أليف صباغ*

يريد نتنياهو أن يبدو وسطياً بين المعارضة والقوى الفاشية المشاركة في الحكم، لكنه في الواقع هو القائد الحقيقي لهذه القوى الفاشية وليس هناك من إجراء واحد يتخذ من دون معرفته وموافقته.

عندما انتصر “الليكود” بقيادة مناحيم بيغن عام 1977 على حزب العمل، القائد التاريخي لحكومات كيان “إسرائيل” منذ عام 1948-1977، سمّي ذلك الحدث بـ “الانقلاب السياسي”، وباللغة العبرية “مَهباخ” وليس “هَفيخا” باعتبار أن كلمة “هفيخا” تستخدم في الانقلاب العسكري.

اليوم يحاول معسكر يائير لبيد أن يسمّي المشروع الحكومي لمعسكر نتنياهو بـ “الانقلاب على الحكم”، بينما يدّعي نتنياهو ومن معه بأن مشروعهم هو “إصلاح نظام الحكم” ومنه القضاء، بهدف إعادة الحكم إلى “الشعب”، ومَن يمثّله في الغالبية البرلمانية، مِن أيدي قضاة المحكمة العليا والمستشارين القضائيين للحكومة والوزارات، الذين “يقيّدون” أيدي رئيس الحكومة والوزراء والكنيست في سن قوانين باسم الأغلبية البرلمانية.

ما هو مضمون هذا “الإصلاح”؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بدّ أن نسأل، ماذا تفعل المحكمة العليا، ورئيسها السابق أهرون براك ورئيستها الحالية القاضية حيوت، بشكل خاص؟ وماذا يفعل المستشارون القضائيون في الحكومة والوزارات المختلفة، بحيث يزعجون رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء؟ وهل تصبّ التغييرات المرتقبة في مصلحة فلسطينيي الـ 48 أم ضدّهم وكيف؟

منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي دأب رئيس المحكمة العليا، آنذاك، القاضي أهرون براك، على تبنّي نهج جديد سمّي بـ “القضاء الفاعل”، وسمّي بـ “الثورة القضائية”. وبموجب النهج الجديد تقوم محكمة العدل العليا بفحص كل استئناف يقدّم إليها لردّ مشاريع قوانين أو قوانين أقرّها الكنيست، إذا ما تعارضت مع القوانين الأساس أو مع ما يسمّى “وثيقة الاستقلال”.

لتثبيت ذلك النهج سن الكنيست عام 1994 قانون “كرامة الإنسان وحريته”، الذي ينسجم مع مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها في المجتمعات الغربية الليبرالية، باستثناء الحق في المساواة القومية. مذّاك، أصبح هذا القانون مرجعية تُمنع بموجبها كل الإجراءات القانونية التمييزية التي ينوي أي وزير أو حتى الحكومة إقرارها إذا ما تعارضت معه، وهذا ما سمّي بـ “فقرة الغلبة” أو “مبدأ الغلبة”، أي أنّ للمحكمة العليا حقّ نقض قوانين يسنّها الكنيست، أيّ أنّ لها حق “الغلبة” على الكنيست.

عانى المواطنون العرب من التمييز على خلفية قومية، قبل قانون “كرامة الإنسان وحريته”، وبعده أيضاً، لكنهم، في العموم، استفادوا منه إلى حد كبير في مجالات حقوقية مختلفة. فعلى سبيل المثال، بالرغم من قانون “كرامة الإنسان وحريته”، رفضت المحكمة العليا الإقرار بمساواة اللغة العربية للغة العبرية وفق القانون، بالرغم من أن ذلك مثبت بما ورثته كيان “إسرائيل” من الانتداب البريطاني وعملت بموجبه لعقود طويلة. فرأت أن وضع اللافتات في الشوارع العامة باللغة العربية ليس إلزاميّاً لأنه ليس تعبيراً عن حق، إنما عن حاجة، وعليه توضع اللافتات بالعربية بحسب الحاجة.

منذ ذلك الحين، والقوى الصهيونية اليمينية المحافظة والدينية المتزمتة، تحاول إلغاء مبدأ “الغلبة” للمحكمة العليا، أو إلغاء قانون “كرامة الإنسان وحريته”، وتحديد صلاحيات المستشار القضائي للحكومة ومستشاري الوزارات، على أن يكون رأيهم غير ملزم للوزير أو لرئيس الحكومة، كما هو الواقع اليوم. وهذا يتطلّب تعديلات قانونية يقرّها الكنيست.

تصاعدت الحملة اليمينية، أيضاً، بحجة أن قضاة المحكمة العليا هم من الأشكناز، وليس بينهم سوى قاض متدين واحد وقاض شرقي واحد وقاض عربي واحد، من بين 15 قاضياً. وخشية من استغلال القانون لإعطاء المواطنين العرب المزيد من الحقوق، أقرّ الكنيست قانون القومية بصفته قانون أساس أيضاً، ليحدّ من حقوق المواطنين العرب.

في حقيقة الأمر، شكّلت المحكمة العليا، باستخدام حق نقض القوانين أو ما يسمّى فقرة “الغلبة” كابحاً للتغوّل اليميني، الذي يشكّل غالبية عظمى في الكنيست، في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وسنداً للمطالبين بالحقوق المدنية. كما شكّل كابحاً قوياً للإكراه الديني، الذي تصرّ القوى الدينية المشاركة في الحكم، وتتزايد قوتها يوماً بعد يوم، على تحقيقه.

من القضايا التي تصرّ القوى الدينية أن تحكم بها هي قضايا العائلة، الزواج والطلاق، حرية المرأة، حياة المثليين والسحاقيات الذين اعتمدوا قانون “كرامة الإنسان حريته” فسمح لهم بالزواج، وحتى تبنّي الأولاد أو استئجار الأرحام.

لكنّ هذا لم يكفِ القوى اليمينية والدينية، لأنّ المحكمة العليا لا تزال تملك صلاحيات واسعة ضمن ما يسمّى “القضاء الفاعل”، ولا تزال طريقة انتخاب القضاة لا تسمح للحكومة اليمينية بالسيطرة على تركيبة القضاة في المحكمة العليا وفي باقي المحاكم. لذلك يعمل وزير القضاء الحالي يريف ليفين، وهو من يحمل ملف “الإصلاح” القضائي، على تغيير طريقة انتخاب القضاة، بحيث تصبح للائتلاف الحكومي غالبية في اللجنة الخاصة لانتخاب القضاة، بما في ذلك رئيس المحكمة العليا.

بالمقابل لا يمكن أن نغفل الدور الذي أدّته المحكمة العليا، ورئيسها أهرون براك، بالذات، في نهجه “الفاعل” هذا، وعلاقاته الدولية مع مؤسسات القضاء الدولية، في “حماية الدولة” وقياداتها السياسية والعسكرية من المحاكم الدولية.

فتح براك باب المحكمة العليا واسعاً أمام التماسات الفلسطينيين الذين يعانون من جرائم الاحتلال، وتعامل مع الادعاءات الفلسطينية بمرونة شكليّة، وبذلك حدَّ، إلى حدّ كبير، من التوجّه إلى المحاكم الدولية. لكنه في الوقت ذاته شرّع بناء جدار الفصل العنصريّ، وشرّع التعذيب “بشروط”، وشرّع مصادرة الأراضي الفلسطينية وتبييض البؤر الاستيطانية، وكان المرشد الأكبر لحكومات الاحتلال في التملّص من القانون الدولي.

مع تنامي ظاهرة الفساد في الحكم والبحث عن المصالح الفردية في الحياة العامة، وأكبر النماذج على ذلك، ملف إرييه درعي، وملفات الفساد التي يتم التداول بها في المحكمة ضد رئيس الحكومة نتنياهو نفسه، تزداد الحاجة إلى كوابح لهذا اليمين، وبالمقابل تزداد رغبة اليمين في تحقيق مشروعه الكبير في تغيير نظام الحكم، بما يتلاءم مع أيديولوجيات اليمين المتطرّف والمتدينين المتزمتين، ومصالح القوى الحاكمة، سيما وأنهم يملكون، لأول مرة، حكومة يمينية صرفة من 64 عضواً، تسيطر عليها أجواء اليمين الفاشي الذي لا يعرف حدوداً لطموحاته.

مشاريع “إصلاح” أخرى
لن تنتهي عملية الانقلاب على الحكم أو تغيير نظام الحكم على “إصلاح” القضاء، بل سترافقها عملية السيطرة على الجيش والشرطة والمخابرات، وحتى التربية والتعليم ووسائل الإعلام، وكل مجالات الحياة، فالقوى الفاشية لا تقبل بأقل من ذلك. عنوانها عمليات “إصلاح” بهدف تسويق المشروع للمواطن أو للخارج، وهو في الحقيقة انقلاب على نظام الحكم في المجالات كافة.

من غير المتوقّع أن يحقّق نتنياهو ومن معه كل ما يصبون إليه في فترة قصيرة، لأنه ليس انقلاباً عسكرياً. فالمجتمعات الاستيطانية لا تغيّر أنظمتها بالانقلابات العسكرية، ولأن المعارضة قوية، وهي ليست في الداخل فقط.

ما هي العوامل التي تسمح لنتنياهو بتنفيذ مشروعه؟ وما العوامل المضادة لذلك؟

من أهم أهداف الحكومة الجديدة هي السيطرة على الشرطة والجيش، وليس فقط على جهاز القضاء. فقد كانت الشرطة ولا تزال أكثر طواعية للوزير المسؤول، حتى لو لم يكن مفوّض الشرطة العام ملزَماً، بموجب القانون، بتنفيذ كل ما يطلبه الوزير، لاعتبارات عملياتية تفرضها الظروف الميدانية.

فالشرطة، بطبيعتها وتركيبتها البشرية، أكثر استعداداً لقبول التوجيهات لاستخدام المزيد من العنف، سيما وأن الوزير بن غفير أصبح مسؤولاً ليس فقط عن الشرطة المدنية باللباس الأزرق، إنما عن كتائب حرس الحدود أيضاً، إضافة إلى ذلك، فقد أعلن الوزير بن غفير في خطته الجديدة، هذا الأسبوع، عن إقامة كتائب مسلحة جديدة سمّيت بـ”الحرس الوطني”، وسوف يكون عددها بالآلاف. وهي في الحقيقة عملية شرعنة لمليشيات المستوطنين الذين يعيثون في الأرض خراباً وقتلاً وتدميراً، وهم أولئك الذين حضروا مسلحين بالحافلات من مستوطنات الضفة الغربية فهاجموا أهلنا الفلسطينيين في المدن الساحلية في أيار/مايو 2021.

بالمقارنة، لن يكون الجيش سهل التطويع، فقيادة الجيش الصهيوني لم تكن يوماً أداة طيعة في أيدي المستوى السياسي، ولديها من النفوذ والوسائل ما يجعلها تقود ولا تُقاد، بالرغم من أن القانون يفرض عليها تنفيذ ما يقرّره المستوى السياسي.

الجيش كان ولا يزال في أيدي القوى الأشكنازية والعلمانية، يقيم علاقات قوية جداً مع العالم الغربي وخاصة مع أميركا، ولن يقبل سيطرة القوى الدينية على مفاصل القرار العسكري، أو حتى على الحياة الاجتماعية في الجيش، سيما وأن نسبة النساء اليهوديات في الجيش هي نسبة عالية، لا مثيل لها في جيوش العالم.

ليس هذا وحسب، تعلم القيادات العسكرية جيداً، أنّ غياب الطابع الديمقراطي والعلماني والليبرالي من المحكمة العليا، سوف يفقدها علاقات ونفوذاً مهماً في المحافل القضائية الدولية، وهذا يعني أن جنود وضباط الاحتلال سيواجهون محاكمات على جرائم حرب وهذا يقلقهم على الصعيدين الفردي والجماعي.

لا شكّ أنّ تماسك حكومة نتنياهو الجديدة وانسجامها اليميني الصرف، بتحالف اليمين المحافظ مع اليمين الديني الصهيوني (سموتريتش وبن غفير وآفي معوز)، وغير الصهيوني أي الحريديم (سفراديم/شرقيين واشكناز). وتمتعها بأغلبية برلمانية (64 من 120) يؤهّلها أن تعدّل أو تشرّع أي قانون تريد، بما في ذلك قوانين أساس. ولا شك أنّ رغبة وطموح القوى اليمينية الفاشية يدفعها إلى تسريع ذلك، ويبدو واضحاً أن اندفاع الوزراء إلى التغيير، متخطين المستشارين القضائيين، لم يسبق له مثيل. لكن بالمقابل هناك معارضة قوية.

لقد نزلت المعارضة إلى الشارع باكراً وبقوة لم يتوقّعها أحد من المراقبين، 80 ألف متظاهر في تل أبيب بعد أيام من تأليف الحكومة، وتبعتها مظاهرات في الأسبوع اللاحق في كل من تل أبيب وحيفا والقدس وبئر السبع وصل عدد المشاركين فيها إلى أكثر من 140 ألفاً. وما ميّز التظاهرة الأولى هو نزول قيادات عسكرية سابقة من رؤساء أركان ووزراء حرب سابقين إلى الشارع في قيادة المظاهرة، ثم تبيّن علناً أنّ المظاهرات مدعومة سياسياً ومادياً من يهود الولايات المتحدة، وهم في غالبيتهم علمانيون ليبراليون.

للمظاهرات في الأسبوع التالي انضم عدد كبير من مدراء عامين شركات الهايتك الكبرى في كيان “إسرائيل”، وهي شركات مرتبطة مع شركات الهايتك العالمية، وهي تشكّل عصب الاقتصاد الإسرائيلي وسمعته الدولية، كما برزت شخصيات مهمة من نقابة المحامين، هذا، ولم تنضم نقابات العمال بعد، وهي قوة احتياطية كبيرة.

كما بدا واضحاً إن الإدارة الأميركية الديمقراطية عبّرت عن قلقها من التغييرات المرتقبة في نظام الحكم، كما عبّرت المؤسسات الاقتصادية الدولية عن ذلك أيضاً، وحذرت من تراجع الاستثمارات أو هروبها وبالتالي هروب علماء التكنولوجيا إلى دول أكثر استقراراً وأقل فساداً.

هذه المظاهرات هزّت نتنياهو، وأصبح يبحث عن وسائل خبيثة لتخفيف الضغط الدولي. يطمئن الخارج بأنّ ما يفعله هو “إصلاح لتعزيز سلطة القانون والمؤسسة التشريعية، المعبر الأساس عن حكم الشعب، أي الديمقراطية”، ويرسل تطمينات إلى الجمهور الصهيوني القلق على مصالحة الاقتصادية وحياته الاجتماعية.

في الوقت ذاته يعطي للوزراء ضوءاً أخضر للتقدّم في مشاريعهم التي أُقرّت في اتفاقيات الائتلاف الحكومي. يسير بين السهام، لكنّه مصر على تحقيق أهدافه، ومنها استفادة شخصية للتملّص من ملفات الفساد المتهم بها. يريد أن يبدو وسطياً بين المعارضة والقوى الفاشية المشاركة في الحكم، لكنه في الواقع هو القائد الحقيقي لهذه القوى الفاشية وليس هناك من إجراء واحد يتخذ من دون معرفته وموافقته.

فشل نتنياهو لغاية الآن في عدة قضايا ضمن التغييرات التي أعلن أنه سيجريها خلال السنة الأولى من حكومته. فشل أولاً في تعديل صلاحيات وزير الأمن القومي، الذي أراد أن تكون توجيهاته للمفوّض العام للشرطة أوامر يجب تنفيذها، من دون الاعتبارات الميدانية، أو ما يسمّى بالاعتبارات المهنية، التي يتوجب على الشرطة أخذها بعين الاعتبار. كما فشل في تعديل القانون الذي يسمح لوزير “الأمن القومي” بتعيين مفوّض عامّ الشرطة أو إقالته بما يتعارض مع الإجراءات المعمول بها لغاية اليوم. لكن، هذا لا يعني أن الوزير لا ينفذ خطته بموافقة المفوّض العام للشرطة.

فشل نتنياهو في ملف درعي، فاضطر إلى إقالته من وزارتي الصحة والداخلية، اللتين كانتا مخصصتين للوزير درعي. وهذا لا يعني أنه فقد الحيلة لتعويض حركة شاس الحليفة الكبرى، ودرعي بشكل خاص، ليضمن بقاءهما في الحكومة. مع التأكيد أن شاس لها مصلحة كبرى في الحفاظ على هذه الحكومة بالذات.

اضطر نتنياهو أن يخضع للوزير سموتريتش فمنحه وزارة المالية، بدلاً من وزارة الحرب التي طلبها، لكنه عاد وعيّنه وزيراً ثانياً في وزارة الحرب مع صلاحيات خاصة. وزارة برأسين، وصفة لصراعات داخلية في أكثر الوزارات حساسية. كان قرار وزير الحرب، غالانت، بإزالة البؤرة الاستيطانية الجديدة، التي دعم إقامتها سموتريتش، أولى مظاهر الصراعات الداخلية في الوزارة.

مقابل مسلسل الفشل هذا، وفشله في إحداث تغيير قانوني في القضايا الأساس المذكورة أعلاه، نرى أن نتنياهو ومن حوله يحاولون تحقيق إنجازات في ساحات أخرى. في الساحة الدبلوماسية مقابل المملكة العربية السعودية، ومقابل الملك عبد الله في الأردن، كذلك في تعميق التطبيع مع البحرين والإمارات، وفي الوقت ذاته في تصعيد المعركة، السياسية لغاية الآن، والتهديد بحرب مدمّرة، ضد إيران.

ميدانياً، يحاول نتنياهو وبن غفير وغيرهما تأجيج الصراع الدموي ضد الشعب الفلسطيني، إذ تعود قضية الخان الأحمر إلى العناوين، ويصر بن غفير وسموتريتش وقيادات ليكودية أيضاً على إخلاء الفلسطينيين من قريتهم في الخان الأحمر، انتقاماً لإزالة البؤرة الاستيطانية الجديدة. فيحاولون توجيه الرأي العام الإسرائيلي إلى العدو المشترك، الفلسطيني والإيراني واللبناني، بهدف تمرير مشاريعهم “الإصلاحية” بغطاء غبار المعارك الحربية.

لم يعد الإعلام الصهيوني محصوراً على الليبراليين، وإن كانوا معادين أيضاً للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، بمن في ذلك فلسطينيو الـ 48، قنوات جديدة تأخذ حيّزاً مهماً في الإعلام مثل القناة الـ14. ويتسابق إعلاميون آخرون في إبداء آراء يمينية متطرّفة في قنوات إعلامية أخرى، تستقطبهم وسائل الإعلام هذه بدافع التوازن أمام الرأي العام.

إن استرضاء الرأي العام اليميني والعنصري، لا يخدم إلا اليمين الفاشي. كذلك رفض المعارضة استقطاب الجمهور العربي بأجندته المعادية للفاشية والعنصرية، والمطالبة بحقوق قومية متساوية، إنما يعبّر عن معارضة لم تخرج من صهيونيتها العنصرية في الجوهر. فإصرار المعارضة على انتهاج مواقف معادية للفلسطينيين، رافضة لربط صعود الفاشية باستمرار الاحتلال والاستيطان لا يؤهّلها أن تكون بديلاً لنتنياهو وبن غفير وسموتريتش، إنما يجعلها خادمة لهم. وفي أفضل الأحوال تصل معهم إلى تسويات على الصعيد الاجتماعي، وتبقى القوى الفاشية هي الحاكمة.

* المصدر: موقع الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع