الغابون تنهي الوصاية الفرنسية
السياسية || تقارير || صادق سريع :
بعد ستة أيام من إعلان ضباط الجيش الغابوني إنهاء النظام السابق في البلاد واستعادة سلطة الشعب، أدى الجنرال بريس أوليغي نغيما اليمين الدستورية أمس الإثنين ، رئيسا لـ “مرحلة انتقالية”.
وأقسم الرئيس الغابوني الجديد أوليغي أمام قضاة المحكمة الدستورية مرتديا زي الحرس الجمهوري الأحمر، على أن يحافظ بكل إخلاص على النظام الجمهوري وأصون مكتسبات الديمقراطية”.
وعقب تأديته اليمين ، أمس 5 سبتمبر 2023 ، كرئيس لـ “مرحلة انتقالية” مجهول مدتها، وعد نغيما بإعادة السلطة المدنية عبر انتخابات حرة وشفافة وذات مصداقية دون تحديد موعدها.
وأكد الرجل الغابوني القوي من العاصمة ليبرفيل أن أولوياته ستركز على مكافحة الفساد وسوء الإدارة والنهوض الاقتصادي والتوزيع العادل للثروات على الشعب.
نهاية الوصاية الفرنسية
وفجر الأربعاء 30 أغسطس 2023 ، أعلن ضباط الجيش الغابوني بقياده أوليغي”نهاية نظام” بونغو، بعد أقل من ساعة على إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 26 أغسطس 2023 ، بتهمة تزوير النتائج على اثرها وضع بونغو قيد الإقامة الجبرية ، بينما أفاد محامو زوجته سيلفيا بونغو التي تحمل أيضاً الجنسية الفرنسية أنها محتجزة ومنعت من التواصل الخارجي.
قال البيان : “قررنا الدفاع عن السلام وإنهاء النظام الحالي”، واستعاده حقوق الشعب الغابوني من السلطة الحاكمة التي تحكم تحت الوصاية الفرنسية”.. مضيفاً ، أن الانتخابات لم تستوف شروطها الشفافة كما كان يأمل الشعب .
وأنتخب بونغو 64 عاما لأول مرة في العام 2009، وهو الذي يحكم البلاد منذ 14 عاما بعد والده عمر بونغو الذي حكم البلاد 41 عاما.
وكانت المعارضة تندد باستمرار بإطالة أمد “سلالة بونغو” التي تحكم البلاد منذ أكثر من 55 عاما.
ودعا أولغي، الذي يظهر محاطاً بحراسة مشددة، القوى الوطنية الفاعلة في البلاد ، باستثناء من لا يزال يطالب بتسليم السلطة للمدنيين، المشاركة في وضع دستور جديد للبلاد سيتم الاستفتاء عليه لاحقاً.. مؤكدا أن التغيير جرى بدون إراقة دماء ولم يعلَن وقوع قتلى أو جرحى إلى اليوم.
ردود أفعال
وأثارت أحداث استعادة السلطة في الغابون ردود أفعال اقليمية ودولية ، حيث ندد الاتحاد الأفريقي والأوربي والأمم المتحدة وبعض عواصم غربية والتي وصفت عملية التغيير بالمختلف وذلك لأنها أعقبت عملية تزوير انتخابية.
ووصف وزير خارجية الاتحاد الأوربي جوزيب بوريل استعادة السلطة في الغابون ب الانقلاب المؤسساتيّ.
وعبرت الولايات المتحدة، معارضتها الشديدة للاستيلاء على السلطة داعية إلى الحفاظ على الحكم المدني.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر : “نحض من هم في سدة المسؤولية على إطلاق سراح أعضاء الحكومة وعائلاتهم وضمان سلامتهم والحفاظ على الحكم المدني”.
فيما تعاملت فرنسا بحذر مع عملية التغيير في الغابون والذي تعتبر أحد أهم مستعمراتها السابقة، وفي أول رد، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أوليفييه فيران في 30 أغسطس الماضي: “فرنسا تدين الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم علي بونغو، مضيفا : “الدبلوماسية الفرنسية تؤكد مرة أخرى رغبتها أن يتم احترام نتائج الانتخابات عندما يعلن عنها”.
وتعد دولة الغابون أحدث مستعمرة فرنسية سابقة في القاره الأفريقية، شهدت عملية تغيير في السنوات الأخيرة، بعد مالي وبوركينا فاسو وغينيا ومؤخرا النيجر.
ما وراء أحداث الغابون؟
يرى الباحث السياسي في معهد الدراسات الإفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية نيكيتا بانين ،إنه من غير المرجح أن يكون قيام الجيش باستعادة السلطة للشعب في الغابون مدفوعا بقوى خارجية ، أي أن عمليه التغيير تعود للوضع الداخلي للبلاد ابرزها نتائج العملية الانتخابية .
دور فرنسي كمراقب
ويؤكد خبراء ومراقبون على انتهاء عهد فرنسا في القاره السمراء والغابون بشكل خاص ، حيث تقول رئيسة الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس ، كارولين روسي، :” نشهد تغير في العصر أمام كل هذه المتغيرات الجيوسياسية وأصبح دور فرنسا من باب المبدأ تندد بالأحداث في الدول الأفريقية، لكنها ترفض التدخل في شئونها الداخلية”.
في حين يرى فرانسو غولم ، صاحب كتاب “الغابون وظله ” لوكالة فرانس برس، اقتصار مواقف فرنسا كمراقب لا سيما أنها وصفت ما حدث في الغابون بثورة قصر”.
وأضاف:” أن العلاقات بين فرنسا والغابون منذ عهد الرئيس فرانسوا هولاند لم تكن سيئة، لكنها لم تعد كالسابق” .
ويؤكد كارول روسي، فقدان فرنسا تأثيرها بشكل كبير في الغابون .
مصالح مستمرة
وعلى الرغم من الأحداث الأخيره في الغابون ، فلا تزال فرنسا تحافظ على ما تبقى من مصالحها في البلد الافريقي الغني بالنفط ، حيث بلغت العائدات الماليه ل 80 شركة اقتصاديه فرنسية حوالي 3 مليار يورو خصوصا في قطاع النفط .
والغابون هي دولة أفريقية تقع في “منطقة إفريقيا جنوب الصحراء” وتبلغ مساحتها قرابة 270 ألف كيلومتر مربع، وتمتلك احتياطات نفطية تقدر بملياري برميل في حين تنتج نحو 193 ألف برميل يومياً وعضو في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”.
وتمتلك فرنسا منذ استقلال الغابون في 1960 ، قاعدة عسكرية مستقرة بقوة تضم 350 إلى 400 عسكري مهمتها تدريب جنود دول المجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا الوسطى.