السياسية:

على الرغم من أن بريطانيا لعبت دورا نشطا في السباق للحصول على القنبلة النووية الأولى، إلا أنها تأخرت في هذا المجال أضاعت فرصة الحصول على هذا السلاح الفتاك بطريقة أسرع.

حين اتضح أن تصنيع قنبلة نووية لم يعد إلا مسألة وقت فقط، بدأت بريطانيا والولايات المتحدة العمل منفصلتين على الفور للحصول عل هذا السلاح.

في أوج الحرب العالمية الثانية في عام 1942، توصلت مجموعة من العلماء البريطانيين ضمن لجنة “مود” في تقرير عن القنبلة النووية إلى أنه “حتى لو انتهت الحرب قبل إنتاج القنابل، فلن تضيع هذه الجهود، لأنه لا توجد دولة تخاطر بأن تُترك من دون مثل هذا السلاح الحاسم”.

في ذلك الوقت كان العلماء في بريطانيا يعملون في مشاريع أولية لإنتاج سلاح نووي، وكان فريدريك ليندمان، مستشار ونستون تشرشل يحث رئيس الوزراء البريطاني على أخذ البرنامج النووي محمل الجد، وكان يقول: “علينا للمضي قدما… سيكون من غير المغتفر إذا سمحنا للألمان بتطوير هذا البرنامج بشكل أسرع إلى أن يتمكنوا من هزيمتنا”.

هذا المستشار رأى أن الأمريكيين يمكن أن يكونوا مفيدين جدا، لكن لا يمكن الاعتماد عليهم مئة بالمئة، ولذلك كان يشدد على ضرورة إقامة مشروع القنبلة النووية على الأرض البريطانية.

تشرشل ووافق مستشاره وقرر ترشيح جون أندرسون لمنصب وزير الأسلحة النووية، إلا أن العالم والمخترع البريطانية الشهير هنري تيزارد كان له موقف مناقض تماما، وكان يرى أن المشروع عبثي لأسباب تكتيكية وخاصة في بلد كان في ذلك الوقت تحت تهديد الغارات الجوية الألمانية، متسائلا كيف يمكن تصنيع مثل هذا السلاح على الأرض البريطانية التي قد تتعرض للغارات.

على الرغم من هذا الاعتراض، تقر البدء في المشروع النووي بحسب توصيات تشرشل، وسرعان ما جرى إرسال تقرير لجنة “تيد” إلى الأمريكيين أيضا، بما في ذلك الرئيس فرانكلين روزفلت.

روزفلت كان راسل تشرشل في خريف عام 1941 وعرض عليه إقامة نعاون مفتوح في هذا المجال يتم من خلاله تبادل الخبرات غلا أن الامر توقف عند هذا الحد.

في هذا السياق، العديد من المؤرخين يعتقدون أن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل أضاع فرصة كبيرة لأنه تلكأ في الاستجابة، ولو أنه أسرع، لكان لدى بلاده فرصة أفضل للتفاوض على شروط مواتية لاتفاقية في هذا المجال.

لم يحدث هذا الأمر، وبدأ العلماء في الولايات المتحدة في تحقيق نجاح كبير، ما دفع بالبريطانيين جانبا، بعد أن كانوا في البداية في موقع الريادة في السباق نحو القنبلة النووية.

جرت فيما بعد محاولتان لجمع جهود بريطانيا والولايات المتحدة في مجال صنع القنبلة النووية بالتقاء زعيمي البلدين في عامي 1942 و1943، إلا أن الاجتماع الأول فشل، وفي الثاني توصل الطرفان أخيرا إلى اتفاق غير رسمي لكن بالشروط الأمريكية.

جدل حول مدى إسهام بريطانيا في القنبلة النووية الأمريكية:

لاحقا ثار جدل حول مدى مدى مساهمة العلماء البريطانيين في صنع القنبلة النووية، وفيما أعلن تشرشل أن علماء بلاده لعبوا الدور الأول في المختبرات، أكد الجنرال ليزلي غروفز، مدير مشروع منهاتن، أن البريطانيين كان دورهم مفيدا لكنه لم يكن حاسما.

بعد الحرب العالمية الثانية، تم افتتاح برنامج نووي جديد على الجزر البريطيانية تحت قيادة ويليام بيني، وتم استئناف العمل في مجال الأسلحة النووية ضمن برنامج جرى الكشف عنه رسميا في عام 1948. وفي نفس العام، بدأ بناء مراكز أبحاث الطاقة الذرية، وتم تركيب المفاعل الأول في منطقة هارويل تحت اسم “بيبو”.

بريطانيا تمكنت من صنع قنبلتها النووية الأولى في عام 1953، وأطلقت عليها اسم “الدانوب الأزرق”، ونفذت تجربتها النووية الأولى في عام 1955 بموقع في أستراليا، وسعت لتوسيع ترسانتها من هذا السلاح الفتاك إلى 800 رأس نووي، وفي عام 1957، تمكنت من تجميع 200 رأس حربي، وفي 15 يونيو من نفس العام فجرت قنبلتها الهيدروجينية الأولى، وانضمت إلى قائمة ضمت في ذلك الوقت فقط الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر