بقلم: جان شاول

(موقع “الإشتراكية العالمية, World Socialist Wib “Site, ترجمة : انيسة معيض – سبأ)

أمرت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة حكومة المحافظين بتعليق إصدار تراخيص جديدة لبيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

ووجدت المحكمة الشهر الماضي أن الحكومة تقاعست عن تقييم ما إذا كانت الأسلحة التي تزود بها بريطانيا ستُستخدم في حرب الرياض القاتلة في اليمن، الآن في عامها الخامس، لا تزال تعمل على انتهاك القانون الإنساني الدولي والقوانين البريطانية الخاصة.

أكدت القضية أن الحكومة البريطانية سعت إلى التهرب من القانون الدولي، بما في ذلك المعاهدة الأوروبية 2014 بشأن مبيعات الأسلحة، عن طريق بيع الأسلحة مع العلم أنها ستستخدم في ارتكاب جرائم الحرب.

تسببت الغارات الجوية وغيرها من العمليات القتالية في اليمن في مقتل ما يقدر بنحو 80 الف شخص، من بينهم ما لا يقل عن 17.700 الف مدني، في حين يحتاج 3.2 مليون شخص على الأقل إلى علاج جراء سوء التغذية الحاد، بما في ذلك مليوني طفل دون سن الخامسة.

ذكرت منظمة أنقذوا الطفولة في نهاية العام الماضي أن ما يصل إلى 85.000 ألف طفل دون سن الخامسة قد لقوا مصرعهم جراء الجوع والمرض منذ بداية المجزرة بقيادة السعودية في عام 2015.

قلل المتحدث باسم وزارة التجارة الدولية (DIT)، التي تمنح تراخيص لمبيعات الأسلحة، من أهمية الحكم، قائلاً إن الحكومة هي صاحبة صنع القرار السياسي ولا علاقة لها بمبيعات الأسلحة غير قانونية، وأن الحكومة ستستأنف لدى المحكمة العليا لإسقاط الحكم.

سعت حملة مكافحة تجارة الأسلحة (CAAT)، وهي منظمة غير حكومية مقرها بريطانيا إلى إلغاء حكم سابق للمحكمة العليا يسمح بتصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية .. مشددة بأن مبيعات الأسلحة تشكل خرقاً للقانون الإنساني الدولي (IHL) بسبب الضرر غير المتناسب الذي تسببه المعدات العسكرية على المدنيين.

علاوة على ذلك، تُستخدم الطائرات والقنابل والصواريخ التي تصنعها بريطانيا لاستهداف المدنيين في خرق قانون تصدير الأسلحة البريطانية الذي يحظر بيع الأسلحة أو الذخائر إلى دولة يكون  فيها” خطر واضح من ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي.

ووفقاً للبيانات الخاصة بوزارة الدفاع، بلغ عدد انتهاكات القانون الدولي الإنساني 350 انتهاك وذلك بحلول شهر مارس 2018.

حذرت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية من أن القنابل العنقودية “المصنوعة في بريطانيا العظمى” المحرمة بموجب القانون الدولي – قد استخدمت ضد أهداف مدنية مثل المزارع في شمال اليمن.

رغم ذلك، تؤكد الحكومة أنها تلقت تأكيدات من التحالف الذي تقوده السعودية بأن حملة القصف تلتزم بالقانون الدولي.

في حين أن المحكمة رفضت حجة حملة مكافحة تجارة الاسلحة، فقد وجدت أن وزارة التجارة الدولية DIT الموافقة على المبيعات، قد فشلت في النظر في موقف التحالف بقيادة السعودية من الانتهاكات السابقة للقانون الإنساني, وبالتالي، فإن هذا يفند إدعاء الحكومة ان لديها “واحد من أقوى أنظمة مراقبة تصدير الأسلحة في العالم”.

وفقاً للأدلة التي تم سماعها في جلسة سرية ولكن تمت الإشارة إليها في حكم صريح، قررت وزارة التجارة الدولية  تغيير منهجيتها فيما يخص الموافقة على مبيعات الأسلحة في أوائل عام 2016.

كان هذا في وقت يتزايد فيه القلق الدولي بشأن الإصابات في اوساط المدنيين الناجمة عن حملة القصف الجوي للتحالف والتي دمرت مستشفى في محافظة صعدة وعيادة متنقلة تديرها منظمة أطباء بلا حدود.

جادلت الحكومة في قضية المحكمة العليا السابقة في عام 2017, معارضة طلب حملة مكافحة الاسلحة  للمراجعة القضائية لمبيعات الأسلحة للسعودية، بأن المستشفيات والمدارس يمكن أن تكون “مستودع أسلحة” وبالتالي يمكن اعتبارها أهداف “مزدوجة الاستخدام”، مما يجعل لها أهداف مشروعة لهم.

كما زعمت ايضاً أن المبيعات تمت الموافقة عليها بعد أخذ مشورة الخبراء من وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث ووزارة الدفاع، وكلاهما يزود أو “ينصح به” موظفو صناعة الدفاع السابقون.

حتى أن محامي الوزارة، جيمس إيدي كيو سي، كان لديه ما يقول: إن الأدلة تشير إلى أن المملكة العربية السعودية “ليست دولة مخالفة بشكل صارخ  للقانون الدولي الإنساني, إنها تعرف أن عيون العالم عليها”.

توقف وزارة التجارة الدولية ببساطة التسجيل ما اذا تحدث انتهاكات مشتبه بها من عدمها, حيث عدلت قاعدة البيانات المستخدمة لتتبع الضربات الجوية “لإزالة العمود أو الصندوق ذي الصلة” الذي سيتم فيه تسجيل أي انتهاك مشتبه به, “ومن ثم لا يوجد مستند أو مستندات … توضح الأساس المنطقي الذي كان يعتقد أنه من الصواب عدم إجراء أي تقييم للانتهاكات السابقة أو حتى محاولة إجراؤها إلا من خلاله”.

تشهد القضية أولاً على تجاهل الحكومة المتعمد للأدلة على أن آل سعود البربرية – الحليف الوثيق – كان ينتهك القانون؛ وثانيا، للتهرب من القواعد الخاصة بها؛ وثالثا، إلى كذبها المخزي للجمهور أن لديها آلية تحكم صارمة بالأسلحة.

مثل هذه الأكاذيب والخداع والتشويش ضرورية لأن أقلية ضئيلة فقط من الرأي العام البريطاني – 6 % فقط، وفقاً لمسح أجري العام الماضي – تدعم مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

تعرف الحكومة تمام المعرفة أن هناك معارضة جماهيرية في الطبقة العاملة للعسكرية والحرب، وكذلك لعدم المساواة الاجتماعية والفقر.

عارضت الحكومة البريطانية بشدة أي حظر على الأسلحة ضد حليفتها، مدعية أنه لا يوجد دليل قاطع على انتهاكات حقوق الإنسان, كما عارضت إجراء تحقيق من قبل محكمة نزيهة.

في أكتوبر 2016, منعت المملكة المتحدة اقتراح من هولندا يدعو الاتحاد الأوروبي إلى مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب في اليمن.

ناقش قرار محكمة الاستئناف أنه حتى لو كان من المستحيل التأكد مما إذا كان هناك انتهاك محتمل للقانون الإنساني الدولي من قبل التحالف والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، “فعلى الأقل يجب القيام بالمحاولة”.

قامت الحكومة البريطانية بمنح تراخيص بيع بما لا يقل عن 4.7 مليار جنيه إسترليني (6.1 مليار دولار أمريكي) من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية منذ بدء الحرب التي قادتها السعودية في مارس 2015, بعد أن طرد المتمردون الحوثيون حكومة الرئيس عبد ربه منصور الفاسدة, فالرئيس هادي دمية الرياض وواشنطن, لقد خلق أسوأ أزمة إنسانية على هذا الكوكب في بلد كان بالفعل من أفقر بلدان العالم العربي.

يشمل الترخيص 2.7 مليار جنيه إسترليني (3.4 مليار دولار أمريكي) من الطائرات و 1.9 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار أمريكي) من الصواريخ والقنابل اليدوية, لكن الحجم الحقيقي لمبيعات الأسلحة ربما يكون أعلى من ذلك بكثير، حيث يتم نقل الكثير منها في ظل نظام مبهم من “التراخيص المفتوحة” الذي يستخدم لفرض عقوبات على مبيعات الأسلحة لأنظمة دموية في الشرق الأوسط، مثل السيسي في مصر والمملكة العربية السعودية.

وفقاً لموقع “Middle East Eye” كان هناك ارتفاع بنسبة 22 % في استخدام التراخيص المفتوحة السرية منذ تعهد الوزراء بزيادة صادرات الأسلحة البريطانية بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من 80 من أفراد القوات الجوية الملكية يخدمون في المملكة العربية السعودية، بعضهم داخل مركز القيادة والسيطرة الذين يقومون باختيار الاهداف في اليمن ليتم قصفها، بينما يقوم آخرون بتدريب القوات الجوية السعودية، وفقاً لصحيفة الاندبندنت, يعتقد أن هناك 6200  بريطاني يعملون في القواعد العسكرية السعودية، ويقومون بتدريب الطيارين وصيانة الطائرات.

إضافة إلى دعم المذبحة في اليمن، كانت هناك تقارير تفيد بأن القوات البريطانية لها دور قتالي على الأرض، حيث ذكرت صحيفة ميل في شهر مارس أن خمسة جنود كوماندوس من القوات الخاصة البريطانية على الأقل أصيبوا في معارك بالأسلحة النارية كجزء من حملة عسكرية سرية مهمة للمملكة المتحدة في اليمن.

عانت القوات في الخدمة الخاصة (SBS)، والتي لم يتم إبلاغ البرلمان بها وعن أنشطتها، من إصابات بطلقات نارية في اشتباكات عنيفة مع قوات الحوثيين في منطقة صعدة شمال اليمن، حيث يتمركز ما يصل إلى 30 من القوات البريطانية.

هكذا تقاتل القوات البريطانية الخاصة على نفس جانب الجهاديين والميليشيات المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تشكل جزءاً من التحالف الذي تقوده السعودية وتستخدم الجنود الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 14 عاماً.