صراع افاعي العدوان.. إعلام عيال زايد يصف الدور السعودي في الجنوب بالفشل
نصر القريطي
انتقل الصراع بين السعودية والامارات الى مربعٍ جديد من مربعات تبادل الاتهامات وصل الى حد اتهام ابوظبي للرياض بالفشل في إدارة ملفها في الجنوب..
هجومٌ صريح وجهه الإعلام الممول اماراتياً للدور السعودي وهي المرة الأولى التي يتم صياغة عباراته بمفردات الفشل والعجز وبهذه الصورة المباشرة تجاه من يفترض انهما الشريكين الرئيسيين في العدوان..
تقول صحيفة العرب الصادرة من لندن ان الرياض لم تنجح في إقامة نفوذ عسكري وسياسي لها في جنوب اليمن..
وتذهب الصحيفة الى ما هو أبعد من ذلك فتقول أن المملكة فشلت إلى حد كبير في دمج الجماعات المسلحة المختلفة في عدن ومدن الجنوب تحت قطاع عسكري وأمني وطني واحد رغم الموارد المالية الهائلة التي بذلتها..
بالوقوف على العبارات السابقة فقد بات إعلام ابن زايد يستخدم عباراتٍ تؤكد ان المرحلة الحالية لن تنتهي بمجرد تبادل الاتهامات بالفشل بل ان الصراع المباشر بين الرياض وابوظبي سينتقل الى مربع الصدام المباشر بما في ذلك الصراع العسكري..
لا نتحدث هنا عن الصراع بين ميليشيات الانتقالي والإخوان وبقية التكتلات المسلحة التي انشأها ويدعمها العدوان بل نتحدث عن صدامٍ مباشرٍ بين شريكي العدوان قد يصل الى طلاقٍ بائنٍ ان سارت الأمور وفقاً للمقدمات التي نراها اليوم..
لم تستخدم الصحيفة العبارات التي يستخدمها إعلام العدوان عادةً كالجيش الوطني أو الأمن لوصف مرتزقة العدوان بل وصفتهم بـ”الميليشيات المسلحة”..
إنها الحقيقة التي يدركها السعوديون والإماراتيون لكنها عادات المعتدين والغزاة التي لا تتغير على مدى الأزمان فحينما يريدون استخدام المرتزقة ككروتٍ رابحةٍ فإنهم يصفونهم بالوطنيين والممثلين الشرعيين لليمن داخلياً وخارجياً وبمجرد ان يصبحوا غير ذي قيمةٍ يتم رميهم بسهام الخيانة والعمالة والميليشاوية..
تعد هذه الحملة أحدث موجةٍ في سياق الشرخ الحاصل بين الرياض وابوظبي لكن لها مقدماتها على الأرض والتي صارت مفضوحةً ولم تعد تتم باسم المرتزقة..
عادةً ما كانت الضربات المتبادلة بين الحليفين اللدودين تتم تحت الحزام وكانت تأتي بالأساس لدعم ميليشيات كل طرف على حساب ميليشيات الطرف الآخر..
تتهم الصحيفة اللندنية التي تعد احد اذرع الإعلام الإماراتي الحليف السعودي بمحاولة خلق واقعٍ جديدٍ وبالقوة على الأرض في عدن وبعض مدن الجنوب مضيفةً أن الرياض تسعى لتحقيق نفوذ سياسي وعسكري..
وتقول الصحيفة في احدث تقاريرها ان الرياض بدأت بإعادة التفكير في إستراتيجيتها ووضع قواتها في الجنوب مع تراجع الآمال في انتزاع المناطق الشمالية من الحوثيين على حد تعبيرها..
يرى العديد من المراقبين ان صراع النفوذ بين السعودية والامارات انتقل من مرحلة التدرج في السيطرة الى محاولة فرض الامر الواقع وبالقوة في إشارةٍ لسعي الرياض لإزاحة الميليشيات التابعة للإمارات وتسليمها للقوات الجديدة التي تشكلها تحت مسمى قوات درع الوطن..
بالمقابل فإن الغموض يكتنف مصير رفقاء العدوان والارتزاق في حال التوصل لنتائج جوهرية قد تفضي الى دروب السلام..
تعيد قوى العدوان ومرتزقتها ترتيب أوضاعها على الأرض وتعيد صياغة تحالفاتها وكأنها تستعد لمرحلة ما بعد الحرب وتتجه لتغيير تحالفاتها القائمة وأكثر من ذاك تبدو وكأنها ماضيةً في درب التخلص من حلفائها واستبدالهم بأدواتٍ جديدة بوجوه جديدةٍ وآليات جديدة كما حصل من قبل مع الدنبوع الفار هادي..
تبدو الأوضاع على الأرض في مدن الجنوب المحتل وكأنها على وشك الانفجار وليس وكأنها بانتظار ما ستسفر عنه جهود السلام..
على العكس مما يفترض ان يقوم به من يستعد للسلام تحاول الرياض وابوظبي ان تنفردا بتثبيت أقدامهما كلٌّ على حده في المرحلة القادمة تحسباً لقطع ايديهما بالكامل عن هذا البلد وبالمقابل يتصارع مرتزقهما على السراب الذي منحتهم إياه قوى العدوان فلا يجدوه..
تمضي الصحيفة المقربة من دوائر الاستخبارات الإماراتية فيما يمكن وصفه بــ”نشر غسيل” حليفها الرئيسي في هذا العدوان فتقول أن السعودية تواجه جملة من الصعوبات في الجنوب على الرغم من توسطها في اتفاق الرياض وصرفها لأموال هائلةً في سبيل ذلك..
تنسب الصحيفة الإماراتية للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية أن الإستراتيجية السعودية في عدن واجهت عدة أسباب أدت لعدم نجاح الرياض في كسب أي نفوذ عسكري أو سياسي في هذه المنطقة الإستراتيجية..
لربما حجبت الصحيفة الإماراتية عبارة “الفشل السعودي في الحرب على اليمن” وقصرتها على مفردة “الفشل في مدينة عدن” ساحة نفوذ الامارات التي تشعر ابوظبي ان الرياض تريد ان تنتزعه منها بعد كل ما فعله عيال زايد للسيطرة عليها..
حديث الاعلام الإماراتي عن القوات التي تشكلها السعودية ووصفها بالميليشيات فيه الكثير من الوقاحة الممزوجة بمرارة الشعور الإماراتي بطعنةٍ سعوديةٍ غادرةٍ جديدةٍ في الظهر..
تذهب صحيفة العرب اللندنية الى أبعد من ذلك فتقول ان السعوديون عجزوا اكثر من مرة طيلة السنوات الماضية في فتح نافذة لأنفسهم لإعادة تأسيس دورٍ لهم في ديناميكيات السلطة في الجنوب..
اللافت أنه ولأول مرة منذ تبني ابوظبي لمجلس الانفصال الانتقالي كممثلٍ رئيسيٍ لها في الجنوب انتقدت الصحيفة هذا المجلس وقالت انه انخرط في مؤسسات الدولة الوطنية فيما لا يزال يدعو إلى الانفصال عن الدولة المركزية..
الأمر لا علاقة له بعودة ابوظبي لصوابها فيما يتعلق بالوحدة اليمنية لكنه يبدو وكأن ابوظبي تحمل مرتزقتها وعلى رأسهم المجلس الانتقالي مسئولية سعي الرياض اليوم لسحب البساط من تحت اقدامها نتيجة عدم قدرتهم على السيطرة الكاملة على الأوضاع في مدن الجنوب في الوقت الذي كانت السعودية مشغولةً بملفاتٍ أخرى
طليعة رد الفعل الإماراتي ضد التحركات السعودية على الأرض لتهيئة الأوضاع لصالحها على حساب ابوظبي أتى على لسان محافظ عدن المحسوب عليها الذي قال لدى استقباله المبعوث الأممي أن المجلس الانتقالي يرفض “أي مساع لاتفاق لا يراعي مطالب شعب الجنوب في حل الدولتين..
تحاول ابواق الامارات الإعلامية تسليط الضوء على نظرية فشل الاستراتيجيات السعودية الطارئة في إدارة ملف العدوان في مدن الجنوب مقارنة مع استراتيجيات ابوظبي التي اخذت وقتها ووضعها الجيو استراتيجي طيلة سنين هذا العدوان.
خلاصة ما نريد ان نؤكد عليه ان الشريكين الرئيسيين الذين دخلا هذه الحرب وفق تحالفٍ مشترك بينهما يسعى كلٌّ منهما اليوم للانفراد بتهيئة الأوضاع لصالحه في المرحلة المقبلة استعداداً لما ستسفر عنه مفاوضات السلام..
بمقتضى هذه النظرية التي لها ما يؤكدها على الأرض فإن كلاً من الرياض وابوظبي تسعيان للقفز من سفينة العدوان الغارقة على قاعدة تحميل الشريك الآخر الجزء الأكبر من مسئولية وآثار وتبعات هذا العدوان.
انه صراعي أفاعي العدوان الذي سيخلف مرتزقته وراءه كالرماد فـ”النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله”..