لماذا الميادين؟
زاهر العريضي*
لماذا الميادين؟ لأن الأمر بهذا الوضوح، حين تشكل خطراً على السردية الصهيونية، حين تكون المعركة هي معركة الوعي، حين تكون المواجهة على مستوى الحرب النفسية والتضليل، حين تفضح وتعري وتثبت، حين تحفر عميقاً في البنى الهشة لهذا الكيان.
لماذا الميادين؟
لأن حرب الصورة تتجلى في قوتها وفعاليتها وأحقيتها، ولأن التراكم والتصميم وتصويب البوصلة يحقق النتائج ويهز المداميك ويكسر الجدار.
لأن خيار البداية هو فلسطين البوصلة، لأن صوت فلسطين يعلو على كل الأصوات، لأن فلسطين بكل من فيها وما فيها، ولأن الصراع هو الحد الفاصل ما بين الحق والباطل، بين مقاومة ومحتل، ولأن الأشياء تسمى بمسمياتها، من دون لبس، ومن دون ارتياب، ولأن الحرب هي حرب مفاهيم ومصطلحات، وحرب ثقافة وهوية وسياق وتاريخ.
لماذا الميادين؟
لأن توقيت القدس الشريف هو الزمن الحقيقي، لأن الزمن هو زمن فلسطين وزمن اليقين، ولأن اللحظة هي لحظة الالتزام ولحظة الانحياز، ولحظة قول الحقيقة، ولحظة الفعل، ولحظة الاستنهاض.
لماذا الميادين؟
لأن الدور الإعلامي الحقيقي هو الانخراط في مواجهة ثقافة التخلي والترف، ومعركة السيطرة على أدوات التفكير وزرع روح الانهزام والوهن واليأس والعجز، وفرض التطبيع والتخلي عن ثقافة المقاومة.
لأن المعركة في العمق هي معركة الاستيلاء على الهوية والمقدسات ونزع الانتماء وزرع الاستتباع لقيم القوي والمهيمن والانخراط في مشاريعه وثقافة الاستسلام والانهزام.
لأن الميادين تحارب منذ سنوات التجويف الفكري والثقافي والإعلامي وكل محاولات إنهاء الصراع بتقديم هذا الكيان المصطنع كحالة طبيعية وواحة ديمقراطية. لأن الميادين منذ البدايات تواجه تزييف الوعي والتعتيم، والتذويب والترهيب الفكري، والقبول بالأمر الواقع، ومحاربة كل مواطن يقاوم وتشويهه.
لأن هذا المسار ترجمته الميادين إعلامياً، وفي الحقائق والصورة والشاشة والكلمة.
ليس بالأمر البسيط، لكل هذه الدول والمنظمات والكارتيلات الإعلامية والأمنية والمالية، التي دفعت وخططت وعملت وبنت استراتيجياتها على تزييف الوعي وشراء الذمم والتدجين والتهويل وتفتيت والتشويه وغسل العقول والتسطيح والتسخيف وتقديم الصورة المغشوشة والسردية المزيفة، أن تقف اليوم أمام واقع مغاير؛ أمام رأي عام يقول:
إن الاحتلال الصهيوني هو كيان عنصري بامتياز قائم على الفصل العنصري والتطهير العرقي…. ليس بالأمر السهل على هذا الكيان وهذه المنظومة الأطلسية الغربية وما يرتبط بها من تابع عربي أن تواجه هول مصيبتها الجذرية وحقيقة واقعها المتمثلة بسقوط القناع وسقوط استراتيجيتها أمام شجاعة أهل الأرض ومساندة أحرار العالم.
الميادين منخرطة بوضوح في هذه المعركة، وتعمل بكل قدراتها بخياراتها والتزامها. الميادين اليوم تتجاوز محاولات إسكاتها، لأن الصراع تجاوز مفهوم الهيمنة وأساليب الترهيب، وأصبحت الصورة أعمق في وجدان كل حر، فكل مقاوم هو صوت الميادين. ومع كل حر ورافض ومساند ومناضل، نؤسس لوقائع جديدة لاستعادة الحق، ولواقع مختلف تنتصر فيه الصورة والكلمة والسردية الحقيقية.
* المصدر : موقع الميادين نت
* المقالة تعبر عن نظر الكاتب