السياسية || محمد محسن الجوهري

في الأدبيات الإسرائيلية كلمة “اليمن” تعني الموت لما يمثله اليمنيون من خطر فعلي على كيان اليهود على أرض فلسطين، وهذه من المسلمات لديهم ويعرفونها جيداً في كتبهم القديمة، ولذا يتشاءمون بهذه المفردة، ويتجنبون الحديث عنها لما تحمله من النحس على مستقبلهم ومستقبل أبناءهم.

ومهما أخلص اليهود اليمنيون للكيان الصهيوني فلا يمكن أن يرضى عنهم سائر اليهود، فاسمهم لوحده يذكرهم بمصدر الموت الجماعي القادم لا محالة من اليمن، وأينما وجدوا فهم عرضة للتمييز العنصري والاضطهاد العرقي، وهو الأمر الذي حال دون انخراط اليهود اليمنيين في المجتمع الصهيوني منذ هجرتهم إلى فلسطين المحتلة في خمسينيات القرن العشرين.

ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى وما تلاها من تصعيد عسكري رهيب، رافقه تدخل عسكري من اليمن لأول مرة منذ تأسيس الكيان الصهيوني، أدرك اليهود أن نبوءة زوالهم من الحياة قد اقترب على يد اليمنيين، سيما وأن بداية الهلاك تبدأ بالفقر والجوع كما هو معروف لديهم، وكل ذلك ناتج عن الحصار البحري الذي تفرضه اليمن على “إسرائيل”، الذي بدأت نتائجه تؤتي أكلها، ويشهد على ذلك ارتفاع أسعار السلع الغذائية وتضاعف تكاليف المعيشة في المستوطنات.

ومن علامات “يوم الرب” أو الهلاك اليهودي الذي يعرفه اليهود جيداً، أن بداية العذاب تكون من البحر، ثم تتوالى المصائب حتى يهرب اليهود إلى سهل أريحا، حيث يأتي العرب بالرعب فيموتون هناك.

وبالفعل فإن أول العذاب على بني “إسرائيل” اليوم بدأ من البحر، وعلى يد العرب اليمانيين، وبإذن الله سيتوالى حتى يبادون على أرض فلسطين.

ومع اقتراب هلاك “إسرائيل”، يزداد بؤس اليهود اليمنيين ومعاناتهم، فكل اليهود هناك يرون في وجوههم الموت، ويعتبرون بقائهم في فلسطين المحتلة من طلائع الهلاك الموعود.

ونحن هنا لا ندافع عن يهود اليمن، فهم يهود على كل حال، وموقفهم العدائي ضد المسلمين واضح وصريح، ولهم أدوار بارزة في نشر الفساد في الأرض، ولكن كل ذلك لا يكفي ليتسامح معهم حكام “إسرائيل” الأشكناز، فيهود اليمن قدموا من بلاد الشؤم، وسيتبعهم الموت من الأرض التي جاءوا منها.

عندما نقلت بريطانيا يهود اليمن إلى فلسطين المحتلة، كان الأمر في حينها خارج عن السيطرة، فقد أرادت المملكة المتحدة أن تملأ البلاد باليهود أياً كانت جنسياتهم، وكان الحديث عن وعد الآخرة لا يزال بعيداً آنذاك.

ويُقدر عدد يهود اليمن في فلسطين بنحو نصف مليون، ويعيشون حالة من الفقر في تجمعات سكانية مهمشة لا تحظى بما يحظى به اليهود الآخرون من الخدمات المعيشية، وقد ازدادت معاناتهم مع ظهور حركة أنصار الله في اليمن المنادية بالموت لإسرائيل، وفي عقد التسعينيات تعرضوا لموجة من العنصرية بعد قيام أحد اليهود اليمنيين يدعى “إيقال عامر” باغتيال رئيس وزراء الكيان “إسحاق رابين” في نوفمبر 1995.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب