السياسية:
رشيد الحداد*

للمرّة الأولى منذ بدء الحرب قبل ثماني سنوات، يؤدي وفد من حركة «أنصار الله»، بقيادة رئيس الوفد العسكري المفاوض، اللواء الركن يحيى الرزامي، فريضة الحج في مكة، وهو ما يحمل دلالات سياسية عديدة في الظرف الحالي الذي يشهد فيه مسار السلام عملية شدّ وجذب، بسبب ما تراه صنعاء تداعيات تدخّلات أميركية.

وانتقل الوفد المكوّن من قيادات في «أنصار الله» جوّاً، الإثنين، من مطار صنعاء إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة. واعتبر مراقبون الزيارة مؤشراً مهمّاً إلى استمرار التقارب والتواصل بين صنعاء والرياض، وارتفاع مستوى الثقة بين الجانبين، على رغم بطء المفاوضات، لا سيما أن اللواء الرزامي هو أحد أهمّ القيادات العسكرية في «أنصار الله»، والمسؤول الأول عن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

مع ذلك، نفى الرزامي الذي رافقه نائبه في اللجنة العسكرية، العميد حسين الضيف، وعدد من القيادات في وزارة الإرشاد والحج وشخصيات اجتماعية رفيعة، أن يكون للزيارة أيّ طابع سياسي، إلّا أنه وصفها بالمهمّة للبلدَين والقيادتَين، متمنّياً أن تُسهم في إحراز تقدّم في الجوانب الإنسانية. من جهتها، شكّكت وسائل إعلام موالية للحكومة الموالية لتحالف العدوان في هدف الزيارة، ولم تستبعد أن يُجري الوفد لقاءات مع السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، في جدة، ولمّحت إلى أن ما يسمى بـ«المجلس الرئاسي» مغيّب كلّياً عن هذه التحركات. كما لم تستبعد وقوف سلطنة عُمان وراء الترتيب للزيارة، معتبرةً أن هذه الأخيرة تؤكد وجود تفاهمات كبيرة بين صنعاء والرياض، خاصة وأن السعودية سبق لها أن أعلنت رصد جائزة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات عن الرزامي الذي وضعته المملكة على رأس قائمة المطلوبين لها خلال السنوات الماضية.

وتُعدّ هذه الزيارة ثاني خطوة إيجابية بعد موافقة الرياض، مطلع الشهر الجاري، على فتح جسر جوّي لنقل الحجاج من مطار صنعاء إلى مطار جدة، وهو القرار الذي قوبل بترحيب عدد من قيادات صنعاء، نظراً إلى ارتفاع المخاطر والتهديدات التي يتعرّض لها الحجاج المنتقلون برّاً من مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، إلى محافظة مأرب، وصولاً إلى منفذ الوديعة بين اليمن والسعودية (تعرّض عشرات المعتمرين والحجاج خلال السنوات الماضية للاختطاف على طرقات مأرب، بذريعة الانتماء إلى حركة «أنصار الله» أو مناصرتها). وكانت وزارة النقل في صنعاء أعلنت، الأسبوع الفائت، موافقة التحالف السعودي على فتح الجسر المذكور، فيما قالت «هيئة شؤون الطيران المدني» إن هذا الإجراء يأتي ضمن خطوات الاتفاق على توسيع الرحلات من مطار صنعاء إلى وجهات جديدة منها مطارات القاهرة ومومباي وجدة. وأعلنت سلطات مطار صنعاء، بدورها، السبت، جدولة أربع رحلات مغادرة إلى مطار جدة، و15 رحلة أخرى للحجاج اليمنيين العائدين إلى بلادهم.

وبشكل لافت، استقبلت سلطات مطار جدة الحجّاح اليمنيين الواصلين على متن أول رحلة طيران تجارية قادمة من صنعاء بالورود وعقود الفلّ، فيما أفردت وسائل الإعلام السعودية تغطية واسعة لهذا الحدث. ووفقاً لسلطات الحجّ في حكومة الإنقاذ، فإن عدد حجاج هذا العام في مناطق سيطرتها بلغ 11 ألفاً جميعهم يحملون جوازات سفر صادرة من صنعاء، انتقل نحو عشرة آلاف منهم برّاً عبر وسائل نقل مختلفة تابعة لوكالات الحج. وأكدت وزارة الحج التابعة لحكومة المرتزق معين، من جهتها، الأسبوع الماضي، ارتفاع عدد حجاج اليمن خلال هذا الموسم إلى أكثر من 24 ألفاً من مختلف أرجاء البلاد، وصل منهم نحو 19 ألفاً إلى الأراضي المقدسة، على رغم ارتفاع تكاليف الحجّ للعام الجاري إلى أكثر من 3170 دولاراً.

بدوره، أعرب الممثل الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن أمله في أن «تشجّع هذه الخطوة الإيجابية وأجواء السلام في موسم الحجّ، الأطراف على اتخاذ المزيد من الخطوات لتخفيف ورفع القيود المفروضة على حرية حركة المدنيين داخل وخارج اليمن، والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق نار واستئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة». أمّا الولايات المتحدة، فحاولت «الاستحواذ» على هذا التطوّر، من خلال توصيفها إيّاه كنجاح للمبعوث الأميركي، تيم ليندركينغ، الذي زار قبل أيام الرياض، وتعهّدها، على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، آدم هودج، بالعمل على تسيير المزيد من الرحلات عبر مطار صنعاء.

* المصدر: موقع الاخبار اللبنانية

* المادة الصحفية نقلت حرفيا وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع