مطار صنعاء ما يزال محاصراً.. والحصار أشد من الحرب!
عبدالرحمن الأهنومي
للعام الثامن على التوالي، ما يزال مطار صنعاء محاصراً بأوجه وأشكال عديدة، وحتى مع هبوط ثلاث رحلات أسبوعية على مدرج المطار لطائرات الخطوط الجوية اليمنية فقط دون غيرها، وإقلاعها إلى وجهة واحدة فقط هي العاصمة الأردنية عمان، ما يزال المطار محاصراً بطبيعة الحال، إذ أن المطار الأهم في اليمن الذي كان يسافر عبره أكثر من 6 آلاف مسافر يومياً، وتعمل منه الخطوط الجوية اليمنية والعشرات من شركات الملاحة الجوية العربية، كالأردنية والمصرية والقطرية والإماراتية، وحتى الأثيوبية وغيرها، وتقلع منه وإليه عشرات الرحلات اليومية من وإلى مطارات عربية ودولية مختلفة، محاصر اليوم بثلاث رحلات أسبوعية فقط، يسافر فيها نحو 900 مسافر في الحد الأعلى!
تحالف العدوان يحاصر مطار صنعاء ويغلقه بشكل كامل، ويسمح بثلاث رحلات أسبوعية، هذا هو الوضع القائم اليوم، ورفع الحصار عن مطار صنعاء لا يعني السماح لثلاث رحلات أسبوعية أو حتى ست رحلات، أو حتى عشرين رحلة أسبوعيا، إلى وجهة واحدة أو ثلاث أو عشرين، يحددها تحالف العدوان مسبقاً، بل بفتحه وإنهاء محاصرته حتى يصبح مطاراً مثل بقية مطارات الدنيا.
كان مطار صنعاء مستهدفاً منذ اللحظة الأولى لشن العدوان، فقد أعلن التحالف الإجرامي في إخباره ببدء الحرب العدوانية بأنه أغلق مطار صنعاء، وفرض حظراً جوياً على اليمن، وفي الساعات الأولى شن غارات جوية على المطار واستهدف مدارجه ومنشآته وأبراج الرقابة والرصد وغيرها، وحتى الطائرات قصفها وأحرقها في أرض المطار، وظل المطار مغلقاً من البداية وإلى اليوم ما يزال محاصراً كذلك، فقط يتنقل العدوان بين وضع وآخر، بإغلاقه نهائياً، أو بإغلاقه بثلاث أو ست رحلات.
صباح 26 مارس 2015م، كان من المقرر أن أسافر على متن الطائرة المصرية من مطار صنعاء إلى القاهرة ، وفيما كنت مستغرقاً كل لحظاتي بمتابعة شاشات التلفزة وهي تبث إعلان شن الحرب العدوانية على اليمن آتاني اتصال وتحديداً في الساعة الحادية عشر والنصف قبل منتصف الليل بأن رحلة المصرية ألغيت وعلي الانتظار للبلاغ القادم الساعة السادسة صباحا، وأخبرني المتصل بأن بلاغاً وصل إلى المطار بإلغاء رحلات المصرية والتركية والأردنية ، كان ذلك قبل إعلان العدوان والقصف الجوي، ما يعني أن محاصرة المطار بدأ قبل أن يبدأوا حربهم الإجرامية.
وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل وصلني خبر تعرض مطار صنعاء للقصف بغارات جوية من طائرات تحالف العدوان، كنت لحظته منشغلا بمشاهدة شاشات التلفزة لمتابعة إعلان الحرب العدوانية على اليمن، كان الإعلام الخليجي والغربي محتشدا في بث أخبار إعلان العدوان العسكري على اليمن، وإعلان إغلاق مطار صنعاء والحظر الجوي بالتوازي وعلى حد سواء.
تحالف العدوان وضع مطار صنعاء من أولى أهدافه العسكرية، وقصفه ودمره وحاصره، وشن حرباً على مطار صنعاء بدأت منذ اللحظة الأولى للعدوان، وقد تعرض مدرج مطار صنعاء لغارة جوية في الساعة الواحدة والنصف، ليلة بدء العدوان على اليمن، ثم غارة أخرى على مخازن المطار والتي أدت إلى انقطاع الكهرباء وانطفاء المطار ليلتذاك، ليُعيد قصف المطار عشرات المرات إن لم يكن بمئات المرات.
منذ ذلك الحين ظل مطار صنعاء محاصراً وإلى اليوم بأوجه وأشكال وأساليب متعددة، ونتذكر أن تحالف العدوان الإجرامي قام في البداية بإغلاق المطار برحلتين محاصرتين عبر مطار بيشة السعوي، وكان يُرغم طائرات اليمنية على الهبوط هناك ويحجزها لساعات، وفي أغسطس 2016م، قام بإغلاقه نهائياً بما في ذلك الرحلتين المحاصرتين عبر بيشة، وخلال تلك الفترة لم يكن يسافر عبره إلا الموظفون الأمميون والمبعوث الأممي وبإذن مسبق من غرف عمليات تحالف العدوان، وحتى مع إعلان الهدنة الأممية التي أقرت 18 رحلة شهرية حاول العدوان التهرب من السماح بالرحلات المعدودة، لولا الضغوط التي مورست عليه، فاضطر بعد مرور أشهر من سريان الهدنة للسماح ببضع رحلات وإلى وجهة واحدة وليس وجهتين حسب ما قررت الهدنة، انتهت الهدنة بمدتها، وظل المطار محاصراً برحلتين أو ثلاث كل أسبوع، فتح العدوان لثلاث رحلات خلال موسم الحج لنقل الحجاج، وقد حاول استغلالها وتوظيفها بترويج دعاياته القذرة بأنه قام بعمل إنساني بحت، ليغطي جريمته بحق ثلاثين مليون يمني يسلب حقهم في السفر بثلاث رحلات إلى الحج ومثلها إلى العاصمة الأردنية عمان، وهكذا يحاول النكوص عن الجريمة.
حاولت بعض الشركات أن تُعيد تشغيل طائراتها من مطار صنعاء وقام تحالف العدوان بمنعها، اليوم يجري تسيير ثلاث رحلات أسبوعية لطيران اليمنية، لا يمكن لأي رحلة الإقلاع أو الهبوط بمطار صنعاء إلا بعد إذن مسبق من غرف عمليات تحالف العدوان، لا يمكن لأي مواطن يمني أن يسافر من مطار صنعاء إلى بومباي أو إلى ماليزيا أو غيرهما إلا بعد أن يذهب في رحلة مكوكية طويلة إلى مطار الأردن ثم يعود من هناك، هذا إن حالفه الحظ، وإلا فعشرات الألاف ينتظرون دورهم في مقاعد الرحلات الثلاث التي يسمح بها تحالف العدوان أسبوعيا، وبعضهم ماتوا ولم يتمكنوا من السفر.
أكثر من 3 ألاف يمني عالق في الخارج يريدون العودة إلى اليمن مرضى وطلاب ومغتربون، ينتظرون حجوزات رحلات مطار صنعاء المحاطة بالوجهة وبالثلاث رحلات أسبوعيا، وبإذن غرفة عمليات تحالف العدوان، وبألف خطر ومشكلة.
مطار صنعاء مغلق ومحاط بحصار إجرامي غاشم، وبوقاحة قادة العدوان الذين يتحدثون عن مطار مفتوح، مطار صنعاء مغلق ومحاصر، وحصاره قرار وفعل عسكري لا مبرر له، ولن يفتح هذا المطار إلا بمعادلة عسكرية تغلق مطارات السعودية ودويلة الإمارات، ومن يظن أن المفاوضات أو التواصلات ستفتح المطار كما كان قبل العدوان ومثل كل مطارات العالم، فهو ينتظر المستحيل، لن يفعل العدوان ذلك حتى يلج الجمل في سم الخياط، لا تراهنوا على إنسانية القتلة والمجرمين، بل على رُعبهم وذُعرهم وانصياعهم بمعادلة عسكرية تغلق مطاراتهم.
والحال كذلك بالنسبة للمرتبات، هؤلاء المارقون لن يفتحوا حصاراً ولن يصرفوا رواتب إلا بضغط عسكري، والله الموفق.
- موقع أنصار الله