ثلاثة أعوام على “اتفاقيات إبراهيم”.. التطبيع في خدمة الاستبداد الإماراتي
السياسية:
خلصت دراسة بحثية في ذكرى مرور ثلاثة أعوام على “اتفاقيات إبراهيم” العربية مع كيان إسرائيل، أن تدشين التطبيع العلني مع تل أبيب تكرس في خدمة الاستبداد الإماراتي.
وقالت دراسة صدرت عن “المركز العربي في واشنطن“، إن محاولة أبوظبي تصوير التطبيع العربي الصهيوني وتوسيع اتفاقيات إبراهيم كوسيلة لزيادة الاستقرار أو توسيع النفوذ الأمريكي هو أمر خيالي.
ورأت الدراسة أن الاتفاقيات التي قننت التطبيع بين كيان إسرائيل والإمارات والبحرين في 15 سبتمبر/أيلول 2020، وبعد ذلك بين كيان إسرائيل والمغرب والسودان، لم تحقق أهدافها المعلنة، وينبغي إعادة صياغتها بالكامل.
وأوضحت أن التطبيع العربي الصهيوني لا يمكن اعتباره “سلاما”، بل ينبغي أن يُفهم على أنه إدارة استبدادية للصراع، ومن خلال هذه العدسة، يمكن فهم كيف غيرت اتفاقيات إبراهيم مشهد المنطقة، ولماذا يؤدي اتباع مثل هذه السياسة إلى مستقبل غير مستدام.
فبينما جرى وصف اتفاقيات إبراهيم، وغيرها من أشكال التطبيع العربي الصهيوني التي تلت ذلك، على أنها اتفاق سلام بين أطراف الصراع، لم يكن أي من الموقعين على الاتفاقات في صراع مباشر مع كيان إسرائيل.
صحيح أن الدول الموقعة، بحكم عضويتها في جامعة الدول العربية، اتخذت مواقف بشأن الصراع الصهيوني الفلسطيني؛ لكن أيا منها لم تكن في حالة حرب مع كيان إسرائيل، ولم يكن خطر انخراطها في صراع عسكري مع إسرائيل قائما، نظرًا لبعدها الجغرافي عن الدولة العبرية.
وإزاء ذلك، بحسب الدراسة فإن تأطير اتفاقيات إبراهيم باعتبارها “سلاماً” أدى إلى زيادة الاستقرار بين الموقعين هو أمر “مضلل”.
وذكرت أن اتفاقيات التطبيع سهّلت قدراً أكبر من التنسيق الأمني بين الدول الموقعة، وفي كثير من الأحيان كان هذا بمثابة “تعبير ملطف لزيادة تنسيق القمع”.
فعلى سبيل المثال، وسعت الإمارات نطاق تعاملها مع الشركات الصهيونية المتخصصة في التقنيات القمعية، واستثمرت في صناعة الدفاع الصهيونية.
وبات بإمكان الأنظمة العربية قمع أي بقايا معارضة متبقية في المنطقة، كما يمكن لكيان إسرائيل تسهيل الاستثمار في صناعاتها الدفاعية والأمن السيبراني مع المساعدة في تقليص المساحات المنتقدة لدورها في المنطقة وقمعها المستمر للفلسطينيين.
وفي أعقاب الربيع العربي، قامت الأنظمة العربية وفي مقدمتها الإمارات بضبط جهودها للسيطرة على الفكر الحر والمعارضة وقمعهما.
ويظهر تقرير حقوقي حديث أن مجلس وزراء الداخلية العرب (المشابه للإنتربول، ولكن لدول الجامعة العربية على وجه التحديد) كثف جهوده لتسليم المعارضين وتسهيل القمع العابر للحدود الوطنية، بالتزامن مع التطبيع العربي الصهيوني.
ورغم أن إسرائيل ليست المصدر الوحيد للمراقبة أو غيرها من التقنيات القمعية، إذ تسعى الحكومات العربية إلى البحث عن مصادر أخرى.
إلا أن التطبيع العربي الصهيوني يؤدي إلى تفاقم هذه الديناميكيات وزيادة قدرات الأنظمة القمعية من خلال تنويع مصادر دعمها.
واستقرار هذه الأنظمة يشكل في نظر شريحة كبيرة من المؤسسة الأمريكية هدفاً رئيسياً، وهو الهدف الذي يتفوق على الاعتبارات المتعلقة بالمساءلة الديمقراطية أو حقوق الإنسان.
وغالباً ما يتم صياغة الحجة الداعمة للتطبيع العربي الصهيوني من حيث “استقرار” المنطقة وتسهيل التنمية الاقتصادية من أجل تعويض المصادر الأخرى للتدخل الدولي، وخاصة من قبل روسيا والصين وإيران، “لكن هذا مجرد خيال يباع لأولئك الذين لا يدركون الحقائق الإقليمية”.
فرغم تطبيع العلاقات بين الإمارات وكيان إسرائيل، على سبيل المثال، واصلت الحكومة الإماراتية توسيع علاقاتها مع إيران، حيث رحبت مؤخرًا بوزير الخارجية الإيراني لمناقشة تعميق العلاقات بين البلدين.
وأعلنت الإمارات عن أول مناوراتها المشتركة مع الجيش الصيني في أغسطس/آب 2023.
وبدأت المنطقة برمتها في إعادة تأسيس العلاقات مع نظام الأسد في سوريا، وتطبيع تدخل روسيا ودورها في الشرق الأوسط في المستقبل المنظور.
ورفضت إسرائيل تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، والتزمت الصمت إلى حد كبير في مواجهة التدخل الروسي، وذلك رغم حث الولايات المتحدة لها على القيام بخلاف ذلك.
والأهم من ذلك، أن غياب العلاقات بين الدول الموقعة على اتفاقات إبراهيم وكيان إسرائيل لم يكن السبب وراء عدم الاستقرار في المنطقة: “بل إن الاستبداد والاحتلال والتدخل الدولي هي التي قادت هذه الاتجاهات”.
وبالتالي بحسب الدراسة فإن تصوير التطبيع العربي الصهيوني وتوسيع اتفاقيات إبراهيم كوسيلة لزيادة الاستقرار أو توسيع النفوذ الأمريكي هو أمر خيالي.
* المصدر: موقع اماراتي ليكس
* المادة الصحفية نقلت حرفيا عن المصدر