السياسية || مجيب حفظ الله

من بديهي القول التأكيد على ان السعودية والامارات لا يمكنهما التفكير بالتخلص من الطوق الأمريكي الذي يلفّانه حول عنقيهما وذاك ليس مرتبطاً فقط بالرغبة الامريكية في الإبقاء عليه بل ايضاً هي حالة مرضية سعودية إماراتية تدفعهما دوماً للانبطاح للأمريكي حتى وان دفعا هما ثمن هذه الساديّة التي ألقيا نفسيهما فيها.
امتدادات وآثار الحرب التي تجري اليوم في ارض فلسطين تؤكد ان قواعد اللعبة قد تغيرت شاء الامريكان والعالم الغربي ذلك او انكروه لكنها حقيقة لا بد لهم ان يصطدموا بها وحينها سيكون ذاك على حساب امبرياليتهم التي ارهقونا بها.
بالعودة الى محور هذا المقال الذي يناقش فكرة إمكانية الخروج السعودي الاماراتي من بيت الطاعة الأميركي من عدمها فإننا سنناقش ذلك وفق المعطيات الأخيرة المتعلقة بآثار الحرب الإسرائيلية على غزة وتحديداً ما يجري اليوم في البحر الأحمر.
بدقة اكثر فإننا نجد انفسنا مضطرين لمناقشة الملابسات والارتدادات التي أعقبت اعلان وزير الدفاع الأمريكي بشأن إقامة تحالفٍ لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
يتستر الامريكان الذين تجردوا مبكراً من كل إنسانية أو أخلاق خلف إطار مساعدة غزة والعمل على تأمين المساعدات لها لكن على ارض الواقع فإن واشنطن تفعل كل شيء لمحاولة حماية إسرائيل التي ترى فيها صورةً مصغرةً منها.
لا يجد الامريكيون حرجاً في الإعلان عن دعمهم لكيان الاحتلال الصهيوني لكنهم بالمقابل فإنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام طريقٍ مسدود حينما تعلق الامر برغبة واشنطن في توسيع دائرة الصراع لتشمل الكثير من الدول غربية وعربية بغرض لي يد اليمنيين الطويلة في البحر الأحمر.
لقد اثبت الجيش اليمني وفي فترة وجيرة انه الأكثر قدرة على التحكم في مسارات السفن التي تعبر مضيق باب المندب على الرغم من التواجد الأمريكي والغربي الكثيف على طول هذا الممر المائي الأكثر أهمية في العالم كله.
وفقاً للمعطيات المتلاحقة التي تلت الإعلان الأمريكي عن الرغبة في تشكيل تحالفٍ الغرض الرئيسي منه حماية الإسرائيليين لن يمنعنا من ممارسة حقنا في قراءة ما هو عليه هذا التحالف الذي أعلنت واشنطن عن شهادة وفاته قبل ان يولد.
من خلال الامتثال السعودي والاماراتي الدائم لكل ما يريده الامريكيون حتى لوكان ذاك هو الباطل بحد ذاته فإن ردة الفعل السعودية الإماراتية جراء الإعلان الأمريكي عن تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر تبعث على الحيرة او تحيي فينا الكثير من التساؤلات التي نريد ان نحصل على إجابة عليها.
وفقاً لقواعد الاشتباك في هذه المنطقة من العالم فإن الامريكان لا يزالون مؤمنين بأنهم لديهم القدرة على تحريك حلفائهم فيها متى ما أرادوا ولو كان ذاك على حساب قناعاتهم بأن لا جدوى من تحالف الامريكان.
عربياً لم تعلن سوى دويلة البحرين عن انضمامها للتحالف الأمريكي الذي يفترض به ان يكون في وجه الأعداء التاريخيين للسعودية والامارات لكن بالمقابل فإن الرياض وابوظبي احجمتا في الظاهر على الأقل عن الانخراط في هذا التحالف الذي كتب عوامل وفاته قبل ان يكتب سيناريو انبعاث الحياة فيه.
ترى صحيفة نيويورك تايمز الامريكية ان إحجام السعوديين والاماراتيين عن الانضمام للتحالف الذي أعلنت عنه واشنطن في وجه اليمنيين في البحر الأحمر هو تأكيدٌ على ان حبات العقد قد بدأت وبقوة في الانفراط من يد الأمريكيين.
اما صحيفة لوس انجلوس تايمز الامريكية فترى هي الأخرى ان السعودية خائفة من ان يتراجع الامريكيون سريعاً عن الإبقاء على التحالف الذي اعلنوا انهم قاموا بتشكيله فيما تقوم واشنطن بترك الرياض في وجه المدفع اليمني الذي باتت السعودية متأكدة من ان نيرانه قادرة على ان تطال كل جزء في المملكة وقادرة ايضاً على احراقه.
على الضفة الأخرى ووفقاً للتسريبات التي أوردتها الصحافة الغربية فإن ابوظبي لا تمانع من انضمامها لهذا التحالف البحري الذي شكله الامريكان لكنها تشترط توجيه ضربة جوية قاصمة وشاملة للحوثيين في صنعاء.
هاتين القراءتين تغفلان حقيقة ان هناك سيناريو ثالث يستقرأ الغياب السعودي الاماراتي عن الانضمام لهذا التحالف الذي جاء الامريكيون من خلف البحار ليشكلوه في مياهنا العربية والإقليمية.
يرى أصحاب هذه القراءة الأخيرة ان القيادتين السعودية والاماراتية قد دخلتا مع واشنطن في اتفاق سرّي يكونا بموجبه جزءٌ من هذا السعار الأمريكي الذي يريد ان يبث الرعب في نفوس اليمنيين ولكن بصورةٍ غير معلنة.
ما نحن متأكدون منه ان حكام المملكة والامارات لا يملكون حريتهم حينما يتعلق الامر بالمصالح الامريكية في المنطقة والتي يأتي على رأسها حماية امن إسرائيل التي باتت تهدد امن العالم كله بسبب إصرارها على المضي قدماً في حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
قد تكون هاتين العاصمتين العربيتين الحليف الأول للأمريكيين في هذا العدوان على الشعب الفلسطيني لكن يبدو انهما لا يمتلكان الشجاعة لتحديد موقفهما بخصوص حق حقهما في الانضمام لهذا التحالف من عدمه.
سواءً انضمت السعودية والامارات لهذه التحالف الأمريكي أو لا فإن الثابت ان الرياض وابوظبي لا تزالان عاصمتان للعدوان على الشعب الفلسطيني حتى بعد ان رفضا الانصياع الفوري لأوامر بايدن لكن ذاك الثعلب العجوز سيعمل على ابقائهما تحت جناحه او ضمن دائرة عصاه.

– المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع