دولتي الاحتلال السعودي والإماراتي وراء الفوضى في جنوب اليمن
السياسية:
رسمت حادثة إعدام التاجر الصرمي داخل محله في مدينة، عدن جنوبي اليمن، الأسبوع الماضي، صورة قاتمة للوضع في المحافظات اليمنية الجنوبية الخاضعة، منذ سنين، لسيطرة أدوات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.
والحقيقة أن حادثة إعدام الصرمي واحدة من مئات الحوادث المشابهة التي لم تنقلها الكاميرات إلينا، وتحدث بشكل شبه دائم منذ سنين، لكنَّ هذه الحادثة أيضا، ورغم بشاعتها تعكس حالة الانفلات الأمني، وهي حالة منفصلة عن عمليات التصفيات المنظمة التي شهدتها وتشهدها المدينة.
وسواء سيطرت الفوضى على الجنوب اليمني من خلال الانفلات الأمني، أو التصفيات الممنهجة، أو غياب القضاء، يبقى السؤال حول عدم استقرار الوضع في تلك المحافظات رغم الإمكانات الكبيرة قائما.
قبل الإجابة على هذا التساؤل، من المهم الإشارة إلى أن المحافظات الجنوبية المحتلة تشهد، إلى جانب هذا الانفلات، عمليات ذات طابع إرهابي بشكل مستمر، حيث عاود تنظيم القاعدة نشاطه بشكل كبير، خصوصا في محافظتي أبين وشبوة المحتلتين.
وفي مقابل تردي الوضع جنوبا، نجد أن الوضع في الشمال يشهد استقرارا كبيرا، رغم شحة الإمكانات. فعلى مستوى مكافحة الجريمة ومنع وقوعها، تنشط الأجهزة الأمنية بشكل كبير. ويمكن لأي متابع لما ينشره مركز الإعلام الأمني أن يلحظ ذلك. أما على مستوى نشاط التنظيمات الإرهابية فقد توقف بشكل كبير، أو كلي. بلغ نشاط تلك التنظيمات أوجه خلال فترة هادي في صنعاء، وكانت العاصمة تشهد عمليات بشكل شبه يومي. ولعل الجميع يذكر عملية اقتحام مجمع وزارة الدفاع في العرض، وأيضا السجن المركزي في صنعاء وإطلاق سراح أكثر من 20 إرهابيا.
بمعنى أن وضع الشمال الحالي في هذا الجانب طبيعي ويعكس وجود دولة، ودولة قوية، بخلاف الوضع في الجنوب الذي وقع ضحية للانفلات الأمني، والتصفيات الممنهجة، وغياب دور القضاء.
وللإجابة حول التساؤل المتعلق بالجنوب المحتل، يرى الناشط السياسي اليمني عادل الحسني، أن هناك عدة أسباب، أهمها أن التحالف نفسه لا يرد مكونا واحدا أن يسيطر على الجنوب حاليا، لكي تبقى الشركات الأمنية التي أنشأها، وبالذات العسكرية، كلها تحت سيطرته، لأنه إذا كان هناك فصيل قوي يحكم السيطرة على الجنوب الأكبر مساحة وثروة وأهمية، ربما يتمرد على التحالف، وهذا ما لا يريده. يريد فقط أن يكون الوضع في هذه الجغرافيا تحت سيطرته. على حد تعبيره.
ويضيف الحسني: من الأسباب أيضا، وهذا خاص بالإمارات، الرغبة في تدمير ميناء عدن، ولهذا لن يفكر أي تاجر أو رجل أعمال أو غيره في في الاستثمار في المنطقة الحرة عدن، ليبقى ميناء علي هو المستقر في المنطقة وتذهب إليه السفن. في حال استقرت مدينة عدن، واستقر الميناء، أعتقد أن هذا سوف يؤثر سلبا، وبطريقة مباشرة على ميناء جبل علي الذي يدر مبلغ 30 مليار للإمارات.
ويؤكد الحسني أن الفوضى في الجنوب اليمني المحتل، أو جزء كبير منها، ممنهج، والسبب، في نظره، يعود إلى عدم وجود قيادة موحدة، ووجود أمراء حرب. كل مربع يسيطر عليه أو يقوده فصيل مختلف عن الآخر. ولهذا فإن النتيجة الحتمية ستكون الفوضى، لكن هناك من يسمح بهذه الفوضى، ويرد أن يحتاج إليه ليكون هو المتدخل، وهو المصلح، وهو الأب والمرجع لهم كلهم. أي أن التحالف لا يستطيع أن يفرض فصيلا معينا، ولا قيادة معينة، لتنتهي هذه الفوضى أو تخف على أقل تقدير. مع التأكيد على أن التحالف يرد هذا الوضع أصلا.
وحول مصلحة السعودية والإمارات من بقاء الوضع بهذا الشكل في الجنوب، يقول الحسني، إن مصلحتهم أن يبقوا هم المسيطرين، لأنه إن استقر الوضع وأقيمت دولة، بالتالي سيطالب المواطن بالمطار والميناء واستخراج النفط وفتح المنافذ وبشركة بلحاف و… الخ.
وهذا فإن وجود التحالف بعد ذلك لن يكون مجديا وذا قيمة، وسيصبح رحيله حتميا، ولذا من مصلحته أن تبقى المناطق الخاضعة لسيطرته بهذا الشكل. أي لا فوضى مكتملة ولا دولة.
وبخصوص استقرار الوضع في الشمال رغم شحة الإمكانات، يعتقد الحسني أن السبب يعود إلى أن الشمال يحكمه شخص واحد، ونظام واحد، وتيار واحد، وفصيل واحد، وإدارة واحدة، وفكرة واحدة، وبرنامج واحد، وبالتالي حتى لو كانت الإمكانات أقل بكثير فإن النتائج ستكون أفضل بكثير، لكن حين نتحدث عن الجنوب، نتحدث عن ما يسمى بالانتقالي في عدن، وعن العمالقة التي لها أيدلوجية أخرى وتفكير آخر، وعن الإصلاح الذي مازال موجودا في كثير من المحافظات الجنوبية خاصة المهرة وسيئون، وعن البحسني والحضارم الذين لهم برنامج آخر يرفض سيطرة الضالع المحتلة، وعن صراع داخلي بين الضالع ويافع على الهيمنة والسيطرة على الأراضي في عدن المحتلة وأيضا على الصلاحيات والجبايات. بمعنى أننا نتحدث عن منظومة فساد كبيرة جدا موجودة في هذا المناطق وعن شركاء متشاكسين لا يمكن أن يكونوا جبهة واحدة، لأنه لا يراد لهم ذلك.
* المصدر: موقع عرب جورنال
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع