سوريا قبل وبعد الزلزال .. واقع يكشف الإنسانية المزيفة
إكرام المحاقري
تأتي الاحداث جديرة بأن توقف عقارب الساعة لبرهة من الزمن حتى نتكشف بعض الحقيقة، فالواقع الإنساني للأمة العربية اصبح في الحضيض، وأمام ما يعيشه الشعب السوري من فاجعة ومأساة ومعاناة، إلا أنهم هناك أيقنوا أخيرا أن إنسانية العالم قد دُفنت تحت ركام الزلزال قبل أن يحدث بزمن طويل، وأنهم ضحية الإنسلاخ عن المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من التعامل بجناية وظلم.
ما نشاهدة اليوم بالعين المجردة، بعيد عن تلك المغالطات والعناوين الإنسانية المنمقة، لهو جدير بأن يوحد كلمة وموقف الشعوب العربية والإسلامية، بعيدا عن تلك الأنظمة المتهاوية المطبعة، والتي جعلت من الأرض العربية ساحة مفتوحة لتمرير المخططات الصهيونية للسيطرة على القرار والمصير العربي، حتى اصبحت الشعوب تعاني من ألم الغربة في قلب وطنها، وهذا ما يحدث منذ فترة بعيدة، إلا أن جديد الأيام بات يكشف حقيقة الأمر جيدا.
فمنذ احداث ما يسمى بـ “الربيع العربي” في العام 2011م، وسوريا تعاني الويلات جراء التدخلات الأمريكية السافرة، والتي استهدفت استقرار وأمن السوريين، بثورة زائفة قام بها أدوات الظلم الأمريكي من دواعش الفكر التكفيري وغيرهم من العملاء المرتزقة المرتهنين للقرار الخارجي، وقد دفع الشعب السوري ثمن ذلك دما ومعاناة وشتاتا في بقاع شتى، وما زالت أمريكا تواصل تعنتها بما تفرضة من عقوبات غير قانونية بما يسمى “قانون قيصر” حاصرت به الشعب السوري في زاوية الموت والمعاناة، وهذا ما يجعل هذه القوانين منبوذة وغير مقبولة وواجبة التخلص منها، لكن وللاسف الشديد باتت بعض الأنظمة العربية المنبطحة هي من تمرر مثل هذه القوانين أو تسارع بالإلتزام بها، غير أبهة بقرارات الشعوب التي كانت وما زالت متمسكة بالهوية والنخوة العربية الواحدة.
لقد كشف الزلزال حقيقة العداء الأمريكي للشعوب العربية، وكشف حقيقة توجهات تلك الأنظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني المحتل، فقد كشف الواقع السوري حقيقة الإنسانية المزيفة حين تمت محاصرته فوق الأرض وتحتها، كذلك ما قامت به بعض الدول من التمييز في الاستجابة وتقديم الإغاثات للدول المنكوبة جراء الزلازل، بما يدل على أن أمريكا ما زالت تواصل لعبتها القذرة وتستغل الوضع السوري المأساوي لفرض مصلحتها الشخصية كقوة مهيمنة في المنطقة، تمهيدا لتسليم البلاد ومقدراتها ومستقبل الشعوب لأيدي اعداءها.
ختاما: هناك البعض ما زال يخشى الشيطان الأكبر “أمريكا”، ويجعل من قراراتها الظالمة قوانين دولية لذبح الطفولة والإنسانية غير أبهين بالعواقب الوخيمة لتلك القرارات والتي كان أخرها موت الآلاف من الأشقاء السوريين تحت الأنقاض نتيجة لتأخر وصول الإغاثات والسماح بدخول الآليات، وهناك انقطع صوت الأنين وانتهت الحياة لمئات من الأسر المظلومة، لكن حينها فقد كسرت بعض الدول العربية والإسلامية ذلك القانون التافه الظالم وكرمت مشاعر شعوبها تجاه أخوتهم السوريين، ولتجعل من هذه المأساة فرصة لإظهار معنى الأخوة والإنسانية رغم أنف الأعداء.