حوار: أندرياس زيلير(صحيفة “فرانكفورتر روندشاو” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

حدثتنا يانا براندت، منسقة مشاريع منظمة أطباء بلا حدود في اليمن، عن الكوليرا والاحتياجات اليومية للمواطنين وظروف العمل الصعبة في البلد الذي تدور فيه الحرب الأهلية.

أربع سنوات من الحرب الأهلية، اجتاحت فيها الكوليرا البلد مرتين في العام 2016 و2017 وهذه هي المرة الثالثة التي يحتاج فيها هذا الوباء البلد من جديد: سجل الأطباء في البلد الذي مزقته الحرب أعداداً متزايدة لحالات الإصابة بالكوليرا وبات من الواضح أن الكوليرا قد استوطن البلد.

قالت يانا براندت التي تعمل في الميدان كمنسق مشاريع لمنظمة أطباء بلا حدود الإغاثية في مقابلة عبر الهاتف: “ما يقلقنا حقيقة هو أن عدد الحالات ارتفع كثيراً، على الرغم من أن موسم الأمطار لم يبدأ بعد”. والآن يستعد المساعدون لحالات جديدة مصابة بالكوليرا في الأسابيع المقبلة.

الصيحفة: سيدة براندت، ما هو سبب الزيادة الحالية في حالات الإصابة بوباء الكوليرا؟

براندت: بشكل عام، ترتبط الكوليرا بشكل طبيعي بظروف النظافة العامة ونقص الرعاية الصحية في البلاد. فبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، بات الوضع الطبي في اليمن صعب للغاية. حيث لا يوجد ما يكفي من المواد الطبية والأدوية والعاملين في المجال الصحي- لأنه لم يتم دفع رواتب معظم الكادر الطبي منذ العام 2016. فقد احتاج الناس إثر ذلك إلى البحث عن وظائف أخرى لإعالة أسرهم. بالإضافة إلى ذلك، أصبح وضع السكان أكثر صعوبة بسبب الوضع الاقتصادي السيئ للغاية. الناس ليس لديهم ما يكفي من المال للتنقل ناهيك عن عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الرعاية الطبية. وعموما اليمن بلد كانت تصنف حتى من قبل الحرب كواحدة من أفقر الدول وبالتالي لم يكن لديها الأساس المتين الذي يمكنها من الصمود أمام هذه الأوضاع. تؤثر الحرب على جميع القطاعات وجميع مجالات الحياة. ولهذا السبب باتت الأوبئة تنتشر بصورة متكررة ما بين فترة وأخرى.

الصحيفة: كيف يمكنكم علاج مرضى الكوليرا؟

براندت: علاج الكوليرا سهل نسبياً. فهذا المرض يؤدي في المقام الأول إلى الإسهال والقيء، وبالتالي يصيب المرضى بحالة من الجفاف الشديد. يجب موازنة فقدان السوائل والملح، وإذا لزم الأمر يجب معالجته أيضاً بالمضادات الحيوية. أعداد الوفيات حاليا منخفضة نسبيا، لكنها موجودة على أية حال. أحيانا  نواجه حالات تعاني من الجفاف الشديد: ففي الأيام الأخيرة وصل إلينا ثلاثة أطفال في حالة وفاة. بالنسبة لأحد الحالات قال الوالدان إن الإسهال بدأ في الصباح – وعند الظهر مات الطفل، ومثل هذه الحالات تبعث على القلق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال الصغار – كأحد الأطفال عمره 18 شهراً والآخر عمره أربعة أو خمسة أعوام  والثالث  ستة أو سبعة أعوام – وثلاثتهم ماتوا خلال ساعات.

الصحيفة: هذا يعني أن الناس ليس لديهم وقت كافٍ للإنقاذ حياة المصاب؟

براندت: هذا يعتمد على المريض. الأطفال حساسون بشكل خاص، حيث تكون مقاومة الجسم لهذا المرض ضعيفة. ولذا فمن المهم أن تصل الحالات الخطيرة في الوقت المناسب لنا لتقديم المساعدة. أضف إلى ذلك أيضا صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية. سواء كان ذلك بسبب بُعد المسافة أو نقاط التفتيش أو عدم توفر المال لتغطية تكاليف النقل، الأمر الذي يتسبب في وصول المرضى في وقت متأخر إلينا.

الصحيفة: كيف تجدون الظروف الصحية في ميدان العمل بالتحديد؟

براندت: لم تعد تجري عملية إزالة النفايات. ويصدمني دائماً رؤية أجزاء واسعة من البلد مليئة بالقاذورات. كما يتم التخلص من النفايات إلى الشوارع أو يتم حرقها. أضف إلى ذلك أن المياه باتت شحيحة في اليمن بشكل عام. ولم تعد المياه جارية بوفرة في المنازل كما هو الوضع لدينا. فالناس هناك يجلبون الماء من الآبار أو من شاحنات بواسطة عبوات بلاستيكية.

لا يستطيع السكان حمل كميات كبيرة من الماء إلى المنازل وبالتالي يصبح استخدام العائلات للمياه ضئيلا. لدينا في المستشفى حالياً حوالي 130 سريراً، ونعمل على توفير المياه من خلال شاحنات النقل.

استهلاكنا اليومي أكثر من 30 ألف لتر. لدينا حوالي 900 حالة ولادة شهريا – لذلك نحن بحاجة إلى الكثير من الماء. وبالتالي فإن النظافة والماء هما كل شي هنا.

نحن بمقدورنا توفير المياه ولكن المواطن العادي لا يمكنه ذلك. فأسعار المياه مرتفعة بسبب ارتفاع سعر البنزين وبسبب الأزمة الاقتصادية. ومن خلال ذلك ارتفعت تكاليف نقل المياه. وهذه دوامة لا تتوقف.

الصحيفة: ما نوعية المياه وما مدى أهميتها في مكافحة الكوليرا؟

براندت: بالطبع نقوم بضبط الجودة ولدينا أيضاً الفرصة لإعداد المياه بأنفسنا. لديها نوعية جيدة، وذلك يكلف جهداً كبيراً. نحن بصدد التخطيط لإنشاء مركز لعلاج الكوليرا. بالطبع، ستلعب المياه أيضاً دوراً حاسماً وبالتالي ستتم إعادتها سيتم نقل المياه عبر شاحنات ومعالجتها. وعموماً، تلعب وفرة المياه دوراً رئيسياً في مكافحة الكوليرا، وإن لم تتوفر المياه فسيكون من الصعب للغاية العمل على وقف انتشار الوباء.

الصحيفة: ماذا عن حال الرعاية الطبية في البلاد؟ هل هناك فرق بين الشمال والجنوب أو المدينة والقرية؟

براندت: لا أستطيع تأكيد نسبة الاختلاف. ومع ذلك، لم تعد العديد من مرافق الرعاية الصحية تعمل، ولم تعد المستشفيات والمراكز الصحية المحلية مفتوحة في بعض الأحيان. هناك منشآت صحية تم تدميرها وهناك مناطق جعلت المعارك العمل فيها مستحيلاً. صحيح أنه يوجد في اليمن قطاع صحي عام وأيضا منشآت صحية خاصة، متواجدة بصورة دائمة، ولكن الكثير من السكان لا يستطيعون دفع تكلفتها. ولهذا السبب نحن هناك. فهذا هو المستشفى الوحيد الذي يقدم رعاية طبية مجانية للأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل. ولذلك نحن بطبيعة الحال نجتذب العديد من المرضى. ولكن نسبة الإقبال أكبر بكثير مما يمكننا تغطيته.

الصحيفة: وربما الوضع هو نفسه في جميع أنحاء البلاد …

براندت: فعلاً. بالطبع نحن نعمل في العديد من المناطق داخل البلاد. لدينا حاليا حوالي 100 موظف دولي في البلاد وحوالي 2200 زميل يمني. وهذا عدد كبير جداً، و لكن لا يمكننا تغطية جميع الاحتياجات الطبية في البلاد.

الصحيفة: ما هي الأمراض التي تكافحونها إلى جانب الكوليرا؟

براندت: بالإضافة إلى الكوليرا، كان لدينا حالات تفشٍ لأوبئة أخرى تعود للماضي: الدفتيريا والحصبة، وهناك مناطق ظهرت فيها العديد من حالات الإصابة بالملاريا. بالإضافة إلى هذه الأمراض المتفشية نعمل على توفير العناية الطبية في أمور أخرى طبيعية. على سبيل المثال، إذا كانت هناك امرأة حامل وبحاجة إلى عملية قيصرية، فغالباً لا يوجد أطباء لإجراء عملية قيصرية. أو إذا وُجد هناك طفل مريض مصاب بنزلة برد، ازدادت سوءاً ووصلت إلى حالة الالتهاب الرئوي ولا تتوفر الرعاية الطبية للعائلات أو أنها لا تستطيع تحمل نفقاتها.

لم يعد هناك رعاية طبية أساسية. وبصرف النظر عن ذلك هناك دائما خسائر بشرية بسبب الألغام الأرضية والمعارك والغارات الجوية. من بينها العديد من النساء والأطفال. إنه مزيج من الأوبئة وجروح الحرب والأمراض التي تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم علاجها.

الصحيفة: هناك تقارير تفيد بأنه يصعب على السكان الحصول على مواد الإغاثة. فكيف تحصل منظمة أطباء بلا حدود على المواد الطبية وهي في ميدان العمل؟

براندت: الجزء الأكبر يأتي عن طريق البحر ويصل إلينا عبر ميناء عدن. لدينا أيضا الطائرة الخاصة بنا. وقد تم إغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، لكن نحن يمكننا استخدامه. لدينا مروحية صغيرة ذات قدرة محدودة. وما نواجهه هو لوائح الاستيراد والعقبات الإدارية ، التي طلبنا من السلطات مراراً ضبطها. لذلك فإن استيراد الأدوية بسرعة أمر صعب في كثير من الأحيان. كما يحدث مراراً وتكراراً أن تتعطل عمليات التسليم في الميناء لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع. هذا أيضاً لأن المنفذ في عدن غير مصمم ليتلاءم مع حجم الشحنات التي تصل حالياً. و نحن مستقلون تماماً عن عمليات تسليم المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة.

الصحيفة: ولذلك تعملون دون عوائق كبيرة؟

براندت: في الوقت الحالي لدينا شحنة أدوية عالقة في ميناء عدن. وعمليات الحصار هذه تضر بعملنا بصورة متكررة. فحتى وإن كان لدينها نظامنا الخاص إلا إننا نشعر بصورة غير مباشرة بعواقب ذلك على مرضانا، خصوصاً عندما لا تصل مواد الإغاثة أن يتم تأخيرها، لأن جزء كبير من السكان معتمدون بشكل كبير على هذه المساعدات. واليمن بشكل عام معتمد على عمليات الاستيراد ـ فمن 80 إلى 90 بالمائة من كافة المواد الغذائية والبضائع يتم استيرادها. ولذا كان لعملية الحصار المفروضة على الموانئ عواقب على السكان جميعهم وبالتالي أثر ذلك على الوضع الصحي للسكان.

الصحيفة: كثير من المواطنين في اليمن ليس لديهم دخل آمن، ولا يبدو أن الحرب ستنتهي. إلى أي مدى يلعب وضع الحياة اليومية الصعب، والذي يصعب علينا نحن تخيله، دوراً في الصحة النفسية؟

براندت: إن هذا بالطبع يشكل عبئاً ثقيلاً. هذا ليس فقط بسبب الوضع المالي، ولكن أيضاً بسبب قتل الأشخاص بسبب الحرب أو وفاة طفل لأنه لم يكن بالإمكان علاجه. فيشعر الناس أنهم محاصرون في هذا الموقف. كما نرى أيضاً أن الضغط النفسي على موظفينا كبير جداً في بعض الأحيان.

وذلك من ناحية أن هناك لكل موظف قصة شخصية. فعلى سبيل المثال، لدينا العديد من الزملاء الذين اضطروا إلى الفرار من وسط مدينة تعز، من منطقة الحوبان بسبب القتال. ومن ناحية أخرى، تجدهم يستمعون لقصص المرضى، بعضها مؤثر للغاية. فنرى أن موظفينا اليمنيين غالباً ما يكونوا عاطفيين للغاية ومجهدين للغاية.

الصحيفة: في العام 2016، احتلت اليمن المرتبة الأخيرة في تقرير الفجوة بين الجنسين على مستوى العالم – لذا فإن وضع المساواة بين الجنسين سيئ للغاية. كيف ترين هذا في البلد، على سبيل المثال فيما يتعلق بإتاحة الرعاية الصحية للمرأة؟

براندت: من ناحية، لدينا الكثير من الموظفات هنا في المستشفى. 70 في المائة من 470 موظفا هي من النساء. هذا يدل على أن المرأة واثقة من نفسها هنا وتؤدي دورها من أجل بقاء الأسر على قيد الحياة. ومع ذلك ، يرى المرء أيضاً أن حرية الحركة وحرية اتخاذ القرار للمرأة محدودة دائماً. وكقاعدة عامة، لا يجوز إجراء عملية جراحية للمرأة إلا بموافقة أحد أفراد الأسرة من الذكور.

الصحيفة: إلى أي مدى يجب أن تتعاونوا مع مختلف أطراف النزاع؟

براندت: بصفتنا أطباء بلا حدود، نحاول العمل على جانبي الخطوط الأمامية للمعارك للحفاظ على حيادنا. علينا أن نبرر وجودنا من خلال المفاوضات. ويشمل ذلك المفاوضات مع الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة المحلية. هذه هي واحدة من مهام منسق مشاريع منظمة أطباء بلا حدود. الغرض الأساسي من هذه المفاوضات هو توفير الرعاية الصحية بغض النظر عن الأصل أو التوجه السياسي لمرضانا.

الصحيفة: هل هناك ما يعيق عملكم؟

براندت: مرات كثيرة لا نتمكن من الوصول إلى مناطق معينة. وهذه مشكلة كبيرة. حيث أن الوصول إلى المرافق الصحية التي مازالت تعمل صعب للغاية بالنسبة للسكان – سواء بسبب الوضع الأمني أو بسبب نقاط التفتيش. في الوقت نفسه، ليس لدينا حرية حركة، لأننا نحتاج إلى إذن من الأطراف المتحاربة للتنقل في جميع أنحاء البلاد. الإضافة إلى ذلك، نحن كمنظمة نحمل على عاتقنا مسؤولية كبيرة بخصوص سلامة فريقنا. لا يمكننا إرسالهم إلى المناطق التي يتسم فيها الوضع الأمني بالتوتر. أما ما عدى ذلك فلا نواجه أي مخاطر.

الصحيفة: هل هناك أماكن إذا عُلم أنها غير آمنه لا تذهبون إليها؟

براندت: نعم. على الرغم من أننا نمثل المنظمة بشكل جيد في اليمن. إلا أنه لا يزال هناك مناطق ليس لدينا فكرة عما يحدث فيها بالفعل. وتلك هي المناطق الريفية على وجه التحديد. وبالتالي هناك علامة استفهام كبيرة جداً لدينا حول الأوضاع في كل المناطق.

الصحيفة: هل ينبغي الحذر من عمليات الاختطاف؟

براندت: طاقم منظمة أطباء بلا حدود لم يواجه أي عملية اختطاف في اليمن، الحمد لله. ولكننا بشكل عام نُدرج دائماً نقطة الحذر من عمليات الاختطاف في لائحة المخاطر.

الصحيفة: من خلال موقعك في اليمن، كيف تنظرين إلى الجدل الألماني حول مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية وما رأيك شخصياً في هذا الأمر؟

براندت: بشكل عام طبعا نحن نرحب بوقف مبيعات الأسلحة لما فيه من تقييد لعمليات القتال.

في النهاية، يظل من الأهمية بمكان بالنسبة لنا النظر في كيفية تنفيذ اتفاقيات معينة. على سبيل المثال، إذا تم إقرار وقف لإطلاق النار، ثم رأينا هنا أن وقف إطلاق النار هذا لم يتم الالتزام به. هنا من المهم بالنسبة لنا متابعة ما هو تأثير ذلك على أرض الواقع.

الصحيفة: ما مدى قرب الأماكن التي تدور فيها المعارك من المستشفى؟

براندت: الأمر متفاوت. ففي اليمن، لدينا العديد من مشاريع تقديم المساعدة الطبية تقع بالقرب من الخطوط الأمامية للمعارك، بحيث يمكنك أن تسمع على سبيل المثال عمليات إطلاق النار والقذائف. ومنذ بداية الحرب، تم تدمير خمس منشآت طبية ندعمها أو نديرها بغارات جوية. وقد دُمرت بالكامل أو جزئياً. وفي تلك الغارت قتل المرضى والموظفين أيضا.. يضطر زملائنا في تعز، في منطقة الحوبان على الجانب الآخر من خط المواجهة في وسط المدينة بصورة متكررة إلى البقاء في المستشفى بسبب القتال العنيف في المدينة. فقبل أسبوع ، اندلع قتال عنيف، قُتل فيه مدنيون أيضاً.

الصحيفة: هل تعانون أيضا من انعدام الثقة بالسكان، على سبيل المثال كما حدث واضطرت منظمة أطباء بلا حدود للانسحاب بشكل جزئي من جمهورية الكونغو الديمقراطية أثناء مهمتها لمكافحة وباء الإيبولا هناك؟

براندت: لا، بشكل عام تقبل السكان لنا جيد. وبشكل عام ما يجعل الحياة هناك صعبة بالنسبة لنا بصورة متكررة هو الأطراف المتحاربة. وعدم السماح لنا بالذهاب إلى مناطق معينة من قبل السلطات. أما عملنا فهناك اعتراف به ونحن نقوم بعمل ما نراه ضروريا على الرغم من كل الصعوبات.

الصحيفة: هل ترون أن اليمن بلد منسي في الأخبار الدولية أحياناً؟

براندت: “منسي” بمعنى منسي لست متأكدة من ذلك ولكن أعتقد أن اليمن برز كثيرا في وسائل الإعلام ، خاصة في الأشهر الأخيرة ، حيث تداولت وسائل الإعلام ما يسمى بمفاوضات السلام. وكان الحديث عن المجاعة يدور في كل مكان وكل وسائل الإعلام. ولكن السؤال الذي يُطرح دائماً، ما الذي سيتم فعله فعلاً لإنهاء هذه الحرب؟ يتم إرسال الكثير من الأموال من خلال المساعدات الإنسانية. ولكن ما نراه هو أنه يوجد عدد قليل جداً من الجهات الفاعلة المحلية التي تنفذ البرامج هنا. وبصفتنا منظمة أطباء بلا حدود، نود ببساطة أن يقوم عدد أكبر من الجهات الفاعلة بتنفيذ برامج المساعدات مع الموظفين الدوليين. لأن الاحتياج كبير واليمنيون يستحقون المساعدة. فقد بات اليمن يفتقر إلى كل مقومات الحياة. فكل من الرعاية الصحي والوضع الاقتصادي يؤثر على جميع مجالات الحياة. والسلام ضروري أولاً وقبل كل شيء بالطبع.

لا بد من وقف القتال ووقف الغارات الجوية.  وعقد مفاوضات سلام مناسبة.

الصحيفة: هل أنتي متفائلة؟

براندت: لست متفائلة. وحتى لو ساد السلام غداً في اليمن، يجب إعادة بناء البلد. وهذا سيأخذ وقتا طويلا. وقد تكون العناصر المحركة الداخلية هنا في البلد أكثر تعقيدا مما نقرأ عنه في بعض الأحيان. فهناك العديد من الجهات الفاعلة المحلية التي تختلف عن بعضها البعض ولكل منها مصالح مختلفة عن الأخرى. الأمر إن الأمر يحتاج التهدئة وإلى وساطة جيدة وحوار ومفاوضات.

عن الوضع في اليمن:

ارتفع عدد حالات الإصابة بمرض الكوليرا في اليمن مرة أخرى. ففي الفترة ما بين 1 يناير و 26 مارس استقبلت منظمة أطباء بلا حدود 7938 حالة يشتبه إصابتها بالكوليرا في مرافق الرعاية الصحية.

50 بالمائة من حالات الإصابة وصلت من محافظة إب. وخلال نفس الفترة، ارتفع عدد مرضى الكوليرا الذين تلقوا العلاج من قبل المنظمة من 140 إلى 2000 مريضا في الإسبوع الواحد.

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في اثني عشر مستشفى في اليمن وتدعم أكثر من 20 مرفقاً للرعاية الصحية في إحدى عشرة محافظة.

جماعة الحوثيون المدعومة من إيران وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليا، المدعومة من قبل تحالف كبير من الدول المجاورة هما الطرفان الأكبر في الصراع .

وتقود المملكة العربية السعودية هذا التحالف العربي ضد جماعة الحوثيين.

____

*تعمل يانا براندت في منظمة أطباء بلا حدود في برلين منذ العام 2012. وتعمل كمنسقة مشاريع المنظمة. تبلغ من العمر 38 عاماً وهي المسئولة عن إدارة العمليات في اليمن – بما في ذلك الشؤون المالية واللوجستيات وعملية تسيير الرعاية الطبية و حالياً، تعمل براندت في مستشفى الأم والطفل التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في منطقة الحوبان بتعز، جنوب البلاد.