محمد محسن الجوهري*

 

قد يستغرب البعض من الدعم الكبير الذي تقدمه بعض الدول المحسوبة على العروبة والإسلام للكيان الصهيوني، ومساندتها له على أكثر من صعيد، بما فيها سياسياً وعسكرياً.

مؤخراً تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن وصول دعم عسكري مقدم من دولة الإمارات إلى قاعدة “نيفاتيم” في النقب، ومشاركتها أيضاً في تنفيذ ضربات جوية ضد الفلسطينيين قطاع غزة.

لم يتم تأكيد الخبر من مصادر رسمية أو محايدة، إلا أن كلمة الإمارات في مجلس الأمن، التي أدانت فيها حركة المقاومة الإسلامية حماس، يؤكد توجه الدولة العلني لنصرة اليهود في معركتهم الأبدية ضد الإسلام والمسلمين داخل فلسطين وخارجها.
الموقف الإماراتي ليس بدعةً بين مواقف الدول الخليجية عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، فالموقف الرسمي هناك ثابت ولا يتعاطى بإيجابية مع مصالح الشعب الفلسطيني، ويفضل الصمت في أحسن الأحوال تجاه جرائم العدو الصهيوني اليومية بحق الفلسطينيين.

تلك المواقف الخانعة لا تبدو مستهجنة إذا تأملنا تاريخ الدول المطبعة مع إسرائيل، وكيف نشأت على يد الغرب لتحقيق أهداف صهيونية محضة، منها عرقلة تحرير فلسطين وتطهيرها من اليهود.

فعلى سبيل المثال، وفي الفترة بين وعد بلفور سنة 1917 وإعلان تأسيس الكيان في 1948، أنشأت بريطانيا وفرنسا عدة كيانات سياسية في الشرق الأوسط تمهيداً لقيام إسرائيل، وحتى لا تظهر لوحدها ككيان غريب وشاذ في المنطقة.

لنعد بالذاكرة إلى المرحلة بين 1917 وإعلان وعد بلفور المشؤوم، وتاريخ قيام إسرائيل في نوفمبر 1948، ستجد أن المملكة العربية السعودية تأسست في 23 سبتمبر 1932 بدعم وتمويل بريطاني مباشر لعبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود، الذي تعهد خطياً مقابل ذلك بالتخلي عن فلسطين لليهود.

وعلى ذلك المبدأ جرى تأسيس سائر دول الخليج التي كانت قبل إعلان استقلالها الشكلي تحت الانتداب الإنجليزي منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

ولأن فلسطين هي البوصلة وقبلة الأحرار، فإن تلك الدول الغربية المنشأ والعربية الشكل، لا يمكن أن تشارك بموقف جاد وحقيقي في دعم القضية الفلسطينية، وتتجلى خياناتها للثوابت الإسلامية مع كل تحركٍ شعبي مقاوم في الأراضي المحتلة.

وكما أن تأسيس تلك الدول ارتبط باحتلال اليهود لفلسطين، فإنها أيضاً ترى زوالها يرتبط بتحرير فلسطين من اليهود، وترى أن كل خطر ينذر بتلاشي إسرائيل يمثل إنذاراً فعلياً بزوال كياناتها اللقيطة؛ ولا عجب بعد ذلك إن وصفت المقاومة ضد اليهود بالعمل البربري.

* المقالة تعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع