الفلسطينيون يودعون عاماً مُثقلاً بالدماء والدمار
السياسية: مرزاح العسل
على مرأى ومسمع العالم وبالتزامن مع استمرار العدوان الصهيوني الأمريكي الهمجي على قطاع غزة والذي دخل يومه الـ94 على التوالي.. ودع الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس وكل الأراضي المحتلة عاماً مثقلاً بالدماء والدمار والاعتقالات والانتهاكات الصهيونية، بدعم دول الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا.
وودعت غزة الجريحة العام ذاته، بقائمة مُثقلة بعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين والأسرى والمُهجرين قسرياً، “ودماراً يضاهي، إن لم يكن أعلى من مستويات الدمار التي لحقت بالمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)”.. وفق تصريح ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.
وفي حين يستمر نزيف الضفة الغربية المحتلة مع استمرار العدو الصهيوني في القتل والاعتقالات والتهجير والاستيطان ونهب الأراضي والثروات، يواصل العدو ذاته عدوانه على قطاع غزة، لليوم الـ94 على التوالي، بحيث يشنّ الغارات الهستيرية على مختلف المناطق، ما يسفر عن استشهاد وإصابة المئات، في مجازر وحشية معظم ضحاياها من النساء والأطفال.
وبحسب ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الإثنين، فقد ارتفعت حصيلة شهداء العدوان الهمجي على القطاع إلى 23.084، والجرحى إلى 58.926، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ومنذ اندلاع الحرب الصهيونية المدمرة على قطاع غزة والمدعومة أمريكياً، كثّف جيش العدو الصهيوني عملياته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وزاد من وتيرة اقتحاماته ومداهماته والاعتقالات، كما كثف قطعان المستوطنين الصهاينة من انتهاكاتهم بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وفي هذا السياق.. أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان في مؤتمر صحفي عقده اليوم الإثنين، في مقر مركز الإعلام الحكومي في رام الله بالضفة الغربية، مستعرضا التقرير السنوي للانتهاكات الصهيونية، أن 12 ألفاً و161 اعتداء نفذتها سلطات العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيها ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية بما فيها القدس خلال العام المنصرم 2023.
وقال شعبان: إن “الانتهاكات الصهيونية في العام 2023 شكلت وعلى كافة الأصعدة، منعطفاً خطيراً على المستويات التشريعية والعملياتية التنفيذية على الأرض، ضاربة بعرض الحائط أبسط أخلاقيات التعامل في الحروب والأزمات والنزاعات”.
وذكر أنه خلال العام المنصرم نفذت سلطات العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيها 12 ألفا 161 اعتداء منها 5308 بعد السابع من أكتوبر الماضي، بينها 2410 اعتداء نفذها قطعان المستوطنون.
وأشار إلى أن 22 فلسطينيا استشهدوا برصاص المستوطنين خلال العام الماضي بينهم عشرة بعد السابع من أكتوبر.. لافتاً إلى أن 25 تجمعاً بدوياً تم تهجيرهم في الضفة الغربية وبادية القدس المحتلة خلال العام ذاته، بينهم 22 تجمعاً بعد السابع من أكتوبر.. مع العلم أن هذه التجمعات تضم 266 عائلة، بما مجموعة 1517 فردا، وفق المسؤول الفلسطيني.
وتابع شعبان: “هذا يدل على الشكل الذي أخذه إرهاب المستوطنين كمهمة قذرة تم إيكالها لهم من المستوى الرسمي في كيان الاحتلال”.. مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال والمستوطنين قطعوا وأتلفوا خلال العام المنصرم، 21731 شجرة في الأراضي الفلسطينية من ضمنها 18964 شجرة زيتون.
وأوضح أن سلطات العدو الصهيوني أصدرت خلال العام المنصرم، 1330 إخطارا لهدم منشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص، فيما نفذت 514 عملية هدم، شملت 659 منشأة في الضفة الغربية بما فيها القدس.
كما أشار إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها القدس بلغ 730 ألفا و330 مستوطنا موزعين على 180 مستوطنة، و194 بؤرة منها 93 بؤرة رعوية، وأقام المستوطنون الصهاينة خلال العام المنصرم 18 بؤرة استيطانية جديدة، ثمان منها أقيمت بعد السابع من أكتوبر، بينها 14 بؤرة رعوية.
وأفاد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بأن سلطات العدو صادرت خلال 2023 ما يزيد عن 50 ألفاً و524 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) تحت مسميات (إعلان محميات طبيعية، أوامر استملاك، أوامر وضع يد).
واعتقلت قوات العدو اليوم الإثنين، 40 فلسطينيا في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، لترتفع حصيلة معتقلي الضفة منذ مطلع العام المنصرم أكثر من عشرة آلاف و500 فلسطيني وفلسطينية، بينهم 5730، بعد طوفان الأقصى، ونحو 5400 في الشهور التسعة الأولى من العام الماضي، بحسب نادي الأسير الفلسطيني، في حين يقدر عدد من هم داخل السجون حاليا بنحو 7800، يضاف إليهم أكثر من 2600 معتقل من قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر.
ويقول نادي الأسير: إن عمليات الاعتقال تركزت في محافظة بيت لحم، فيما توزعت بقية الاعتقالات على محافظات رام الله وقلقيلية ونابلس والخليل وجنين والقدس، رافقتها عمليات اقتحام واسعة، وعمليات تحقيق ميداني.
ويضيف: إنه “رافق حملة الاعتقالات تنفيذ عمليات تنكيل واسعة، واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين ومصادرة الأموال والمركبات”.. مشيراً إلى أن قوات العدو الصهيوني اعتقلت منذ مطلع العام الجاري ما لا يقل عن 230 فلسطينياً.
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أفاد في بيان له السبت، بأن عدد المعتقلين الإداريين خلال العام 2023 هو الأعلى منذ سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
ويؤكد خبراء فلسطينيون أن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة “ذاهبة نحو الانفجار”، جراء استمرار انتهاكات العدو الصهيوني فيها، وانعكاسا لحربه المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والتي أوقعت عشرات الآلاف من الضحايا.
ويقول الخبير الفلسطيني جهاد حرب لوكالة الأناضول التركية: إن “الضفة الغربية ذاهبة وبتسارع نحو انفجار كبير”.. مُرجعاً ذلك إلى عدة عوامل أهمها “اعتداءات المستوطنين، والوضع الاقتصادي، وما يتعرض له الفلسطيني من إهانات صهيونية لكرامته، إضافة إلى ما يجري في قطاع غزة”.
ويضيف حرب: إن “الانفجار في الضفة قد يكون بعدة أشكال، منها المواجهة الشعبية، أو المواجهة المسلحة”.. مشدداً على أن “المواجهة المسلحة هي السمة الأغلب في أي انفجار، لما تحظى به من تأييد عالٍ من الجمهور الفلسطيني”.
ويشير الخبير الفلسطيني إلى أن الانفجار يعني انخراطا كبيرا للجمهور الفلسطيني في المواجهة، بما في ذلك أبناء حركة “فتح”، وهم الأوسع تنظيما في الضفة الغربية.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية بمحافظة جنين، أمجد أبو العز: إن “الضفة تعيش حالة من الغليان، والأمور متوترة حتى قبل السابع من أكتوبر، جراء عربدة المستوطنين والانتهاكات الصهيونية المتكررة”.. مضيفاً: إن “الانفجار مسألة وقت ليس أكثر، وقد يكون وقتا قصيرا”.
وأشار إلى أن هناك “عدة عوامل تدفع نحو الانفجار، أبرزها ممارسات المستوطنين وعربدتهم، وحملهم للسلاح”.. مؤكداً وجود “مخاوف رسمية فلسطينية وصهيونية وأمريكية، من خروج الوضع في عموم الضفة الغربية عن السيطرة”، ولفت إلى أن “الضفة حبلى بالمفاجآت، نتيجة توفر السلاح”.
الجدير ذكره أنه مثلما كان العام المنصرم 2023 ثقيلا على الفلسطينيين من حيث المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في غزة والانتهاكات في الضفة الغربية والقدس، فقد كان عام انتصار المقاومة التي شنت أكبر هجوم وكبّدت العدو أكبر الخسائر والهزائم في تاريخه.