هل باتت السعودية جاهزة لإنهاء الحرب في اليمن..؟
مجيب حفظ الله
بالنظر لمشروعية هذا العنوان الذي جاء كتساؤلٍ مفتوح في تقريرٍ مطولٍ لهيئة الإذاعة البريطانية فإنه وعلى الرغم من انقضاء ثمان سنوات من الحرب التي تشنها علينا دول العدوان إلاّ أن هؤلاء لا يظهرون حتى اليوم توجهاً حقيقياً للمضي في عملية السلام يعكس بوادر حسن النوايا بشأن العمل على انهاء هذه الحرب.
يجب ان يفرق اليمنيون تماماً بين أحاديث الهدنة وارهاصاتها والسعي الجدي للسلام ليكونوا على دراية كاملة بحقيقة ما يشاع عن مخرجات غير حقيقية للمفاوضات أو الوساطات القائمة.
تجديد الهدنة تلو الأخرى ليس الطريق الجدي الذي يمكن ان يفضي لسلامٍ شاملٍ فحتى وان سلكت قوى العدوان وداعميها شتى السُبُل فليس هناك سوى دربٍ واحدٍ يؤدي للسلام العادل هو وقف الحرب ورفع الحصار واستعادة واحدية الدولة المركزية انطلاقاً من العاصمة صنعاء.
أحاديث السلام كثيرةٌ والمساعي لتجديد الهدنة تلو الأخرى تكاثرت لكن المعادلة على الأرض قد تغيرت شاء الامريكان ذاك ام أبوا فليس من خيار امامهم سوى التفاوض مع صنعاء.
تتجه انظار الإعلام العربي والغربي هذه الأيام الى العاصمة اليمنية التي باتت قبلةً ينشدها الإعلام الباحث عن الحقيقة لأن العالم كله بات يدرك ان الحقيقة إذا أتت فإنها سـتأتي من صنعاء وليس من الرياض أو أبوظبي أو واشنطن.
على هذا الصعيد تساءلت هيئة الإذاعة البريطانية عن إمكانية نجاح المفاوضات الجارية بين السعوديين والحوثيين على حد تعبيرها.
وقالت الـ”بي بي سي” في تقرير نشر على موقعها على الانترنت بنسخته الإنجليزية أن الحديث عن إحراز تقدم في الشأن اليمني جاء هذه المرة على لسان وزير الخارجية السعودي وليس المبعوث الأممي أو الأمريكي.
وأشار التقرير الى نبرة التفاؤل التي أتت على لسان المسئول السعودي على النقيض من التصريحات الأممية على لسان مبعوثها هانس غروندبيرغ الذي أشار الى ان “انعدام الثقة لا يزال قائما وإن إنهاء الحرب في اليمن ليس أمرا سهلا”.
ما ذهبت اليه القناة البريطانية هو نوعٌ من التأكيد على ان الرياض باتت تتجه صوب السلام كضرورةٍ وليس كخيار وما يدلل على ذلك هو البون الشاسع بين التصريحات السعودية والتصريحات الأممية.
في الوقت الذي يجب ان تكون فيه النبرة الأممية أكثر تفاؤلاً بعكس النبرة السعودية إلا ان العكس هو القائم وهذا يشير بوضوحٍ الى المخاوف السعودية من أي تصعيد يؤجج من جديد نيران الحرب المتوقفة ولو بشكلٍ مؤقت.
وفقا لتقرير الـ”بي بي سي” فإن الرياض تسعى للخروج من هذه الحرب المكلفة التي تمثل لها مصدر توترٍ في الوقت الذي بدأ فيه العالم بالتجاوب مع التحركات السعودية للخروج من القوقعة المغلقة التي حصرهم فيها ابن سلمان بسبب جريمة تصفية مواطنه جمال خاشقجي وجرائم الحرب التي ارتكبت في بلادنا على مدار ثماني سنين.
بدوره قال موقع “قناة دويتش فيله الألماني” ان تصريحات الوزير السعودي في مؤتمر “دافوس” حول السلام في اليمن يشير إلى وجود تقدم صوب إنهاء هذه الحرب وأن هناك المزيد مما ينبغي فعله لإعادة القطار السعودي الى سكّة السلام.
الأمر الذي أيّده وزير الخارجية الأميركي خلال ندوة بـ”معهد السياسات بجامعة شيكاغو والذي قال ان الوضع في اليمن بات أفضل حالياً بسبب وقف اطلاق النار الذي تم من خلال الحوار بين السعوديين والأمريكيين على حد زعمه.
بالعودة للتقرير الذي أوردته النسخة الإنجليزية لهيئة الإذاعة البريطانية فقد اضافت القناة تساؤلاً غامضاً ملخصه “هل يقف الخلاف السعودي الإماراتي عائقا أمام إنهاء الحرب.. ولماذا..!
تشير الـ”بي بي سي” على هذا الصعيد الى ان قمة أبوظبي التي ضمت إلى جانب الإمارات كلاً من “مصر والبحرين والأردن وقطر” أتت في ظل غياب سعودي كويتي عن هذه القمة التي يفترض ان تكون الرياض الحاضر الأول فيها.
واستنتج معدو التقرير البريطاني الى ان ذاك يدلل على استمرار الخلافات السعودية الإماراتية حول الصورة التي تجري بها المشاورات الحالية بشأن اليمن.
وبعيداً عن هذا وذاك فإن الحقيقة التي لا يستطيع ان يغفلها أحد ان من ابتدأ هذه الحرب يجد نفسه اليوم مضطراً لوضع حدٍّ لها قبل ان يعجز عن السيطرة على نيرانها العابرة للحدود التي يخشاها كثيراً.
- خاص