د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

بعد أن تحرّرت أفريقيا من الاحتلال الغربي، عادت الدول الغربية إلى أفريقيا من بوابة الهيمنة السياسية والاقتصادية؛ ولذلك لم تشعر الشعوبُ الأفريقية بأي تغييرٍ بين الماضي والحاضر إلَّا أنه أصبح لها حاكمٌ محلي ولاؤه المطلق للغرب، ويُعتبَرُ حارسًا للمصالح الغربية في بلاده، وهذا ساعد الغربَ -خَاصَّة فرنسا وبريطانيا- على الاستمرار في نهب ثروات الدول الأفريقية دون أن تتركَ لسكانها سوى الجوع والفقر.

وفي المقابل تتراكم ثروات قادة تلك الدول في بنوك وعواصم الغرب الديمقراطي الحر، دون أن يتعرض أُولئك القادة للمسألة أَو حتى اللوم؛ لأَنَّ السلطات المعنية في الغرب يعرفون أن تلك الأموال تأتي من الشركات الغربية مقابل تسهيلات حصلت عليها في الدول الأفريقية التي تعمل فيها.

والنيجر من الدول الأفريقية التي خضعت للهيمنة الفرنسية، وحدثت فيها عدة انقلابات، ولم يشعر الغرب بأي قلق نحوها؛ لأَنَّ تلك الانقلابات كانت تتم بالتنسيق مع فرنسا، ولكن عندما حدث الانقلابُ الأخيرُ شعر الغربُ بالغضب الشديد، وارتفع صياحُه ونياحُه وتهديده بالعقوبات والحصار والتدخل العسكري لإعادة الأمور إلى نصابها؛ أي إعادة الرئيس المعزول بالقوة، والذي زاد في غضب الغرب أن قادةَ الانقلاب أهدافُهم واضحةٌ، وهي: طرد القوات الأجنبية من البلاد، واستعادةُ القرار السيادي، ومنعُ الشركات الغربية من نهب ثروات البلاد؛ لتوظيفها في مجال التنمية، وقد التفَّ سكانُ النيجر حولَ قادة الانقلاب وايدوا الخطوات التي قاموا بها.

وبرغم الغضب والقلق الذي أصاب الغربَ بعد الانقلاب إلَّا أنه امتنع عن التدخُّل العسكري المباشر، رغم أن فرنسا وأمريكا لديهم قواتٌ في النيجر، وفضَّلوا أن يأتيَ التدخلُ العسكري من الدول المجاورة، وقد رأينا دولَ (الإكواس) تدعو للتدخل العسكري بدعم غير مباشر من فرنسا، برغم المخاطر على المنطقة إذَا نشبت الحرب في النيجر، وفرنسا تشعرُ أن الانقلاب في النيجر إذَا نجح فسوف يشجّع دولًا أُخرى على التغيير بأيةِ طريقة متاحة، وبذلك يفقِدُ الغربُ سيطرتَه على أفريقيا التي تقدم له الموادَ الأولية والثرواتِ المختلفةَ التي تضمن الرفاهيةَ للشعوب الغربية، والهدفُ الرئيسي هو إعادةُ الهيمنة الغربية على أفريقيا بغضِّ النظر عن موقف الشعوب من ذلك.

والوضعُ في النيجر مع فرنسا يشبهُ الوضعَ في اليمن مع أمريكا؛ ولذلك واجبٌ على كُـلِّ حُرٍّ أن يقفَ إلى جانب النيجر ويرفُضَ التدخُّلَ العسكري.

  • المصدر: موقع انصار الله