السياسية:

أهل غزة يعانون اليأس والخوف والحزن والإحباط والجوع. وإذا كانت علل الروح تبقى بلا دواء شاف وعاف، وجروح النفس تتحول عرضاً مزمناً تخف وطأته ربما لكنها لا تزول، فإن آلام الجوع وأوجاع البطون الفارغة وآثار غياب المكونات المغذية في طعام الصغار والكبار لها علاجات، فقط تحتاج إرادة يبدو أنها غائبة.

غابت إرادة إشباع بطون 2.2 مليون شخص لا يعيشون في أدغال قارة نائية أو في أحراش جزيرة منفصلة عن العالم المتحضر، بل يوجدون في قلب الشرق الأوسط، تلك المنطقة الوسط بين قارات العالم القديم والحديث الرابطة بين شرق العالم وغربه.

تناقض الغروب في غزة

غروب الشمس في غزة يحمل تناقضين: الأول ذعر شديد من قصف غير مرئي أو تفجير غير معلوم في ظلام الليل، والثاني راحة نسبية للأمهات حيث ساعات النوم، حال استمرت هذه الساعات، تخفف من انفطار قلوبهن بطلب الصغار قليلاً من طعام لم يعد موجوداً.

استنفد أهل غزة كل موارد الطعام، وانهارت سبل عيشهم، ودمر معظم المخابز، وأصبحت محلات البقالة والسوبر ماركت فارغة، ومسألة العثور على طعام –أي طعام– باتت مستعصية. هذه التفاصيل ليست صادرة عن جهات رسمية فلسطينية قد تحمل شبهة التسييس نصرة لشعبها أو جاءت على ألسنة أهل القطاع في فيديوهات مصورة تستدعي شكوكاً في احتمال المبالغة. إنها تفاصيل مشاهدات ومعايشات المنظمات الأممية غير المسيسة المنزهة عن التحيز.

لا مجال للتحيز أمام مشهد الأيدي البشرية المسلح كل منها بعلبة بلاستيكية قديمة أو وعاء طبخ متهالك يلوح بها في الهواء أملاً في أن يحظى بمغرفة من الطعام الذي جهزه أحدهم لأغراض كانت خيرية قبل الحرب، ثم باتت إنسانية ضرورية بحتة بعد “طوفان الأقصى”.

تكايا الطعام

التكايا أو مبادرات إطعام الفقراء سابقاً، والنازحون الذين يعانون الجوع حالياً، كانت حتى أسابيع قليلة مضت نقطة أمل تحمل إمكانات سد جزء من الرمق، لكن حتى الرمق ساءت حالته. تكايا الطعام التي تقيمها مبادرات خيرية في جنوب غزة لم تعد قادرة وحدها على إطعام الآلاف الذين نزحوا لينجوا بأنفسهم من موت شبه محقق في قصف وحرب لا ترحم، فإذ بهم يواجهون موتاً من نوع آخر.

“الموت جوعاً” كانت حتى وقت قريب مضى عبارة قوامها المبالغة، والغرض منها الدلالة على شدة نقص الطعام، لكنها أصبحت خطراً إضافياً يلوح في أفق أهل غزة.

حتى أيام قليلة مضت، تم تصنيف أكثر من 25 في المئة من الأسر في غزة باعتبار أنها “تعاني الجوع الشديد”، وتحديداً، استنفد 577 ألف شخص من أهل غزة إمداداتهم الغذائية، وقدراتهم على التكيف ويواجهون جوعاً كارثياً. ونصف السكان حالياً يعانون درجة من درجات الجوع، إذ يتناول تسعة من كل 10 فلسطينيين وجبة واحدة يومياً. وأعداد السكان الذين بدأوا يعانون ضعفاً جسدياً بسبب نقص الطعام آخذة في الزيادة، وهو مما يجعل أجهزتهم المناعية هشة ويفاقم تعرضهم للإصابة بالأمراض. وعلى أقل تقدير، يعاني كل سكان غزة البالغ تعدادهم 2.2 مليون شخص من أزمة غذاء ومعيشة حادة بعد مرور ما يقارب ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب.

تقرير “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” الصادر قبل أيام عن عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة بناء على تحليل ومعايشة للأوضاع في غزة يحمل أرقاماً مفزعة عن عدد الجوعى الحالي، والأعداد المستقبلية، وأعداد الأسر التي يأكل الأهل فيها وجبة واحدة أو نصف وجبة لتوفير الطعام لصغارهم، وكذلك أعداد المعرضة حياتهم للخطر بشكل مباشر حال استمر الوضع على ما هو عليه لمدة ستة أشهر أخرى.

لم يسبق لها مثيل

الأرقام مفزعة، لكن وراء كل رقم حياة إنسان وهو ما يجعلها أكثر فزعاً. كبير الاقتصاديين في “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة عارف حسين يقول إن “هذه ليست مجرد أرقام، هناك أطفال ونساء ورجال وراء هذه الإحصاءات المثيرة للقلق. تعقيد وحجم وسرعة هذه الأزمة أمور لم يسبق لها مثيل”.

لكن يبدو أن هذه الأمور مستمرة، إذ لا تلوح بشائر انفراجة انتهاء الحرب أو حل مستدام يقي أهل غزة شرور الموت قصفاً أو جوعاً، ما لا يقل عن 24 مخبزاً دُمرت بشكل كامل منذ اندلاع الحرب، ولم يبق سوى مخبز واحد فقط. كل الأنشطة التجارية توقفت، والمحلات فارغة تماماً، وحال وجود سلع غذائية، فإنها شحيحة وأسعارها مرتفعة للغاية.

ارتفعت توقعات البشرية قبل سنوات قليلة، وتحديداً حين أعلن عن النتائج التي حققها سكان الأرض في ما يختص بالأهداف الإنمائية للألفية. الهدف الإنمائي الأول كان “القضاء على الفقر المدقع والجوع”.
واحتفى العالم بإعلان خفض معدلات الفقر المدقع بأكثر من النصف منذ عام 1990، لكن بقي واحد بين كل تسعة أشخاص جائعاً. وتم الربط بين الفقر والجوع. وطالب قادة العالم ومؤسساته ومنظماته بالعمل بشكل أوقع وأسرع لمواجهة الجوع، لا سيما أن الفقر يقود إلى الجوع والعكس صحيح.
وبدلاً من توقع تحقيق تقدم على صعيد مواجهة الجوع الناجم عن الفقر أو تغير المناخ أو سوء توزيع الثروات، يطل حالياً جوع الحرب أو بالأحرى التجويع في الحرب.

الطعام أولى من الدواء

العاملون في منظمة الصحة العالمية من السكان المحليين الموجودين في غزة أفادوا بأن الحاجة إلى الغذاء في القطاع كله ماسة، وأن “السكان الجياع” أوقفوا قوافل المنظمة أثناء عبورها أملاً في الحصول على الغذاء.

وقال موظفو المنظمة إن “الحاجة إلى الغذاء لا تزال ماسة في جميع أنحاء قطاع غزة. ومرة أخرى، أوقف السكان الجياع قوافلنا اليوم على أمل الحصول على الغذاء”. وبحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية، فإن الجوع وحال اليأس التي وصل إليها الناس الموجودون في الطرق التي تسلكها قوافل المنظمة إلى المستشفيات وداخل تلك المستشفيات نفسها تضع حملاً إضافياً أمام قدرة المنظمة على توريد الأدوية والإمدادات الطبية والوقود لها.

وأضاف موظفو المنظمة كذلك –بحسب بيان لها- إن كل شخص تحدثوا إليه أثناء بعثاتهم في الأيام القليلة الماضية إلى شمال غزة كان يشعر بالجوع، وأينما حلوا، بما في ذلك المستشفيات وأجنحة الطوارئ، كان الناس يطلبون الطعام منهم. وقال هؤلاء الموظفون أيضاً “كنا نتحرك في جميع أنحاء غزة لإيصال الإمدادات الطبية، وكان الناس يهرعون إلى شاحناتنا أملاً في تكون حمولتها طعاماً”، وهذا مؤشر خطر.

