السياسية:
رشيد الحداد*

 

بعدما شدّدت صنعاء إجراءاتها ضدّ حركة السفن الإسرائيلية في البحرَين: الأحمر والعربي، خلال الأيام الماضية، في ظلّ تعرّض مزيد من السفن للضرب والاحتجاز والتوقيف، سعت واشنطن إلى توريط القوات المسلحة اليمنية في احتجاز سفينة نفط إسرائيلية في خليج عدن، على رغم أن هذا الأخير لا يقع تحت سيطرتها. فبعد ساعات من اعتراض سفينة إسرائيلية في البحر العربي وإجبارها على التوقف كونها إسرائيلية، وقصف سفينة أخرى في المحيط الهندي، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وهما هجومان لم تتبنّهما القوات المسلّحة اليمنية رسمياً، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، مساء أمس، تعرض سفينة إسرائيلية لهجوم من قبل مسلحين مجهولين في خليج عدن.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الوزارة قوله إنّ من المعتقد بأن مسلحين مجهولين احتجزوا ناقلة النفط «سنترال بارك» في خليج عدن. وأضاف المسؤول أن «القوات الأميركية وقوات التحالف موجودة في منطقة مجاورة، ونحن نراقب الوضع عن كثب».

واعترفت تل أبيب، كذلك، بتعرّض سفينة مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي، إيال عوفر، للاختطاف، وزعمت أن صنعاء وراء السيطرة عليها في خليج عدن، متجاهلة أن 60% من السواحل اليمنية وخاصة السواحل الشرقية، تخضع لسيطرة قوات أميركية وبريطانية وسعودية.

وأوضح الخبير العسكري المقرّب من وزارة الدفاع في صنعاء، مجيب شمسان، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «عمليات قوات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية رسمية، وتقوم بها قوات ترتدي الزيّ العسكري اليمني»، معتبراً أن «الحديث عن السيطرة على سفينة نفط إسرائيلية من قبل مسلحين مدنيين وفي منطقة خارج سيطرة صنعاء، سيناريو مكشوف يُراد منه إثارة الرأي العام العالمي ضد صنعاء وخلط الأوراق»، لافتاً إلى أن «تلك المناطق تحت سيطرة الحكومة الموالية لتحالف العدوان وقوات الاحتلال الموجودة في المياه الإقليمية والدولية من بريطانية وأميركية».

ورأى شمسان أن من المحتمل أن تكون «عملية السيطرة على السفينة سنترال بارك عملية أميركية – بريطانية – إسرائيلية»، مؤكداً أنها «لن تثني صنعاء عن مواصلة إجراءاتها ضد كل السفن الإسرائيلية والمتعاونة مع العدو».

والسبت، تعرّضت سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي كانت ترفع علم مالطا وتشغّلها شركة فرنسية، لهجوم في المحيط الهندي بطائرة مسيّرة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول عسكري أميركي القول «إننا على علم بالتقارير بأن مسيّرة من طراز شاهد 136 (إيرانية الصنع) أصابت سفينة في المحيط الهندي»، وأن «السفينة تعرّضت لأضرار طفيفة ولم تسجّل إصابات على متنها».

وقد أتى ذلك بينما أعلن نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، «استمرار استهداف قوات بلاده السفن الإسرائيلية حتى وقف العدوان على قطاع غزة بشكل كلي».

وجدّد، في منشور على منصة «إكس»، تأكيده «حرص صنعاء على سلامة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، واحترام مصالح العالم»، مشيراً إلى أن «الملاحة في البحر الأحمر ستبقى آمنة للجميع، باستثناء سفن الكيان الإسرائيلي».

عمليّات قوات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية رسمية، وتقوم بها قوات ترتدي الزيّ العسكري اليمني

والظاهر أن رسالة التطمين تلك، تأتي ردّاً على محاولة واشنطن شيطنة إجراءات صنعاء، بعد نجاح عملياتها في وقف حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، حيث اعترف مندوب إسرائيل السابق في الأمم المتحدة، دوري غولد، بتعرض دولته لأكبر انتكاسة اقتصادية في تاريخها على يد القوات المسلحة اليمنية، معترفاً، في مقال نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» تحت عنوان «الحوثيون يمثّلون عدوّاً جديداً لإسرائيل يجب مواجهته»، بنجاح القوات اليمنية في قطع العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل ومختلف دول العالم، واصفاً احتجاز السفينة الإسرائيلية «غالاكسي ليدر» بأنه «استعراض غير مسبوق».

وكانت قوات صنعاء قد أضافت 56 سفينة حاويات إسرائيلية تابعة لشركة «زيم لواندا»، إلى بنك أهدافها، وسفناً أخرى تابعة لشركات نقل بحري إسرائيلية.

وكتب المتحدث الرسمي لقوات صنعاء العميد يحيى سريع، في منشور على «إكس»، أحرف «ZIM»، وهو الاسم المتداول لشركة «زيم المتكاملة» التي تعدّ واحدة من كبريات شركات الشحن في العالم، ومقرّها في ميناء حيفا.

من جهتها، أكدت مصادر مطّلعة في العاصمة اليمنية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «قوات صنعاء يدها طويلة، وأن كل المؤشرات تفيد بأنها عازمة على وقف الحركة الملاحية في الموانئ الإسرائيلية»، مرجّحة تعرض سفن إسرائيلية أو عاملة لحساب شركات تابعة لإسرائيل للتوقيف خلال الأيام القادمة.

وفي ما يتعلّق بالقصف اليمني لأهداف إسرائيلية في فلسطين المحتلة، اعترف تلفزيون الاحتلال بتعرّض مدينة أمّ الرشراش (إيلات) لهجوم واسع مصدره صنعاء.

وقالت قناة «إسرائيل 24» إن «القوات المسلحة اليمنية كانت قد هدّدت إسرائيل بعدم الالتزام بالهدنة والاستمرار في إطلاق الرشقات الصاروخية إلى إيلات والعمق الإسرائيلي حتى توقّف الحرب كلياً»، مشيرةً إلى أن «عدة انفجارات وقعت في المدينة ناجمة عن هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة».

كذلك، اهتمت القنوات العبرية بحديث العميد سريع عن شركة «زيم»، وفسّرت ما قاله بأن قوات بلاده تعتزم الاستيلاء على سفينة إسرائيلية ثانية.

وكانت «القناة 13» الإسرائيلية قد ذكرت أن جيش الاحتلال اعترض صاروخاً باليستياً بواسطة منظومة «حيتس»، بالإضافة إلى طائرتين من دون طيار انتحاريتين بواسطة منظومة «يهلوم» في منطقة إيلات، إلا أن موقع «إسرائيل هيوم» قال إن «هذه الهجمات المتكرّرة تشكّل مصدر إزعاج مستمرّ، وسجّلت بالفعل أضراراً كبيرة ولم يتمّ اعتراض الهجوم»، فيما لم تتبنَّ صنعاء تلك العمليّة رسميّاً.

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة نقلت حرفيا من المصدر وبتصرف