د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

يذكِّرُني القلقُ الأمريكي الذي يبديه المسؤولون الأمريكيون عقب كُـلّ مجزرة أَو جريمة يرتكبها العدوُّ الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بالقلق الذي كان يبديه أمين عام المتحدة السابق بان كي مون عقبَ كُـلّ جريمة يرتكبها تحالف العدوان في اليمن؛ فأمريكا تستخدم سياسة إبداء القلق؛ بهَدفِ النأي بالنفس؛ حتى لا تتحمل مسؤولية تلك الجرائم التي يرتكبها العدوّ الصهيوني في غزة، ولكن إبداء القلق لا يبرئ أمريكا من تحمل المسؤولية؛ لأَنَّها من تمنحُ العدوّ الصهيوني الغطاءَ لارتكاب جرائمه وتعتبر شريكةً في ذلك، ومن خلال متابعة الأحداث نرى أن جرائم العدوّ الصهيوني تحَرّك الشعوب والمنظمات الدولية والإنسانية وبعض الدول؛ فتسارع أمريكا لامتصاص غضب الشعوب وتبرير تلك الجرائم، وتردّد العبارة المتداولة بين المسؤولين الأمريكيين ومفادها (نبدي قلقَنا ونتفهم قيامَ إسرائيل بالدفاع عن نفسها) وهذا يعني أن كُـلّ ما يرتكبه العدوّ الصهيوني من جرائم تضعُه أمريكا في إطار الدفاع عن النفس.

ومِمَّا يؤكّـد ما ذهبنا إليه الصورُ التي بثتها القنواتُ التلفزيونية والتي تظهر مجاميع لمدنيين فلسطينيين يحتجزهم العدوّ وهم بدون ملابس في عز موجة البرد التي تجتاح قطاع غزة قبل ما يقارب من شهر، فأثارت غضبَ الجميع وأبدت أمريكا قلقَها وطلبت التوضيحَ من العدوّ الصهيوني، ولكن لم يصل التوضيحُ المنتظرُ ووصلت صورٌ جديده بنفس الوضعية السابقة؛ أي صور لمجاميع محتجَزة بدون ملابس، والفارقُ أن أمريكا لم تُبدِ قلقَها؛ لأَنَّها قد تفهَّمت هدفَ العدوّ من تكرار ارتكاب هذا الفعل المشين.

ويبدو أن هذا الفعلَ قد أصبح سلوكاً دائماً يستخدمُه جيشُ العدوّ في مواجهة المدنيين الفلسطينيين بعد أن قامت أمريكا بضمان الحصانة لجنود العدوّ من المساءلة الدولية، والدليل على ذلك عدم قيام مدعي محكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيق دولي في جرائم الحرب التي يرتكبها العدوّ الصهيوني في حربه على غزة، وهذا دفع العدوّ إلى توسيع نطاق جرائمه لتصل إلى الضفة الغربية التي تتعرض يوميًّا للاقتحام والتوغل وقتل وأسر عدد من سكانها دون رادع، إلى جانب الجرائم التي يرتكبها يوميًّا المستوطنون الصهاينة في حق المدنيين الفلسطينيين.

ونرى أن الجرائمَ التي يرتكبها جيشُ العدوّ بغطاء أمريكي وعلى الشعوب والدول الوقوف في وجه السياسة الأمريكية التي تشجِّعُ العدوَّ على ارتكاب جرائمه وتمنحُه الحصانة.

  • المصدر: صحيفة المسيرة
  • المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع