السياسية || نصر القريطي

 

مدلولاتٌ كثيرةٌ تحملها تصريحات واشنطن بأن بوارجها المتواجدة في البحر الأحمر قد اعترضت صواريخاً ومسيراتٍ هجوميةٍ انطلقت من اليمن..

 في الحقيقة فإننا لا نعتمد على الإطلاق على الروايات الامريكية لكل احداث المنطقة لكننا بالمقابل يجب ان نرى ابعاد هذا الإعلان بعيون اعدائنا وهنا نعني حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين..

 

القراءة من هذه الزاوية تقودنا مباشرةً الى ما كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنالتأكيدات صحيفة “وول ستريت جورنال الامريكية” أن الولايات المتحدة سترسل عما قريب أنظمة دفاع جوي الى دول الخليج تسلط الضوء على حقيقة التحالف بين واشنطن وأنظمة الخليج وعلى رأسهم حكام السعودية..

 يتناقض تواتر الاعترافات الامريكية والإسرائيلية بأن تل ابيب كانت على موعدٍ مع صواريخ ومسيرات قادمة من اليمن والادعاء بأن البوارج الامريكية قد اعترضتها مع الإعلان الأمريكي عن نيّة واشنطن نصب منظوماتٍ دفاعية جديدة في مياه الخليج..

 

في أوج الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تخرج الرواية الرسمية الامريكية الإسرائيلية للحديث عن اعتراض صواريخ اطلقت من اليمن..

 يجب ان تدرك العواصم الخليجية وعلى رأسها الرياض ان المنظومات الدفاعية التي تحدثت واشنطن عن تسريع وصولها اليها لن تكون مخصصة لحماية دول الخليج من أي هجمات صاروخية سواء كانت قادمة من اليمن أو غيرها..

 يضع توقيت الكشف عن نوايا واشنطن مد دول الخليج بأنظمة دفاع جوي متقدمة علامات استفهام كبيرة بخصوص من ترغب واشنطن بالدفاع عنه عبر هذه المنظومات الصاروخية المتقدمة التي تريد نصبها في الخليج..

 هذا الإعلان الأمريكي في هذا التوقيت يمثّل صفعةً مدويّة للسعوديين بدلاً من ان يكون ترجمةً لمطالب الحماية التي تريدها الرياض من واشنطن والتي أوضح محمد ابن سلمان استعداده لمقايضتها بالتطبيع مع إسرائيل..

 

الخبر الذي شكّل صفعةً جديدة في وجه ابن سلمان تمثّل في ان واشنطن تريد من دول الخليج ان تكون مجرد منصّة لنصب هذه المنظومة الدفاعية الصاروخية لتحمي عبرها إسرائيل حليفها الحقيقي في المنطقة الذي ترى واشنطن انها تتعرض لتهديدات وجودية وشيكةٍ قد تطالها..

 الارتباط الأمريكي البريطاني الوثيق بالدفاع عن إسرائيل متعلقٌ بارتباط هاتين القوتين الغربيتين بنشأة الصهيونية العالمية واستمرارها..

 

لطالما كرر الكثير من الرؤوساء والمفكرين والسياسيين الأمريكيين عبارة ان “إسرائيل ان لم تكن موجودة على الخارطة فإنهم سيوجدونها”..

 يجب ان يعرف السعوديون والاماراتيون وكل من يريد ان يكون مطية للأمريكان ان تحالف واشنطن مع دول الخليج لا يشبه على الاطلاق تحالفها مع إسرائيل واستعداد الولايات المتحدة لخوض كل حربٍ من أجل هذا الكيان الذي يريدون ان يلتهموا به المنطقة..

 

المقارنة بين التحالف بين الامريكان والغرب من جهة وبين إسرائيل ودول الخليج من جهة يرجح الكفة لصالح دول كيان الاحتلال لان التحالف بين الامريكان والغرب مع دول الخليج هو علاقة مصلحية انتهازية مطلقة..

فاصل

لطالما صار التجاهل الأمريكي هو السمة الأبرز لعلاقات الدفاع بين واشنطن وحلفائها في الرياض وابوظبي خصوصاً مع تهافت حكام السعودية والامارات على طلب مزيدٍ من الحماية الامريكية التي لم توفر لهم شيئاً حينما وصلتهم صواريخ العزة اليمنية..

 لم تعد واشنطن تولي المخاوف الأمنية السعودية أي اهتمام بل اكثر من ذلك يرى خبراء بأن واشنطن تميل لترك السعوديين يواجهون تحدياتهم الأمنية بأنفسهم مع استمرارها في بيعهم الكثير من الوهم والوعود المطاطية التي ليس لها رديف على الأرض..

 

هذه المعادلة لا تعني ان واشنطن مستعدةٌ للتخلّي عن حليفها السعودي او انها ستراجع حساباتها في دعم الحرب على اليمن لكنها تشير الى ان امن

المملكة كما يتم التعبير عنه في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لم يعد يمثل أولوية لواشنطن على الإطلاق..

 

لقد قلب طوفان الأقصى سّلم الأولويات الامريكية رأساً على عقب الامر الذي دفع الثعلب العجوز بايدن للمسارعة بإرسال حاملات الطائرات الواحدة تلو الأخرى في محاولة لإرسال رسائل لكل من يفكر بالانخراط المباشر في المعركة ضد الكيان الصهيوني بأن تهديد وجود إسرائيل يطال الولايات المتحدة الامريكية مباشرةً..

 

كل ما يريده الامريكان من هذه المناورة هو التأكيد على ان دول الخليج لن تكون اكثر من مجرد منصات صاروخية او جبهة متقدمة لحماية إسرائيل..

 

يجب ان تدرك كل عواصم المنطقة وعلى رأسها الرياض ان المنظومة الصاروخية التي تحدثت واشنطن عن تسريع وصولها لدول الخليج انما تهدف لحماية إسرائيل ولا علاقة لها بكل التحديات التي تواجهها الأنظمة الخليجية..

 

لقد سحبت القيادة المركزية الامريكية منظومة الصواريخ الامريكية الاعتراضية من الأراضي السعودية في فتراتٍ سابقة لكنها اليوم تعلن عن نيتها امداد دول الخليج بمنظومات اعتراضية اكثر تقدماً..

 لماذا سيمد الأمريكي الرياض من جديد بأنظمة صواريخ اعتراضية سحبها منهم قبل فترة وجيزة..!

 

لو سأل ابن سلمان نفسه هذا السؤال لأتاه الجواب الشافي بأن واشنطن لا تعتبر السعوديين وكل من يرتهن لها من دول المنطقة حلفاء بل تنظر اليهم كأدواتٍ تستخدمها وجسوراً تعبر فوقها لتحقيق أهدافها المشتركة مع الصهيونية العالمية.

 

  • المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع