السياسية :

 

✍? إيناس عبدالوهاب

 

سقطت قطرات من السماء وانحدرت على الأرض تاركةً كل البقاع ، لتذهب مهرولة لمن يستحق الحياة ،

لأنها تعرف أنها أصل الحياة وبدونها تجف القلوب لترتسم مراسيم العزاء ،

فقد عرفت قطراتنا اليوم أين يجب أن تكون ، بداخل القلب النابض الذي يستحق منها أن تزيده رونقًا وجمالًا ،

لتهمس هذه القطرات قائلة : أنا ومعي بركات الله نزلت من السماء ، لأحط رحالي عند من رفع الصلوات على النبي وآله ، ورفع ذكر خير الأنام ، وحقق قول الله سبحانه وتعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )

فهو قلبٌ أحياه الله بذكرالنبي ( صلوات الله عليه وعلى آله ) ،

لتقرر قطراتنا أن تزيد من فرح القلب المستبشر بقدوم مولد السراج المنير ، لتجعل منه قلبًا مضاءً بحب إمام المرسلين ، لأنه اعترف بفضل الله ورحمته ، فلن تخفى عن قطراتنا المتتابعة مسيرتها بين الشرايين أن تزرع ما بين الضفاف الابتهاج بالرحمة المهداة ،

لأنها تعرف معنى قول الله تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )

لم تنتهي رحلة القطرات المباركة لتغوص لعمق هذا القلب المعبر عن الولاء والانتماء لمن استحق من الله الثناء ، بقوله جل وعلا : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )

لتجد نفسها قد وصلت وهي تبحر عبر الدماء الغاضبة الغيورة على رسولها لتصل للشفاة الناطقة بموقفها المسؤول أمام من نصبوا للرسول الكريم العداء ،

فأقسمت قطرات السماء أنها ستبقى بين هذه الدماء الثائرة إلى اليوم الذي يحين فيه الإحتفاء والاعتراف بمنة الله على الأنام لترسل قوله الله تعالى :

( لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) إلى كل من اعترفوا بمنة الله عليهم ، ولم يعد للضلال مكان بينهم ،

 

لتسارع القطرات خطواتها لتجد نفسها قد انسكبت لتتلألأ بين العيون الخاشعة توقيرًا وإجلالًا وتعظيمًا وتقديسًا للرحمة المهداة لكل العالمين، ليقينها بقول الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَـمِينَ )

وبدون أن تشعر القطرات اندمجت مع الدموع الدافئة وقبل أن تسقط على الخدود المتوقدة حبًا للرسول الأكرم ،

وقفت لتصرخ قائلة بالله عليكِ قفي أيتها العيون عن البكاء ، لا تذرفيني مع دموعكِ ، لأبقى داخل هذا الجسد الذي جعل من ذكرى مولد الرسول محطة

لاكتساب الوعي وشحذ الهمم ورفع المعنويات لتضيء أنوار الأرض فتصل بنورها إلى السماء ، لنقول لكل من دفن قلبه بيده لن تحيا إلا بإحياء ذكرى النبي المجتبى (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ) .