السياسية || محمد محسن الجوهري

 

في ديسمبر 2008، شنت “إسرائيل” عدوانها الدامي على قطاع غزة باسم عملية “الرصاص المصبوب”، والتي استمرت 22 يوماً، وراح ضحيتها 1200 من نساء وأطفال غزة.

في حينها كان محمد حسني مبارك قد أحكم قبضته على حكم مصر، وسيطر على مؤسسة الدولة كافة، بما فيها مجلس الشعب وسائر المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمراجع الدينية والإعلام الموالي والمعارض، ولم تبق أي هيئة رسمية أو غير رسمية خارج سيطرته، وكان من المستحيل في الظاهر أن يسقط حكمه الذي سيستمر حتى آخر أيامه في الحياة، ومن ثَمَّ ينتقل لنجله جمال، والذي بدوره قد نظَّم علاقاته مع اللوبي الصهيوني في واشنطن وبات عضواً في النادي “الروتاري”، أحد منتديات الماسونية العالمية.

أغفل مبارك جانب العدالة الإلهية فكان سقوطه الأخلاقي الكبير، والذي تجلى في حصاره لغزة، ومشاركته “إسرائيل” في كل مجازرها في ذلك العام، لتتبخر بعدها أحلامه وأحلام عائلته كافة ويخرج من السلطة إلى السجن ثم إلى المحكمة الإلهية.

واليوم التاريخ يعيد نفسه، ويرتكب عبدالفتاح السيسي حماقة سلفه الطالح ويشاركه السقوط الأخلاقي نفسه، ولا ريبَ أنه سيشاركه المصير نفسه عما قريب، ولو كان الأمر يبدو مستحيلاً في الوقت الراهن.

لقد تجاوز السيسي كل المعايير الأخلاقية، وذهب بعيداً في حصاره لغزة، ومنع وصول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة ما يعني ضلوعه في أكبر مأساة تشهدها البشرية على يد اليهود الصهاينة.

ولأنَّ سنّة الله في خلقه لا تتبدل، فمصير عبدالفتاح السيسي لن يختلف كثيراً عن مصير محمد حسني مبارك، فالخاتمة لا شك نفسها إن لم تكن قاصمة السيسي أدهى وأمر.

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه؛ من سيخلف السيسي لحكم مصر؟

لا شك أن السواد الأعظم من الناس يؤمن بأن جماعة الإخوان هي الأقرب لذلك، لما تمتلكه من رصيد قمعي على يد نظام السيسي، ولخلو الساحة من أي تيار ديني موازٍ لها في الكم والكيف، إضافة إلى وصولها إلى السلطة من قبل بين عامي 2012 و2013.

في حال نجحت الجماعة في الإطاحة بحكم السيسي، فعليها هذه المرة أن تكون أكثر حصافةً من ذي قبل، وتَجنب أخطاء المرحلة الماضية وأولها التعامل بحذر مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية، فقد أثبت التاريخ أن الرياض العدو الأول للجماعات الإسلامية، وأن مشروعها التفريق بين أبناء الأمة خدمةً للصهاينة.

كما ينبغي على الإخوان الحذر من المؤسسة العسكرية، فقد أثبت التاريخ أن الجيش المصري لا يعادي إلا أبناء الأمة، ولا يستفيد من ترسانته إلا أعداؤها.

من ناحية أخرى، قد تُبرز الساحة الداخلية في مصر تياراً آخر مناصراً للقضية الفلسطينية يكون الخلاص على يديه.
وفي كل الأحوال، فإن الأيام الفترة المقبلة في مصر حبلى بأحداث كبار، والسبب غزة، لما تعرض له أهلها من الظلم على يد اليهود وأذنابهم، وإن غداً لناظره قريب.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب