السياسية:
رشيد الحداد*

رغم هزال التحالف البحري الذي أعلنته الولايات المتحدة لحماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إلا أن صنعاء تعاملت مع الإعلان بجدية، واعتبر قائد المنطقة العسكرية الخامسة التابعة لها اللواء يوسف المداني، الذي تقع الحديدة في نطاق سيطرة قواته، أن التحالف الجديد جزء من معركة غزو، محذّراً من أنّ أيّ مستجدات تحدث جراء التصعيد الأمريكي سيكون الرد عليها قاسياً.

وفي الوقت الذي خلا فيه التحالف الجديد من مشاركة علنية لأي دولة عربية، ما عدا البحرين، تساور صنعاء شكوك في مشاركة عدد من الحكومات سرّاً، ومنها الإمارات، والحكومة الموالية للرياض في مدينة عدن المحتلة التي بعثت بعشرات الضباط للتدريب في مقر قيادة الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، منذ أكثر من أسبوع.

وتعيش قوات صنعاء حالة استنفار استعداداً لأيّ مواجهة محتملة، لكنها تواصل في المقابل فرض سيطرتها على المياه الإقليمية والتواصل مع السفن المشتبه في علاقتها بالكيان الإسرائيلي.

ووفقاً لمصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ الرد العملي لهذه القوات على التحشيد البحري الأمريكي – البريطاني – الفرنسي، سيكون بمنع السفن الحربية من المرور إذا شاركت في أعمال عدائية ضد العمليات التي تنفذها “أنصار الله” نصرةً لسكان غزة المحاصرين.

كما أنّ أيّ احتكاك أو هجوم على القوات اليمنية سيقابَل بتشديد الإجراءات على السفن المتّجهة نحو الكيان. لكن ممّا تجدر الإشارة إليه هنا أن وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أن «مهام هذا التحالف دفاعية وأمنية»، أي أنّه يفتقر إلى أيّ أطر قانونية لتنفيذ أيّ عمليات عسكرية ضدّ اليمن، فيما المفارقة أن الدول التي أُعلن عن مشاركتها فيه لها وجود عسكري أصلاً في البحر الأحمر وفي باب المندب وخليج عدن، وفشلت قواتها في الحدّ من التصعيد اليمني ضد السفن الإسرائيلية.

وفي هذا الإطار، يوضح مصدر عسكري في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن فرنسا وبريطانيا وإسبانيا لها وجود عسكري في جيبوتي، وتقوم بتسيير دوريات في المياه الدولية كإجراء روتيني منذ 10 سنوات في جنوب البحر الأحمر، بالإضافة إلى أن المهام التي أُوكلت إلى القوة الجديدة هي نفس مهام “فرقة العمل المشتركة 150″ و”151” العاملة في القرن الإفريقي. وحتى الآن، يرى مراقبون أن عزوف الدول المشاطئة للبحر الأحمر عن المشاركة في تحالف حماية الملاحة الإسرائيلية الجديد، سوف يزيد من عزلة تلك القوات.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أفادت بأن الوزير لويد أوستن أبلغ نظراءه في الدول العربية، التي رفضت المشاركة، بأنه «لن تُشَنّ أيّ هجمات على الحوثيين وأن مهمة التحالف الجديد ستقتصر على مرافقة السفن والردّ في حال الاعتداء عليها».

 

إمدادات النفط أصبحت هدفاً مفترضاً لقوات صنعاء في حال تعرّضها لأيّ هجوم أمريكي وإسرائيلي مباغت

من جهته، رأى عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، علي القحوم، في حديث إلى «الأخبار»، أن «التحركات العسكرية الأمريكية – البريطانية – الفرنسية تحت غطاء تحالف بحري ضد اليمن، تأتي استمراراً للأعمال العدائية لهذه الدول التي تحاول فرض سيطرتها على البحر الأحمر تحت عناوين زائفة»، مؤكداً أن «صنعاء لديها من القوة ما يمكّنها من مواجهة أيّ اعتداء تحت أيّ ذريعة كانت».

كما أكد أن «هذا التحالف لن يكون له أيّ أثر على العمليات العسكرية الموجّهة ضد الكيان الإسرائيلي، إن كان في البحر الأحمر أو في عمق الأراضي المحتلة»، محذّراً أمريكا «من مغبّة القيام بأيّ تحرك معادٍ ضد اليمن كون الرد سيكون قاسياً».

وبحسب مراقبين، فإن هذا الردّ لن يستثني إمدادات النفط، وهو ما يفسّر جانباً من إحجام دول خليجية عن الانخراط في التحالف الجديد، خشية خروج الوضع في باب المندب عن السيطرة، وهو ما قد ينعكس بشكل سلبي على اقتصاداتها.

ويبدو أن صنعاء استعجلت الرد على الإعلان؛ إذ أكدت بريطانيا تسجيل عمليتين جديدتين ضد سفن إسرائيلية قبالة اليمن. وبحسب هيئة التجارة البحرية البريطانية، فقد تم تسجيل «حادثة» على بعد 80 ميلاً بحرياً من جيبوتي، فيما سُجّلت أخرى، وفق شركة الأمن البحري البريطاني «أمبري»، على مقربة من ميناء عدن.

وبالتوازي مع ذلك، أكدت “هيئة الملاحة البحرية النرويجية”، في بيان، أنها رفعت التأهب في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر إلى أعلى مستوى، وأنه يجب على السفن التابعة لمُلّاك من البلاد تجنّب الإبحار في هذه المنطقة.

وأعلنت شركة شحن الحاويات الكورية الجنوبية «إتش. إم. إم.»، بدورها، الثلاثاء تغيير مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح لفترة زمنية غير محددة.

أيضاً، أكدت شركة «لينيوس فيلهلمسن» النرويجية أنها ستوقف جميع رحلاتها في البحر الأحمر حتى إشعار آخر، ووجّهت سفنها بسلوك طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يزيد زمن الرحلات من أسبوع إلى أسبوعين.

وكان عدد كبير من كبريات شركات الشحن في العالم قد اتخذ إجراءات مماثلة، ومن بينها «أورينت أوفرسيز كونتينر لاين» التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، و«إيفيرغرين» و«يانغ مينغ» التايوانيتان، و«شركة البحر المتوسط للشحن» السويسرية و«بريتيش بتروليوم» البريطانية وشركة النفط والغاز النرويجية «إكوينور»، وشركة «فرونت لاين» النرويجية للشحن، وشركة ناقلات النفط البلجيكية «يوروناف»، و«ميرسك» الدنماركية و«هاباغ» لويد الألمانية، و«سي أم إي – سي جي أم» الفرنسية.

 

* المصدر: موقع الاخبار اللبنانية

* المادة نقلت حرفيا من المصدر وبتصرف