الجوع ثم الكارثة

خطورة وصول مؤشر الأمن الغذائي لهذا النقص الحاد هو أعلى مستوى من الإنذار، وبعده تنفجر الكارثة. كارثة الجوع بين أهل القطاع تلوح في أفق الظروف الكارثية التي تصفها المنظمات الأممية ومؤسسات مجتمع مدني تصارع الزمن أملاً في إنقاذ ما ومن يمكن إنقاذه بـ”ظروف من صنع الإنسان”، إذ كان في الإمكان التنبؤ بها، من ثم تجنبها. منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” ترى أن الأعداد الكبيرة من أهل غزة (نحو 1.2 مليون شخص) الذين يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي تعني أن الأطفال والأسر يواجهون حالياً العنف من الجو والجرمان من الأرض، مع احتمال أن يكون الأسوأ لم يأت بعد.

وترى “يونيسف” أن عتبات المجاعة تم تجاوزها بالفعل، وهذا يعني أن خطر الموت جوعاً أصبح حقيقياً لآلاف الأسر في غزة. وتحذر المنظمة التي تعني بالطفولة أن جميع الأطفال في غزة دون سن الخامسة (نحو 335 ألف طفل) معرضون بشدة لخطر سوء التغذية الحاد والوفاة، وكلاهما يمكن تجنبه.

المتوقع في الأسابيع القليلة المقبلة مع استمرار الأوضاع الغذائية على ما هي عليه أن يعاني أكثر من 10 آلاف طفل دون سن الخامسة أكثر أشكال سوء التغذية المهددة للحياة، والمعروفة بـ”الهزال الشديد”، مما يعني انتقال المأساة من جوع يمكن مواجهته بمكونات غذائية إلى مرض يستوجب العلاج. وفي ضوء انهيار القطاع الطبي في غزة بشكل شبه كامل، فإن إضافة عنصر مرضي جديد للمأساة الطبية في غزة “أمر غير مقبول”.

غير مقبول لكن يحدث

كون الأمر غير مقبول لا يعني عدم حدوثه. ويكفي أنه، بحسب “يونيسف”، يعاني حالياً أكثر من 80 في المئة الأطفال الصغار في غزة نقصاً غذائياً حاداً، إضافة إلى أن أكثر من ثلثي المستشفيات خرج من الخدمة بسبب نقص الوقود والمياه والإمدادات الطبية الحيوية، أو لتعرضها لأضرار كارثية بسبب الهجمات، أو كليهما.

نقص الإمدادات وتواتر الهجمات وشبح المجاعة يخيم على الجميع في غزة، لكن تظل هناك فئات أكثر هشاشة وعرضة للتضرر المضاعف وعلى رأسها النساء الحوامل والمرضعات والأطفال. تقول “يونيسف”، إن ما يزيد على 155 ألف امرأة حامل وأم مرضعة و135 ألف رضيع دون سن الثانية في خطر مضاعف بسبب نقص الغذاء وعدم تلبية حاجاتهم الغذائية الخاصة.

لا آذان صاغية أو إرادة عازمة لدى “إسرائيل” والدول الداعمة لحربها في القطاع للحديث واتخاذ اللازم في ما يختص بشبح المجاعة الذي يلوح في أفق القطاع. وإذا كانت تضرب عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة ودعواتها ومطالبها، فإن تجاهلها التام لقرار رقم 2417 الصادر عن مجلس الأمن بالإجماع في مايو (أيار) عام 2018، الذي يقر بالصلة بين النزاعات والجوع، ويدين استخدام التجويع كسلاح في الحرب، أمر غير مستغرب.

نص القرار يستفيض في شرح العلاقة بين النزاعات المسلحة والصراعات بأنواعها وتعرض السكان المدنيين للجوع وما ينتج منه من أخطار صحية ونفسية كبرى تصل إلى الموت. وقتها عبر مجلس الأمن عن القلق البالغ من مستوى الجوع في العالم ووجود معظم الأشخاص الذين يعانون نقص الأمن الغذائي، و75 في المئة من الأطفال الذين يعانون التقزم دون سن الخامسة في دول الصراعات والنزاعات المسلحة.

وقتها أيضاً أعلن مجلس الأمن التزامه اتباع جميع السبل الممكنة لمنع نشوب النزاعات المسلحة وإنهائها، مؤكداً مسؤوليته الرئيسة عن صون السلام والأمن العالميين، والتزامه في هذا الصدد بمعالجة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن النزاع المسلح. واستطرد قرار مجلس الأمن 2417 في سرد أخطار التجويع في النزاعات المسلحة، مشيراً إلى أن تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال يمكن أن يشكل جريمة حرب.

وأكد أن “الاستجابة بفاعلية للحاجات الإنسانية في سياق النزاع المسلح، بما في ذلك التصدي في حالات النزاع المسلح لخطر المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الناجمين عن النزاع، تتطلب احترام أطراف النزاع للقانون الدولي الإنساني، وشدد على التزامات الأطراف حماية المدنيين والأعيان المدنية، وتلبية الحاجات الأساسية للسكان المدنيين الموجودين، والسماح بمرور الغوث الإنساني المحايد وتيسير مروره بسرعة ومن دون عوائق للوصول لجميع المحتاجين”.

هند صبري استقالت

يشار إلى أن مجلس الأمن فشل بشكل متكرر منذ اندلاع حرب القطاع في إصدار قرار بوقف النار. يشار أيضاً إلى أن الفنانة هند صبري أعلنت استقالتها من دورها كسفيرة للنوايا الحسنة لـ”برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة بعد 13 عاماً من تقلدها هذا المنصب الشرفي. وقالت إنها “منذ بداية الحرب على غزة شعرت مع زملائها في البرنامج بالعجز لعدم قدرتهم على القيام بواجبهم على أكمل وجه تجاه الأطفال والأمهات والآباء في القطاع”.

وقد أعلن “برنامج الأغذية العالمي” غير مرة عدم قدرته على القيام بمهامه في غزة بسبب تصعيد “إسرائيل” ضرباتها في القطاع. وقال نائب المدير التنفيذي للبرنامج كارل سكاو عقب زيارة للقطاع مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إنه “مع انهيار القانون والنظام فإن أي عملية إنسانية ذات جدوى باتت مستحيلة”، مشيراً إلى أنه “مع وصول جزء صغير للغاية من الإمدادات الغذائية اللازمة والغياب الصارخ للوقود وانقطاع أنظمة الاتصالات وانعدام الأمن لموظفينا أو الأشخاص في مراكز توزيع المواد الغذائية لا يمكننا القيام بعملنا”.

وجدد البرنامج تحذيره قبل ساعات من انتهاء عام 2023، إذ أكد مسؤولوه أنه لا يمكن تجنب خطر المجاعة وانهيار الخدمات الأساسية في قطاع غزة إلا بهدنة طويلة وعدم عرقلة دخول المساعدات ووصولها لمن يحتاجون إليها. وأضافوا أنهم “يسابقون الزمن لتجنب الانهيار والمجاعة”.

“منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” تعرف الجوع بأنه “إحساس جسدي غير مريح أو مؤلم بسبب عدم كفاية استهلاك الطاقة الغذائية. يصبح مزمناً عندما لا يستهلك الشخص كمية كافية من السعرات الحرارية (الطاقة الغذائية) على أساس منتظم ليعيش حياة طبيعية ونشطة وصحية. ويمكن الإشارة إلى “الجوع” أيضاً باسم نقص التغذية.

أما انعدام الأمن الغذائي فيحدث حين لا يتمكن الشخص من الحصول بانتظام على ما يكفي من الغذاء المأمون والمغذي من أجل النمو والتطور الطبيعي والعيش حياة نشطة وصحية. وقد يكون ذلك بسبب عدم توفر الغذاء و/ أو نقص الموارد للحصول على الغذاء. ويمكن أن تتفاوت حدة الشعور بانعدام الأمن الغذائي.

جريمة حرب

حتى “هيومان رايتس ووتش” حين قالت إن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين أسلوباً للحرب في قطاع غزة وهو مما يشكل جريمة حرب، لم ينتفض العالم كما يفعل عادة حين تطلق المنظمات الحقوقية الكبرى اتهامات كتلك. المنظمة قالت أيضاً إن “الجيش الصهيوني يتعمد منع إيصال المياه والغذاء والوقود، ويعرقل عمداً وصول المساعدات الإنسانية. ويبدو أنه يجرف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم”.

ليس هذا فقط، بل سلطت “هيومان رايتس ووتش” الضوء على التصريحات المتكررة لمسؤولين صهاينة منذ هجوم حركة “حماس” يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والخاصة بتجويع أهل القطاع وحرمانهم من الغذاء والمياه والوقود، ومنهم وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير الطاقة “إسرائيل” كاتس.

التجويع عبر منع وصول الغذاء، والحصار والقصف مع العلم المسبق أن ذلك سيؤدي حتماً إلى نفاد المخزون وصل كذلك إلى حد تدمير البنية الزراعية، التي هي أحد مصادر الغذاء. وبحسب منظمة “أوكسفام” الخيرية، فإن الزراعة في غزة أصبحت شبه مستحيلة. وبحسب تقرير صادر عنها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن الماشية في شمال غزة تواجه الجوع بسبب شح الماء والعلف، والمزارعين يهجرون محاصيلهم التي أصابها التلف بسبب شح الوقود اللازم لري الأرض.

وبحسب قطاع الأمن الغذائي الفلسطيني، فقد دمرت الحرب أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في شمال القطاع، وتم تجريف أراض زراعية شاسعة.

هذا المكان المظلم

قائمة الأمراض التي تصيب جسم الإنسان بسبب الجوع طويلة ومعروفة. من فقر الدم إلى تضخم الغدة الدرقية إلى ارتفاع أو خفض ضغط الدم والوهن والهزال وأمراض العيون والجهاز الهضمي، إضافة إلى ضعف التركيز وعدم القدرة على المشي أو القيام بأي مجهود تطول القائمة التي قد تنتهي بالموت جوعاً.

ولا تخلو القائمة من آثار نفسية وعصبية للجوع يبقى بعضها مصاحباً للشخص حتى بعد نجاته وخروجه من دوامة المجاعة. القلق المستمر من التفكير في كيفية الحصول على الوجبة المقبلة، والمشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وكذلك اضطراب ما بعد الصدمة آثار نفسية منصوص عليها في كتب الطب والصحة الجسدية والنفسية.

قبل أيام، بثت شبكة “سي أن أن” مقطعاً مصوراً لجندي صهيوني في حي الشجاعية في غزة وهو ينظر مباشرة إلى الكاميرا التي تصوره، ثم يشعل النار في تل من المواد الغذائية في محل تجاري. ويقول الجندي لزميله، “نحن نشعل النور ضد هذا المكان المظلم، ثم نشعل النيران فيه إلى أن تمحى معالم المكان كله”.

شبكة “سي أن أن” تقول، إنها تحققت بنفسها من صحة الفيديو. وأشارت إلى أن الجنود الصهاينة دأبوا على تصوير هذه المقاطع وتحميلها بأنفسهم على منصات الـ”سوشيال ميديا”، في ظل غياب تام لأي شجب أو معاقبة من قبل الحكومة الصهيونية .

في تلك الأثناء، يستمر شبح الجوع وانعدام الأمن الغذائي يحيط بغزة. وتستمر المنظمات الأممية في التحذير. وتستمر الدول الراغبة في المساعدة في بذل الجهود المضنية لتوصيل المواد الغذائية. وتستمر الدول غير الراغبة في المساعدة في رفع مبدأ “أذن من طين والأخرى من عجين”. وتستمر إسرائيل في ضم سلاح التجويع إلى قائمة أسلحتها المحرمة والمجرمة، مع صمت دولي صاخب وصخب إنساني لا يسمعه أصحاب القرار.

* المصدر: موقع اندبندنت عربية
* المادة نقلت حرفيا من المصدر