السياسية – تقرير: صباح العواضي

 

يقال إن “كل شيء بالأمل إلا الرزق بالعمل” وهذا ما سعت إليه الكثير من الأسر اليمنية التي اتجهت نحو الاكتفاء الذاتي في جميع المجالات، وحرص موقع صحيفة “السياسية” على اجراء لقاءات مع نماذج من أصحاب المشاريع الصغيرة وخصوصا النساء.

 جوى عبد الإله الوزير صاحبة مشروع “جوى للصناعات الغذائية” وهي طالبة دراسات عليا بكلية الزراعة أطلقت مشروعها الخاص عام 2019م أثناء دراستها سنة ثانية بكلية الزراعة قبل تخصصها في “مجال علوم التغذية والأغذية” كمبادرة فردية نحو الاكتفاء الذاتي لإنتاج الألبان وتنتج حاليا أكثر من 12 صنفا من منتجات الألبان وتوزعها على 20 بقالة وسوبر ماركت في أمانة العاصمة.

جوى الوزير التي تمتلك صفحة خاصة بالمشروع في مواقع التواصل الاجتماعي تقول إنها صنعت منتجات زراعية كالصلصة والمربى من مشتقات الزبادي والحقين والحليب واللبنة والزبدة والسمن والجبن الكريمي وغيرها.

وتضيف جوى أنها تختار الحليب الذي تصنع منه منتجاتها من حليب رصابة وغيره من المصانع الوطنية.

جوى شاركت في العديد من المهرجانات والعروض وطلبات الزبائن تنهال عليها من جميع مديريات الأمانة وتمتلك طموح التوزيع إلى جميع محافظات الجمهورية.

غادة الدبعي هي الأخرى صاحبة مشروع “بهارات سماء بعدان” الخاص ببيع الزعتر، والبسباس، والسمسم والقهوة، قالت إنها بدأت مشوارها ب 3 أصناف فقط حتى ازدادت نسبة الطلبيات واستطاعت تطوير مشروعها حتى أصبحت تشارك في عدة مهرجانات وعروض، ويوجد لها زبائن وانضمت لسوق الخميس في ميدان التحرير.

ويعتبر “جوى للأغذية” و”سماء بعدان للبهارات” مثالين مهمين لمشاريع كثيرة لا تعد ولا تحصى في السوق المحلية والتي لها أسمائها ومكوناتها التجارية واتجهت بخطى ثابتة نحو الاكتفاء الذاتي، ومنها من صنعت لها مكونات أكبر كمؤسسات وجمعيات ومنها من صنعت لها اسم تجاري فردي كلا ينافس الآخر بجودة عالية وخامات مميزة تستنشق منها عبق الأيدي العاملة برائحة مميزة وبنكهة يمنية خالصة.

وفي الحقيقة ما زلت هذه الجهود الأسرية الفردية بحاجة إلى دعم مميز من الدولة خاصة في ظل التطورات المهمة التي تلت دخول قرارات مقاطعة المنتجات الأمريكية الصهيونية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني حيز التنفيذ من قبل وزارة الصناعة والتجارة.

ويعتبر الاقتصاد العمود الفقري لأي بلد وله تأثير بعيد المدى على المواطنين، والدول التي تمكنت من بناء اقتصاد قوي تشعر بالسيادة الوطنية وتمتلك قرار نفسها دون إملاءات من الآخرين وتشعر بالكرامة والعزة والفخر فيما تظل الدول الضعيفة اقتصاديا تحت عبودية الدول القوية.

تستطيع الدول ومواطنوها أن يسلكوا طريق التنمية الاقتصادية بجعله المحور الأهم في الحياة باستثمار العقل والتفكر والتخطيط واستغلال المواهب والإمكانات الفردية والمجتمعية والتنافس على الجودة لتغير نمط الحياة وتصبح الدولة أكثر رفاهية.

والشواهد الحية تدلل على أن الدول الصناعية لم تكن شيئا إلا بهمة وتضحيات شعوبها وقوانينها القوية التي دعمت التنمية والاقتصاد فأصبحت في مصاف الدول الكبرى الغنية وأصبحت تصدر منتجاتها إلى العالم.

يقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي سلام الله عليه في سياق محاضرته الرمضانية للعام 1442هجرية “على مستوى الحرية والكرامة والاستقلال، من أهم المتطلبات اللازمة لذلك: أن نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن نهتم بالإنتاج الداخلي؛ لأن اعتمادنا على توفير كل احتياجاتنا من الخارج، بما فيها الاحتياجات الأساسية والضرورية، يمثل ورقة ضغط لدى أعدائنا علينا، وهذا شيء معروف”.

ويضيف قائد الثورة “إن الدول الأخرى تهتم وتعتبر هذا من ضمن أمنها القومي لتوفير احتياجاتها الأساسية. فلكي ندعم توجهنا في تحقيق الاستقلال، والحرية، والكرامة، والتحمل لمواجهة الحصار، والأعباء، ومؤامرات الأعداء، لا بد أن نهتم بالإنتاج الداخلي، وأن نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن نسعى لتوفير الاحتياجات الضرورية، وهذه مسألة معروفة عند الدول.”

 

حراك حكومي نحو دعم الأسر المنتجة وتحقيق الاكتفاء الذاتي

ساهمت دعوة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في بلورة الأفكار الساعية إلى دعم المنتج المحلي ورعاية الأسر المنتجة وتشجيع مشاريع التمكين الاقتصادي التي تعزز من التنمية المحلية عبر سلسلة قرارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتي أقرتها الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة لدعم استراتيجية الأسر المنتجة والمشاريع الصغيرة والأصغر وتقديم الدعم لها والاتجاه نحو يمننة المنتج المحلي في جميع المجالات والهادفة إلى تغطية احتياجات السوق.

 وتعمل وزارة الصناعة والتجارة حاليا بوتيرة عالية على تشجيع زيادة إنتاج صغار المنتجين لتغطية جزء من حصة السلع المقاطعة للمنتجات الأمريكية أو تلك الشركات الداعمة للكيان الصهيوني وتحديد المعوقات التي تواجه صغار المنتجين للمضي في حلها وكذا تحديد حصة صغار المنتجين في السوق المحلية بهدف توجيه متوسطي وكبار المصنعين للحصص المتبقية وصولا للتحول الكامل للسلع المنتجة محليا بديلا عن السلع المقاطعة.

كما تسعى وزارة الصناعة والتجارة وبالتعاون مع كافة الجهات لحل المشاكل التي تواجه الأسر المنتجة وصغار المنتجين والعمل على ترتيب أوضاعهم وحماية منتجاتهم من الإغراق وتدريبهم في مجالات التصنيع والإنتاج والتغليف والتسويق وتسجيل علاماتهم التجارية.

 

تدريب وتأهيل

افتتح فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى بالعاصمة صنعاء في شهر سبتمبر الماضي مشروع الوحدة الإنتاجية والتدريبية في البرنامج الوطني للأسر المنتجة وتنمية المجتمع الذي يستوعب نحو 400 فتاة وامرأة من الأسر الأشد فقرا والذي يحتوي على أقسام التدريب والتأهيل والإنتاج والخياطة والتفصيل والإكسسوارات والبخور والعطور والتريكو والتجميل وصناعة الأغذية الخفيفة والحقائب الجلدية اليدوية والمدرسية والتحف والهدايا والديكور وحياكة الصوف والأشغال اليدوية.

ووضعت حكومة تصريف الأعمال تنمية الأسر المنتجة في صميم برامجها للتدريب والتأهيل ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عبر البرنامج الوطني للأسر المنتجة وتنمية المجتمع وبمساندة الهيئة العامة للزكاة ومؤسسة “بنيان” في تدريب وتأهيل المجتمع الأكثر فقرا وعوزا ولرفد السوق بمنتجات محلية ذات جودة عالية تعتمد معظمها على الخامات المحلية إلى جانب الخامات المستوردة.

وعملت الحكومة على إيجاد مراكز دائمة لتسويق منتجات الأسر المنتجة في مختلف مولات الجمهورية وعبر أسواق تم إنشائها كسوق الخميس في مديرية التحرير الذي يضم العديد من المنتجات المحلية وتسوق لمؤسسات تبنت الانتاج المحلي كمؤسستي “قنوان” و”اكتفاء” وغيرها من المؤسسات أو دعمها لمبادرات للأسر المنتجة التي خاضت غمار الانتاج لمواجهة فاقة الفقر جراء الظروف التي تمر بها اليمن نتيجة العدوان والحصار السعودي الأمريكي الإماراتي.

كما دعمت الهيئة العامة للزكاة خط انتاج الاسر الأشد فقرا وأسر الشهداء عبر التدريب والتأهيل تحت شعار “التمكين الاقتصادي” والتسويق لمنتجاتها في مناسبات عديدة.

ويعتبر البرنامج الوطني للأسر المنتجة من أكبر المؤسسات الوطنية الداعمة للأسر المنتجة، ويمتلك 74 مركزاً للتدريب في أمانة العاصمة ومختلف محافظات الجمهورية إلا أن العدوان تسبب في توقف معظم أنشطة البرنامج بسبب توقف اعتمادات أكثر من نصف هذه المراكز التي كانت تتلقى اعتمادات حكومية سنوية لتشغيل الإدارة العامة للبرنامج ومراكز التدريب والتأهيل التابعة بالأمانة والمحافظات.

الجدير بالذكر أن الأسر اليمنية ومنذ تسع سنوات تعيش ضمن دائرة الفقر كنتيجة للأزمة الإنسانية التي خلفها العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي ضمن سلسلة الإجراءات الاقتصادية لعرقلة النمو الاقتصادي ونشر ثقافة المعونات الإنسانية والهبات التي تصاحبها ذل وإهانة متزامنة مع تدمير البنى التحتية والحصار الظالم وانخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية في المناطق المحتلة إلى جانب نقل البنك المركزي اليمني إلى مدينة عدن المحتلة مما تسبب في أزمات اقتصادية كبيره واجهتها حكومة الانقاذ الوطني بصنعاء بقرارات حاسمة للحفاظ على استقرار العملة الوطنية  واتجه الكثير من الشعب اليمني نحو الإنتاج المحلي سواء تلك المشاريع الصغيرة والأصغر أو الأسر المنتجة.