السياسية: صادق سريع

 

بين الحين والآخر تشهد منطقة باب المندب الواقعة في الغرب الجنوبي لليمن، صراعات محمومة تضع خططها مسبقاً وتدير عملياتها عن بعد أنظمة الاحتلال السعو – أماراتي في حين توكل مهمة التنفيذ إلى ميليشياتها المسلحة.

مؤشرات الصراع المزمن في منطقة باب المندب تلوح بمعركة جديدة قد تدور رحاها قريباً بين شريكي تحالف العدوان السعودي ـ الإماراتي ومرتزقتهم ومن خلفهم القوى الإقليمية والدولية المشرفة على توجيه الأوامر المركزية وصولا إلى السيطرة على بوابه اليمن وشريانه المائي.

 

أطماع خفية
الاستعراضات المسلحة الأخيرة في منطقة باب المندب ومحيطها المائي، التي بدأت بتصريحات نارية في إطار حربهما الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي بين عضو ما يسمى مجلس القيادة المرتزق طارق عفاش المدعوم إماراتياً ومرتزقة من الصبيحة موالون للسعودية، تأتي ضمن مخطط الصراع الخفي المستوردة أفكاره من دهاليز دول تحالف العدوان وخبث الأطماع الصهيو-أمريكية للنفوذ على المضيق البحري والممر المائي الأهم في العالم.

توحي تلك الاستعراضات المستبقة تحركات القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر كمحاوله الطرف الأقوى على فرض سيطرته على الأرض ومن ثمَ تقديمها كقربان إثبات ولاء لجنرالات الأسطول الخامس الأمريكي الذي وصل مؤخرا إلى مياه البحر الأحمر.

 

تكلفة باهظة الثمن
حكومة صنعاء لم تقف صامته، فقد حذرت تحالف العدوان ومرتزقته على لسان وزير دفاعها اللواء ركن محمد ناصر العاطفي، محذراً تواجد دول الاحتلال ومرتزقته غير المشروع في منطقة باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية..

وقال: “ستكون كلفة تواجدكم في ‎المضيق الذي يخدم العالم باهظة الثمن”.
وأشار إلى انكشاف سيناريوهات العدو الإرهابية في السيطرة البحرية على الموانئ والجزر والمياه الإقليمية واحتضانه عناصر الإرهاب والقرصنة.

وأضاف العاطفي خلال لقائه قيادات القوات البحرية في ال 31 يوليو 2023، وفقاً لموقع وكالة (سبأ): ” قواتنا البحرية المسلحة قادرة على تأمين وحماية الملاحة البحرية في المنطقة وفقا للقوانين والأعراف الدولية ولن نحيد عنها قيد أنملة”.. مؤكدا أن منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، والنطاق الحيوي والاستراتيجي للبحر العربي والمحيط الهندي، هي النطاق الجيوبولتيكي للقوات المسلحة اليمنية وسياستها الدفاعية.

وزير الدفاع العاطفي خاطب دول تحالف العدوان محذراً: “سنقابل التحدي بالتحدي، والتصعيد بالتصعيد، والقصف بالقصف، والاحتلال بالمقاومة، والمناورات بالتطبيق العملي، والسلام بالسلام”.

 

صراع مليشيات العدوان
الرواية الإعلامية تروي قصة صراع مليشيات العدوان في منطقه باب المندب، منذ بدئها نهاية يوليو الماضي 2023، بالتراشق الإعلامي الحاد ومطالب مجاميع قبائل الصبيحة المدعومة سعودياً وإماراتيا بالعتاد العسكري، بتوقف تمدد ميليشيات المرتزق طارق عفاش وانسحابها من مناطق مديرية ذُوباب التي تدعي تبعيتها لمحافظة لحج، في حين تتبع حالياً محافظة تعز وفق التقسيم الإداري بعد العام 1990.

حسب الرواية الإعلامية، فإن مجاميع مسلحي من قبائل الصبيحة وميليشيات ما يسمى اللواء التاسع صاعقة بقيادة المرتزق فاروق الكعلولي، أجبرت عناصر المرتزق عفاش على الانسحاب، في حين نفى إعلام الأخير صحة الخبر وسيطرة قبائل الصبيحة على معسكره المتمركز في منطقة باب المندب.

إلى ذلك وفي محاوله للتهدئة أصدر المرتزق عفاش، بيان نفى فيه أي تحركات ضد أي طرف وانما ضمن خطة عسكرية تأمينية في نطاق المسرح العملياتي.

سبق أن حذر المرتزق فاروق الكعلولي أواخر يوليو الماضي من تقدم عناصر المرتزق عفاش تجاه مناطق مديرية الصبيحة في باب المندب.. وقال في منشور على حسابه بمنصة “فيس بوك”: “على قوات المرتزق طارق عفاش سرعة الانسحاب من باب المندب خلال 24 ساعة مالم جنت على نفسها”.

وتداول ناشطون على منصة تويتر “إكــxـــس”، مقطع فديو يظهر تجوّل مجاميع قبائل الصبيحة في مناطق رأس العارة وباب المندب، كدليل يثبت سيطرتها على المنطقة.

 

بداية القصة
ترجع خلفية القصة حسب الرواية المحلية، إلى العام الماضي، حين أفتتح المرتزق طارق عفاش مشروعاً لتحلية المياه في منطقة العرضي التابعة لمديرية ذُوباب وفقاً للتقسيم الإداري عقب الوحدة، واضعاً مرتزقته لحماية المشروع الخيري، بالتنسيق مع ما تسمى قيادة اللواء 17 عمالقة المتمركز في المنطقة.

وفي مطلع يونيو 2023، عزز المرتزق عفاش المنطقة ذاتها بمعدات وآليات عسكرية التي سبق تعزيزها بمجاميع مسلحة، والتي اعتبرت ما تسمى قوات العمالقة تلك الخطوة محاولة للسيطرة على المنطقة.

 

تأجيج الصراع
في السياق، يرى خبراء عسكريون أن دولتي الاحتلال السعو – إماراتي تعملان على تغذية الصراع بين أوساط ميليشياتها لتأجيج الصراع وصولا إلى سيطرة الأقوى على أهم ممر مائي في العالم.

ويرى آخرون، أن التحركات العسكرية والقبلية المسلحة الأخيرة في المنطقة هدفه إذكاء الصراع الشطري المسلح بين القبائل على النقاط الحدودية في إطار المخطط العدواني لتفكيك وحده البلاد.. وأن هناك قوى عالمية تقف وراءه وتراقب نتائجه وانتظار الوقت المناسب لتدخلها العسكري للسيطرة الكاملة على المنطقة.. معزين ذلك إلى غياب الدولة، وأن تأجيج وإطالة أمد الصراع في المنطقة يأتي ضمن أهداف دولتي الاحتلال السعو – إماراتي الاستعمارية، بغية الحصول على قرار دولي يدرج إدارة منطقة باب المندب تحت وصايتهما لعشرات السنين.

وبنظر عسكريون، فقد كشف الصراع مدى التناقض في الأهداف والتوجهات والأطماع بين المرتزقة.. متسائلين، هل تأتمر ما تسمى قوات المرتزقة بأمر المرتزق وزير الدفاع أو أن الصراع خارج سيطرة وزارته.

 

أطماع سعودية
وفي الآونة الأخيرة زادت حدة الصراعات بين دولتي الاحتلال السعو – أماراتي في جنوب اليمن المحتل والتي تتقاسم السيطرة عليه، حيث دفعت السعودية أواخر يوليو الماضي 2023، عناصر مليشيات ما تسمى قوات درع الوطن المتمركزة في مدينة عدن المحتلة، للتغلغل في محيط منطقة باب المندب.

دولة مصغرة
وحسب ما تداولته المواقع الإعلامية، فإن التحركات العسكرية والإنشائية في الساحل الغربي المحتل إماراتيا والمدار من قبل المرتزق طارق عفاش وتمدده تجاه محافظة لحج المحتلة، تأتي في إطار تنفيذ المخطط الاستعماري الإماراتي الخاص بإعلان إقليم جديد في اليمن والذي يجري تنفيذه بشكل مكثف خصوصاً من بعد تحرير القوات المسلحة واللجان الشعبية مديريات الشريط الساحلي من محافظة الحديدة نهاية2021.

الجدير ذكره أنه تم تدشين مشروع “الإقليم المصغر” رسميا في نوفمبر 2021 بإشراف مباشر من دويلة الاحتلال الإماراتي والتي بدأت تنفيذ خطتها المسربة مسبقاً، باستحداث إقليم “دولة مصغرة” في الغرب الجنوبي من البلاد.

يشار إلى أن دويلة الإمارات تحتل جزيرة “ميون” وأنشأت فيها قاعدة عسكرية في حين تخلو من الوجود العسكري لأي قوات مسلحة يمنية.

وتسيطر ميليشيات المرتزق عفاش على مديريات المخا وذُوباب الواقعة ضمن الشريط الساحلي الغربي لمحافظتي الحديدة وتعز، في حين تتقاسم السيطرة على منطقة ذُوباب مع ما تسمى قوات العمالقة التابعة التي يقودها المرتزق عبدالرحمن المحرمي عضو ما يسمى مجلس القيادة الموالي لتحالف العدوان ويستمر صراع النفوذ بين ميلشياته في مناطق باب المندب.

ومُنذ الـ 26 مارس 2015 ، تشن دول تحالف العدوان على اليمن حربا ظالمه وحصار جائر على اليمن ، انعكست تداعياتها الكارثية على المواطن والاقتصاد الوطني، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بالأسوأ على مستوى العالم.