السياسية:
رشيد الحداد*

 

استبقت صنعاء هجوماً عسكرياً محتملاً على اليمن من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، بتظاهرات شعبية شارك فيها ملايين اليمنيين، أُضيفت إلى الاستعدادات العسكرية للمواجهة، وأكدت فيها جهوزيتها للدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء أجنبي، ملوّحةً بحرب استنزاف طويلة المدى لن تنتهي قبل كسر الهيمنة الأمريكية والبريطانية في البحرَين الأحمر والعربي وفي المنطقة برمتها.

وبعد ساعات من إعلانها من ضفاف البحر الأحمر تدشين «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس إسناداً لطوفان الأقصى»، ردّت صنعاء على التهديدات الأمريكية والبريطانية الأخيرة بتظاهرات ضخمة دعا إليها قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، لأول مرة منذ دخول اليمن المواجهة دفاعاً عن غزة.

وشهدت العاصمة اليمنية ومختلف الميادين في 13 محافظة واقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، مسيرات مليونية مؤيدة لعمليات القوات البحرية ضد السفن الإسرائيلية.

وجدد المشاركون في المسيرات التفويض لقائد حركة أنصار الله باتخاذ كل الخيارات لردع أي اعتداء أمريكي وبريطاني على البلاد، والاستمرار في إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية.

كما أكد بيان صدر عن مليونية «ميدان السبعين» جهوزية الشعب اليمني لخوض المعركة إلى جانب القوات المسلحة. أما «معركة الفتح الموعود»، فتنفّذها صنعاء على عدّة مراحل، بدأت بمنع القوات اليمنية مرور السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ الاحتلال حتى وقف الحرب على قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه، وفرضها سيادتها على المياه الإقليمية وفقاً للقانون الوطني البحري، وتأمل أن تفضي إلى إنهاء الوجود الأجنبي الأمريكي والبريطاني ومَن تحالف مع تلك الدول في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن، وصولاً إلى إنهاء أيّ وجود أجنبي على الأراضي والجزر اليمنية.

وفي إطار تداعيات هذه المعركة، نقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن مسؤولين أمريكيين التعبير عن قلقهم من دخول القوارب المسيّرة المعركة. كما نقلت عن مصادرها القول إن «الحوثيين نشروا لأول مرة زورقاً مسيّراً عن بعد، قبالة سواحل اليمن».

وأكدت مصادر في صنعاء، بدورها، لـ«الأخبار»، أن «هذا السلاح الاستراتيجي لم يدخل المعركة بشكل رسمي، وهو أحد أسلحة معركة الفتح الموعود. تملك صنعاء عدداً من الطرازات من القوارب المسيّرة المتطوّرة، والبعض منها بدأت عملية إنتاجه عام 2016، ولم يكشف عنه للعلن إلا في العام الجاري».

قوات صنعاء رصدت سفناً حربية دولية تعيد تمركزها في شمال البحر الأحمر وجنوبه

وفي الوقت الذي أوشكت فيه القوات الأمريكية والبريطانية على الانتهاء من الاستعداد لشن هجوم على اليمن، أكد قائد المنطقة العسكرية اليمنية الخامسة اللواء يوسف المداني، أن قواته على أتمّ الجهوزية للتعامل بحسم مع «العدوّ الأمريكي والبريطاني».

واستعرض مسرح العمليات العسكرية الذي يمتدّ من البحر الأحمر حتى الأراضي الفلسطينية المحتلة، معلناً أن «القوات المسلحة اليمنية ستكتب المقدّمات الضرورية للتاريخ المعاصر».

وبالتزامن، توعّد وزير الدفاع في حكومة صنعاء، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، بأن ردّ القوات المسلحة على الاعتداء الأمريكي على منتسبي القوات البحرية سيكون قاسياً ومتمكناً من مكامن الوجع والألم، وبأساليب قتالية فوق احتمالهم وحساباتهم العسكرية».

وأتى ذلك فيما كشفت مصادر عسكرية في العاصمة، لـ«الأخبار»، أن «قوات صنعاء رصدت سفناً حربية دولية تعيد تمركزها في شمال البحر الأحمر وجنوبه، وفقاً لخطة انتشار جديدة، وهو ما يعكس قرب انتهاء الاستعدادات الأمريكية والبريطانية لشن ضربات عسكرية ضد قوات صنعاء».

في هذا الوقت، وبإيعاز أمريكي – بريطاني، أصدر ما يسمى «المجلس الرئاسي» الموالي للتحالف السعودي – الإماراتي بياناً سياسياً تبرّأ فيه من الهجمات التي تشنّها قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية، ووصفها بالأعمال التي «تقوّض الأمن البحري وتعرّض الملاحة الدولية للخطر»، وهو ما أثار سخط العشرات من الناشطين الموالين لـ«الرئاسي»، والذين اعتبروه داعماً لأعمال عدائية ضد اليمن، وقوبل برفض نائب رئيس البرلمان الموالي لـ»التحالف»، عبد العزيز جباري، الذي أكد رفضه المطلق «لشرعنة أيّ عمليات عسكرية ضد اليمن»، وأكد أن الموقف الذي تبنّته حركة «أنصار الله» ضد إسرائيل موقف جامع، داعياً اليمنيين الموالين لـ»التحالف» إلى دعم قرار منع مرور سفن الكيان نصرةً لفلسطين.

لكن رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، المرتزق عيدروس الزبيدي، كرّر عرضه على تل أبيب وواشنطن القيام بدور بارز في حماية المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل دعم مشروع انفصال الجنوب الذي ترعاه الإمارات، زاعماً في كلمة أمام «مجلس العموم» الذي شكله برعاية أبو ظبي الأسبوع الماضي، أن عمليات صنعاء البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر «تهدّد الأمن الغذائي الجنوبي».

وفي الوقت ذاته، عرضت ميليشيات طارق صالح في الساحل الغربي قوارب عسكرية بحرية تجوب سواحل الخوخة ومناطق قريبة من جزيرة حنيش في مهمة لحماية سفن الكيان الإسرائيلي. وأثار ذلك سخطاً شعبياً واسعاً، دفع صالح إلى تبرير الانتشار بأن هدفه حماية السواحل اليمنية والجزر.

من ناحية ثانية، أعلنت شركة «ميرسك» الدنماركية العملاقة للشحن أن سفنها، التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر، ستحوّل مسارها نحو رأس الرجاء الصالح في إفريقيا، مشيرة إلى أن «كل المعلومات المتوافرة تؤكد أن الخطر الأمني (في البحر الأحمر) يبقى عند مستوى مرتفع بشكل ملحوظ».

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة نقلت حرفيا من المصدر