السياسية ـ وكالات:

وُضِع رئيس الغابون علي بونغو قيد الإقامة الجبرية محاطاً بعائلته وأطبائه، فيما أوقف أحد أبنائه بتهمة “الخيانة العظمى”، بحسب ما أعلن بيان العسكريين الذين تولوا السلطة في البلاد صباح اليوم الأربعاء.

وفي التصريح الأول بعد وضعه في الإقامة الجبرية، دعا بونغو “العالم والأصدقاء إلى التحرك ضد من قاموا باعتقاله”، ودعا “الجميع إلى الاحتجاج”، مضيفاً أنّه “لا يدري ما الذي يحدث”.

وتابع: “أنا موجود في مقر إقامتي، وابني محتجز في مكان، وزوجتي في مكان آخر”.

في المقابل، أفاد مراسل وكالة “رويترز” بأنّ “المئات يحتفلون في شوارع عاصمة الغابون، ليبرفيل، بعدما أعلن ضباط من الجيش إطاحة الحكومة”.

وصباح اليوم، أعلن عسكريون في الغابون “إلغاء نتائج الانتخابات وحلّ الدستور والسيطرة على السلطة”، وذلك عقب الإعلان عن فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية.

وقال العسكريون إنّهم “قرروا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية، ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى”.

وأعلن العسكريون، الذين يتحدّثون باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات”، “إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر”، وفقاً لما أفادت به وكالة “رويترز”.

ردود فعل دولية بشأن ما يجري في الغابون
وفي ردود الفعل على ما يشهده البلد الأفريقي، أكد الكرملين متابعة الوضع في الغابون من كثب، وصرّح المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، بأنّ “الوضع في الغابون يدعو إلى القلق العميق”.

وطالبت الخارجية الصينية بـ”ضمان الأمن” لرئيس الغابون علي بونغو.

بدوره، دانت الحكومة الفرنسية “الانقلاب العسكري في الغابون”، داعيةً إلى “احترام نتائج الانتخابات”.

قالت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، إنّ بلادها أيضاً تتابع الموقف في الغابون من كثب. وفي أعقاب هذه التطورات، أعلنت شركة التعدين الفرنسية “إراميت” تعليق كل عملياتها في الغابون.

من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنّ “وزراء دفاع دول التكتل سيناقشون الموقف في الغابون. وإذا تأكد وقوع انقلاب عسكري هناك، فذلك سيأتي بالمزيد من الاضطرابات إلى المنطقة بأكملها”.

ووصف بوريل، خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في توليدو في إسبانيا، ما يحدث في غربي أفريقيا بأنّه “يمثّل مشكلةً كبيرةً لأوروبا”.

محللون للميادين: الشعوب تؤيد ما يجري في أفريقيا
محلل الميادين للشؤون الأفريقية والدولية محمد حسب الرسول قال إنّ “ما جرى في الغابون قد يكون حركةً داخل القصر الرئاسي لاستباق أي محاولة انقلاب، كما جرى في دول أخرى”.

وأضاف حسب الرسول أنّ “ما يجري في الغابون سيؤثر في تدخل فرنسا في غربي أفريقيا، وخصوصاً النيجر”، لافتاً إلى أنّ “دولاً أوروبيةً غربيةً بنت اقتصاداتها وقوتها على حساب سرقة أفريقيا”.

أما المحلل السياسي محمد آدم، فأكد للميادين أنّ الشعوب في أفريقيا “تؤيّد ما يجري من انقلابات في القارة، لأنّها تعتبرها ثورةً لتحرير الأوطان والشعوب”، مشيراً إلى أنّ “غياب الإدارة الرشيدة والديمقراطية تسبّب في فشل دول غربي أفريقيا”.

وتابع آدم في حديثه أنّ “على فرنسا اعتماد سياسة جديدة مع الدول الأفريقية”،لافتاً إلى أنّ باريس ترى الدول الأفريقية “مجرد مزرعة لها”.

الرأي العام بشأن فرنسا في الغابون سيئ للغاية
وفي أعقاب أحداث الغابون، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بأنّ استطلاعات الرأي السابقة في البلد الأفريقي أظهرت أنّ “لدى عامة الناس رأياً سيئاً للغاية تجاه السياسيين الفرنسيين والجغرافيا السياسة الفرنسية”.

وقال مارك بورسي، الذي قدّمت شركته للعلاقات العامة المشورة للرئيس علي بونغو في حملة إعادة انتخابه، إنّ توقيت سيطرة العسكريين على السلطة بعد فترة وجيزة من إعلان نتائج الانتخابات يشير إلى أنّها “لم تكن انتفاضة عفوية”.

وكما هي الحال في المستعمرات الفرنسية السابقة الأخرى، قال بورسي إنّ استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، أظهرت أنّ “فرنسا لا تحظى بشعبية كبيرة بين غالبية الغابونيين”.

وقال بورسي إنّ استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته أشارت إلى فوز بونغو في الانتخابات في الأشهر الأخيرة، لكنّه “فوجئ بالهامش الكبير الذي أعلنته اللجنة الانتخابية”.

انتخاب بونغو رئيساً للبلاد
تأتي هذه التطورات بعد إعادة انتخاب علي بونغو، الذي يحكم الغابون منذ 14 عاماً، رئيساً للبلاد لولاية ثالثة، بحصوله على نسبة 64.27% من الأصوات، بحسب الهيئة الوطنية المكلّفة الانتخابات.

وتفوّق بونغو في انتخابات جرت بدورة واحدة على منافسه الرئيسي، ألبير أوندو أوسا، الذي حصل على 30.77 %، فيما حصل 12 مرشحاً على ما تبقّى من أصوات، بحسب ما أوضح ستيفان بوندا، رئيس المركز الغابوني للانتخابات، عبر التلفزيون الرسمي.

وصوّت الغابونيون في الانتخابات التي حصلت السبت، ودُعي نحو 850 ألف ناخب مسجّلين في هذا البلد الصغير الواقع في وسط أفريقيا والغني بالنفط، والبالغ عدد سكّانه 2.3 مليون نسمة، إلى التصويت في إطار 3 انتخابات خلال اليوم نفسه: رئاسيّة وتشريعيّة وبلديّة.

ووعد أوندو أوسا بأنّ المعارضة “الموحّدة” خلفه ستطيح بونغو وحزبه الديمقراطي الغابوني، وتضع حداً لـ”عهد عائلة بونغو”، التي تمسّكت منذ أكثر من 55 عاماً بزمام السلطة التي تعاني الفساد وسوء الحكم.

ويرأس علي بونغو البلاد منذ 14 عاماً. وقد انتُخب أوّل مرّة عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو أونديمبا الذي حكم البلاد أكثر من 41 عاماً.

وفي نيسان/أبريل الماضي، أقرّ البرلمان الغابوني تعديلاً دستورياً قلّص بموجبه ولاية الرئيس من 7 إلى 5 سنوات، وأنهى العمل بجولتي التصويت، ما عدّته المعارضة وسيلة “لتسهيل إعادة انتخاب” بونغو.

10 محطات رئيسية في تاريخ الغابون الحديث
منذ استقلالها، مرت الغابون بعدد من الأحداث المفصلية، شكلت محطات رئيسية في تاريخ الدولة الغنية بالنفط الواقعة في غرب أفريقيا. وعقب الانتخابات الأخيرة التي شهدتها، والتي فاز بموجبها الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة، أعلن ضباط من الجيش الأربعاء 30 آب/أغسطس إطاحتهم ببونغو، رافضين نتائج الانتخابات ومعلنين تأسيس ” لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات” بهدف “الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم”.

في ما يلي 10 تواريخ شكلت لحظات مفصلية منذ استقلال الغابون وحتى هذه اللحظة.

1960.. الاستقلال

استقلت الغابون عن فرنسا في 17 آب/أغسطس 1960، وانتخب ليون مابا رئيسا للبلاد في شباط/فبراير التالي. وبعد ثلاث سنوات، أُطيح به في انقلاب، قبل أن يُعاد إلى منصبه بعد تدخل عسكري من فرنسا.

1967.. بداية عهد بونغو

توفي مابا عام 1967 وخلفه نائبه ألبرت برنارد بونغو. أنشأ بونغو دولة الحزب الواحد، التي تحكم بقبضة حديدية وتستفيد من استغلال النفط. اعتنق الإسلام عام 1973 وغير اسمه إلى عمر بونغو.

بصفته المرشح الوحيد، تم انتخابه رئيسًا في الأعوام 1973 و1979 و1986.

تم اعتماد نظام متعدد الأحزاب بعد الاضطرابات الاجتماعية وأعمال الشغب في عام 1990، لكن بونغو فاز في الانتخابات في أعوام 1993 و1998 و2005.

2009.. من الأب إلى الابن

توفي بونغو في حزيران/يونيو 2009. وبعد انتخابات مثيرة للجدل في آب/أغسطس، أدى أحد أبنائه، علي بونغو، اليمين الدستورية في تشرين الأول/أكتوبر كرئيس.

وعلى الرغم من الطعن، وافقت المحكمة الدستورية على نتائج الانتخابات، لكن وقعت أعمال عنف مميتة بعد الانتخابات.

وتنتقد المعارضة “استبداد بونغو”. في عام 2010، فتح المدعون الفرنسيون تحقيقًا حول ممتلكات يملكها بونغو ورؤساء دول أفارقة آخرون في فرنسا.

2014.. اضطرابات اجتماعية

اندلعت أعمال العنف في عام 2014 بين أنصار المعارضة وقوات الأمن، خلال مظاهرة محظورة تطالب بالتنحي بونغو.

2016.. اضطرابات ما بعد الانتخابات

جرت انتخابات 2016 في مناخ داخلي متوتر إذ واجهت الحكومة جبهات مختلفة، الإضرابات ومشاكل الميزانية وانخفاض أسعار النفط.

المنافس الرئيسي لبونغو حينها كان زعيم المعارضة جان بينغ، وهو دبلوماسي مخضرم ترأس ذات يوم مفوضية الاتحاد الأفريقي وشغل مناصب عليا في الأمم المتحدة.

مع فوز بونغو بتلك الانتخابات، اندلعت موجة هائلة من أعمال العنف المميتة.

2018.. السكتة الدماغية

أصيب بونغو بسكتة دماغية في تشرين الأول/أكتوبر 2018 أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية. وتم نقله إلى المغرب لتلقي العلاج حيث أمضى فترة نقاهة لعدة أشهر.

2019.. انقلاب فاشل

في السابع من كانون الثاني/يناير 2019، نفذ جنود منشقون محاولة انقلابية فاشلة، مستفيدين من غياب بونغو.

2022.. اتهام تسعة من أبناء بونغو

في الفترة من آذار/مارس إلى تموز/يوليو 2022، اتهم القضاء الفرنسي تسعة من أبناء عمر بونغو بالفساد، بما في ذلك اختلاس الأموال العامة المتعلقة بالأصول المكتسبة في فرنسا. وتبين حيتها أن العائلة تمتلك أصولًا تقدر قيمتها بـ 85 مليون يورو في فرنسا.

2023.. دستور جديد

في نيسان/أبريل 2023، صوت البرلمان الغابوني على تعديل الدستور وتقليص فترة ولاية الرئيس من سبع إلى خمس سنوات.

وانتقدت قطاعات من المعارضة التغييرات، معتبرة أنها وسيلة “لتسهيل إعادة انتخاب” بونغو.

2023.. انقلاب ما بعد الانتخابات

أعلن ضباط عسكريون الأربعاء 30 آب/أغسطس 2023 أنهم أطاحوا بالحكومة في انقلاب واضح، بعد إعلان فوز الرئيس علي بونغو في انتخابات متنازع عليها بنسبة 64.27% من الأصوات.