السياسية:
رشيد الحداد*

 

في إطار استعداد قوات صنعاء لكلّ الاحتمالات في البحر الأحمر، عُقد، أمس، اجتماع عسكري استثنائي على ضفة البحر الأحمر في المنطقة العسكرية الخامسة، ضمّ قادة عسكريين، وأكّد جهوزية القوات اليمنية لتنفيذ توجيهات قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، والتي أعلنها في خطابه الأخير، وردع كلّ من يفكر في ثني اليمن عن موقفه الثابت والمبدئي تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني.

ووفقاً لموقع الجيش اليمني، فإن اجتماع قادة القوات المسلحة والأمن، «ناقش الخيارات المطروحة إزاء التوتّرات التي يعمد الأمريكي إلى افتعالها في البحر الأحمر لحماية السفن الإسرائيلية أو المتّجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة. وحذّر أمريكا وشركاءها من مغبّة عسكرة البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والإضرار بأمن الملاحة الدولية خدمة للكيان الإسرائيلي المحتل».

كما استعرض القادة الجهوزية القتالية لمختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي والصاروخية والأمنية، ومجمل المهام المنوطة بها في ظل المرحلة المفصلية الحالية.

وأكّد وزير الدفاع في حكومة صنعاء، اللواء محمد العاطفي، في خلال الاجتماع، «جهوزية القوات المسلحة اليمنية بكلّ وحداتها وتشكيلاتها العسكرية لتلقين الأعداء أقسى الضربات إذا ما استمرت جرائمهم وحصارهم للشعب الفلسطيني أو فكّروا بالمساس بأمن اليمن».

ومن جهته، قال وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ، اللواء عبد الكريم الحوثي، إن «جميع القوات الأمنية في حالة استنفار عام وجهوزية عالية للقيام بواجبها في التعاون والتنسيق المشتركيْن مع القوات المسلحة».

وفي المقابل، دعت حكومة المرتزقة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، بعدن إلى تشكيل تحالف عسكري من الدول المشاطئة للبحر الأحمر لوقف ما سمّتها مخاطر تصعيد حركة «أنصار الله» ضد الملاحة الدولية.

وجاءت الدعوة التي وجّهتها وزارة خارجية تلك الحكومة، في بيان أول من أمس، بعد يوم من لقاءات جرت بين مسؤولين إماراتيين وآخرين تابعين لما يسمى بـ«المجلس الرئاسي»، وانتهت بلقاء السفير الإماراتي لدى اليمن، محمد الزعابي، ورئيس المجلس المرتزق رشاد العليمي، في الرياض، حيث تركّز البحث على تصعيد قوات صنعاء ضد السفن المتجهة نحو الموانئ الفلسطينية المحتلة.

تحريض إماراتي على تحالف عسكري للدول المشاطئة بهدف حماية السفن الإسرائيلية

ووصفت مصادر مقرّبة من حكومة صنعاء، تحدّثت إلى «الأخبار»، تلك الدعوة بأنها «وصمة عار»، مشيرة إلى أن «أي تحرّك في هذا الاتجاه يؤكد رفض حكومة الطرف الآخر اتفاق السلام، وينسف كلّ الاتفاقات التي رعتها الأمم المتحدة ومنها اتفاق استوكهولم».

وأكّدت أن «أي محاولات من قبل واشنطن وحلفائها في المنطقة لتحريك الأدوات في اليمن، لن توقف عملياتها ضد الكيان الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى يتم وقف الحرب الإجرامية على قطاع غزة وإدخال المساعدات الكافية لسكان القطاع المحاصر».

ولفتت إلى أن «تحالف حماية إسرائيل في البحر الأحمر فشل خلال الأيام الماضية في التأثير على القرار اليمني رغم التحشيد العسكري الكبير».

من جهتها، كشفت مصادر دبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «الإمارات اقترحت تشكيل التحالف العسكري الجديد بقيادة مصر والسعودية، وذلك لإنهاء العزلة التي واجهتها واشنطن في التحالف البحري لحماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر».

وكانت وكالة «بلومبرغ» قد نقلت عن مسؤولين يمنيين وسعوديين قولهم إن أبو ظبي تؤيد عملاً عسكرياً ضد «أنصار الله»»، بينما تخشى الرياض من أن تصعيداً كهذا ربما يؤدي إلى استفزاز صنعاء، وتعريض الهدنة الهشّة في اليمن للخطر، وتقويض محاولات المملكة الرامية إلى تجنيب إمدادات النفط الاستهدافَ، والعمل على التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في البلاد.

وفي الإطار نفسه، اعتبر مراقبون في صنعاء أن التصعيد الإعلامي الملحوظ في خطابَي مصر والأردن، ضد الهجمات العسكرية التي تشنّها القوات اليمنية على المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر أو في أم الرشراش (إيلات)، يؤكد وجود ترتيبات أمريكية – عربية لمواجهة موقف صنعاء، مشيرين إلى أن الموقع الاستخباراتي الإلكتروني «أنتلجينس أونلاين»، كشف أخيراً عن لقاءات مكثّفة جرت بين مسؤولي الدفاع والمخابرات السعوديين والإسرائيليين والأمريكيين، بهدف إجراء مناقشات حول الأمن البحري وتنسيق الدفاع الجوي ضد «أنصار الله».

كذلك، ذكرت مصادر أخرى في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن واشنطن لوّحت أكثر من مرّة بتصعيد جبهة الساحل الغربي إذا لم تتوقّف «أنصار الله» عن هجماتها ضد السفن الإسرائيلية.

وفي المقابل، قالت مصادر في حكومة المرتزقة إن تصعيد جبهات الساحل الغربي ومحاولة السيطرة على مدينة الحديدة أصبحا مطروحين للنقاش مع الجانب الأمريكي، وإن تلك الحكومة «تنتظر ضوءاً أخضر لحماية الملاحة في البحر الأحمر وفرض سيطرتها على السواحل التي يستخدمها الحوثيون في استهداف السفن».

إلى ذلك، أعلنت شركة «سي أم أ سي جي أم» الفرنسية للشحن أن بعض سفنها عاودت عبور البحر الأحمر، بينما تعتزم «ميرسك» الدنماركية القيام بالخطوة ذاتها. وقالت الشركة الفرنسية، في رسالة، إنها تعتزم أن تزيد «بشكل تدريجي عبور سفننا عبر قناة السويس». ومن جهتها، أكّدت «ميرسك» أنها تعتزم «استئناف الملاحة في البحر الأحمر في اتجاه الشرق كما الغرب»، مشيرة إلى أن السفن ستعاود استخدام هذا الممر البحري «في أسرع وقت ممكن».

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر وبتصرف