بقلم / د. يوسف الحاضري

المشروع الصهيوني في المنطقة شغال منذ ١٩٤٨، فلم يكتف الصهاينة بالسلاح بل جعلوا السلاح أداة تكميلية لبعض الأمور التي يتعثرون فيها، وذلك عبر استخدامها وسائل أخرى كالديمقراطية والتي تصنع من خلالها العملاء من داخل أبناء الوطن وتسعى لايصالهم إلى الحكم هذا في الدول الجمهورية، أما الوراثية فهي تستغل خلافات أبناء الاعمام فيتسابقون إلى ودها مباشرة أو عبر الوسيط الامريكي مقابل تنازلات وتصنعهم وأن تأخر الحاكم السابق ولم يمت أما تقتله أو تنفذ انقلاب أو ثورات ضده وتوصل العميل الجاهز، فينفذ لها جزء مهم من مخططاتها ثم تنظر ألى مؤخرته فتجد أنه مقارب على الانتهاء (مثلما ننظر إلى علبة الفول) وانه لم يعد له فائدة فتغيره كما غيرت السابق ليأتي آخر أكثر نشاطا وطاعة لهم لينفذ خطوات متقدمة وهكذا.
فبعد ان كان هناك رفض عربي كامل لها في ١٩٤٨ لم تمض سنين معدودة حتى سارعت عدد من الدول بالقبول بحدود ٦٧ ثم توسع الامر وسارعت مصر بالتطبيع ثم اغتالت السادات الذي لم يعد له أهمية بعد ان فض بكارة التطبيع مع الصهاينة، رغم أنها أقوى خطوة إلا انه ليس له ميزان لديهم فهم ينظرون له مجرد خادم ثم توالت الامور وتخاذل الكثير عن نصرة فلسطين خوفا على مؤخرتهم لا يصحوا صباحا وليست ملتصقة بكرسي الحكم فتوسع الكيان في الاراضي الفلسطينية سواء المحتلة في ١٩٤٨ أو التي اعطيت لهم في ١٩٦٧م وصولا إلى ان اصبحوا محايدين، ولم تكتف الصهيونية بهذا الحد، فقامت بتغيير السابقين وقد أعددت للأنظمة الجمهورية والملكية شذاذ افاق اشد من السابقين يتجاوزون مرحلة (الحيادية) إلى مرحلة (الحماية) بصورة غير مباشرة أي بصنع اعذار وطنية وقومية كالحضن العربي والديمقراطية وغيرها.
وذلك لقتال كل من تراه الصهيونية خطرا عليها فدمرت سوريا و اليمن واخيرا وصلت الصهيونية إلى مرحلة ان تدفع بعبيدها في الانظمة إلى القتال العلني لأجلها والتصدي لصواريخ وطائرات المقاومة وتحريك علمائهم ضد المقاومة وتجريم من يدعو في الحرمين الشريفين لمن يعادي الصهاينة والانفاق على الصهيونية من ثروات العرب والمسلمين وغير ذلك، ولن يتوقف الامر اطلاقا عند ذلك بل سيتم الاستمرار في تغيير المناهج خاصة الدينية بما يؤهل ان يصعد جيل قادم ينظر إلى وجود الكيان الصهيوني تدين وعبودية لله اشد من الصلاة إلى الكعبة، وايضا لن يتوقف الامر عند هذا الحد فالصهيونية متحركة بجد وبنطاق واسع واهداف بعيدة المدى .
ومن جحيم هذه المعاناة والتدهور جاء مشروع قاسم وقاصم لهذا التخطيط من المنتصف وقاتل له بضربة حيدرية يمانية ترتكز على (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) شاطبة من قواميس العالم حدود ٦٧ وتطبيع وقبول بل يدعو لإعادة الصهاينة إلى الشتات الذي كانوا يعيشونه وارجاع الارض الفلسطينية كاملة إلى أصحابها، فغير هذا المشروع القرآني لا صلاحية ولا صحة ولا مصداقية لأي عمل اخر.

  •  المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع