشر.

 

معتقدات دينية

وارجعت تقارير نقلها وسائل إعلامية عربية التواجد الأمريكي في المنطقة لحماية الكيان المحتل منذ نشأته قبل 70 عام إلى وجود رابط ديني بين اليهودية البروتستانتية المسيحية في أمريكا والتي تؤمن بضرورة التعجيل بسيطرة “إسرائيل” الكاملة على كل أرض فلسطين المقدسة إيمانا منها بأن هذا يسرع من عودة المسيح الثانية كونهم شعب مختار مثلهم مثل اليهود وأن الرب يبارك أمريكا وأنهم مباركون من الرب وأن نجاح الصهاينة هو نجاح للأمريكيين.

 

طوفان الاقصى يسحق كبريا الصهيوأمريكي

وخلال العمليات الإجرامية التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة كشفت المقاومة الإسلامية عن عجز امبراطورية الحرب أمام الخطوات التصعيدية لمحور المقاومة في الانتصار لغزة وسحقت كبرياء الدولتين المتغطرستين على مدى الثلاثة أشهر الماضية.
كما كشفت المقاومة جانب مهم من تنسيق الساحات لدول والتي نسفت الوهم الذي صنعته أمريكا وإسرائيل بقوتها المزعومة بدء من اليمن والعراق ولبنان وسوريا واسناد من جمهورية إيران الإسلامية.

 

المارد اليمني

وفي اليمن انتصر المارد اليمني خلال مساندته لأهالي قطاع غزة جنبا إلى جنب مع المقاومة الإسلامية، وكان دور اليمن محوري وذو أهمية قصوى أفقد القوة الردعية لأمريكا وكشف عن عجزها بعد أن نجح في حصار ميناء أم الرشراش المحتل المسمى حاليا “ايلات”، والذي أصبح خاليا من حركة الملاحة البحرية حسب تصاريح وسائل إعلام عبرية بعد استهداف صنعاء السفن الإسرائيلية والسفن المتوجة إلى الأراضي المحتلة، إلى جانب الضربات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية المتوالية في عمق الكيان المؤقت ردا على استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمطالبة بفك الحصار عن القطاع والسماح بدخول المواد الغذائية والأدوية.
الضربات اليمنية والمواقف الرسمية والشعبية دفعت أمريكا إلى انشاء تحالف دولي بذريعة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر رغم تواجد قواعد عسكرية متعددة لحماية الملاحة منذ عقود، إلا أن تلك التحركات هدفها إيقاف العمليات اليمنية وفك الحصار عن الموانئ في الأراضي المحتلة.
ورغم ذلك أبدت العديد من الدول المتحالفة مع أمريكا مواقفها في عدم الانخراط بحرب في البحر الأحمر الأمر الذي يكشف ضعف واشنطن وتهاوي الهيمنة التي كانت تعرف بها أمريكا أمام قوة الردع اليمنية العسكرية التي تقول وتنفذ ما تقوله.