السياسية- رصد:

في الفترة التي تلت الانفتاح العربي على سوريا، ظهر ازدياد لنشاط واشنطن في مناطق الرقة والتنف ومختلف المناطق الشرقية، بغية خلق توازن ميداني جديد. وبدأ الحديث عن مشروع أمريكي تركي قدمته واشنطن لأنقرة، يتضمن سحب عناصر حزب العمال الكردستاني من مناطق شرق الفرات الخاضعة لقسد ومناطق الرقة ودير الزور، وملأ الفراغ بتشكيلات قبائل عربية تدعمها واشطن، مقابل إدارة تركية – كردية محلية توافقية في بقية المناطق، بغية كبح مسار التقارب التركي السوري.

هذا المشروع تحدّث عنه مركز هدسون بإسهاب، في دراسة هي بمثابة خارطة طريق دقيقة التفاصيل في مواءمة السياسات التركية الأمريكية، والخارطة من ست خطوات أولها إخلاء دير الزور من قسد وآخرها قطع ممر الإمداد لمحور المقاومة. وبعد التحركات الأمريكية الأخيرة في شرق الفرات وتلك التي عززت الأسطول الخامس الأمريكي، ازداد الحديث عن قطع الطريق بين سوريا والعراق. وكان أول من علّق تصريحًا واضحًا عن المشروع هو الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنه فيما لو كان الأمر صحيحًا، فإنه أوهام لن تسمح بها سوريا ولا محور المقاومة.

 

إعادة التحضير لداعش في المنطقة

قبل أن يصل السيد نصر الله إلى المشروع الأمريكي المفترض، كان ثمة عرض مطول لتاريخ داعش وصناعتها خصيصًا للحرب في المنطقة، بهدف تدخّل الولايات المتحدة بحجة محاربة الإرهاب، وأن القائد الفعلي للحرب على سوريا ومنذ اليوم الأول كان الأمريكي. والهدف من البداية كان اسقاط النظام الحالي والسيطرة على سوريا واخضاعها ونهبها في شرق الفرات للنفط والغاز السوري، وهو ما يفعله الأمريكي بشكل يومي. وقد اعترف السفير الأمريكي في دمشق، ومسؤولون عرب آخرون، بمسألة تشكيل لجنة لقيادة الحرب تتألف من الأمريكي وعدد من الدول العربية والإقليمية المجاورة. وعرض الأمين العام لحزب الله سيناريو النموذج البديل عن سوريا، وهو “جماعات مسلحة تعيش الصراع والفتك الدموي على القيادة على القرار على الاستئثار بالنفط والمعابر. وطلب من الشعب السوري اليوم أن يعود ويتذكر صورة هذا البديل الذي كان يُحضر له، لأنه الآن يتم إعادة التحضير له لهذا البديل البشع والقبيح”.

 

من الذي يمنع تحرير شرق الفرات؟

أكد السيد نصر الله أن الدولة السورية وحلفاؤها قادرون ببساطة على تحرير شرق الفرات عسكريًاً كما فعلوا في السابق في البادية السورية، “شرق الفرات ليس أصعب ولكن المعركة هناك ليست مع “قسد” وليست مع المسلحين، شرق الفرات هو منطقة محتلة من قبل القوات الأميركية والقتال هناك يعني صراع إقليمي وقد ينجر إلى صراع دولي”، وبالتالي يصبح الأمريكي هو من يجرّ المنطقة إلى الحرب الإقليمية.

 

المعركة الحقيقية التي ستغير كل المعادلات

هدّد السيد نصر الله بالحرب الكبرى بشكل واضح في حال حاولت الولايات المتحدة تغيير المعادلات العسكرية القائمة. ففي حال أراد الأمريكيون استقدام جماعات مسلحة ونشرها من التنف إلى البوكمال، ومن ثمّ إغلاق الحدود السورية العراقية، فإن سوريا ومن خلفها محور المقاومة لن يسمحوا بشيء من هذا القبيل، خصوصًا إذا أراد الأمريكي أن يقاتل بأدواته، أما إذا أراد أن يقاتل بنفسه، “فهذه هي المعركة الحقيقية التي ستغير كل شي وكلّ المعادلات. وأكّد السيد أن إعادة إحياء داعش من جديد سيواجه بنفس الصلابة وبنفس القوة، وبنفس العزم، “ولن يُسمح لهؤلاء بالعبث من جديد لا في أمن سوريا ولا في أمن لبنان ولا العراق، ولا في أمن المنطقة كلها”.

 

هل الولايات المتحدة مستعدة لحرب إقليمية؟

ليس ثمة دلالة مرتفعة على وجود عمل عسكري بتدخل أمريكي مباشر، إلا أن ما ورد في تصريح رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي في 21/7 عندما ربط ما بين الصلاحيات الدفاعية والنية العدائية لدى الطرف الآخر أي أنّ قرار الاشتباك قابل للتفعيل بناء على النية السابقة لأي فعل إجرائي يقوم به الروسي والإيراني، يعيد التوازن إلى احتمال التصعيد الأمريكي والاستباقي، على الرغم من غرق الأخيرة في المستنقع الأوكراني والمستنقعات الحديثة في أفريقيا.

  • المصدر: الخنادق اللبناني
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع