مجيب حفظ الله

 

ما هو الفرق بين رئيس امريكي وآخر جمهورياً كان أم ديموقراطي فيما يتعلق بسياسات واشنطن تجاه منطقة الشرق الأوسط.

الجواب باختصار ان كلّاً منهم يكمل ما بدأه الآخر وينفذ الاجندة التي تكمل الحلقة التي سبقتها.

ما لم يفعله أوباما تكفّل به ترامب.. وما تفاداه مجنون البيت الأبيض “ترامب” يقوم به اليوم “بايدن”.

إنها سلسلة من حلقات مترابطة لا يمكن ان تقول فيها ان هذا جمهوريٌّ يميني وذاك ديموقراطيٌّ يساري.

الثابت الوحيد الذي لا يتغير في كل معادلات السباق بين الفيل والحمار هو معيار المصالح الأمريكية حتى لو كانت تلك المصالح على حساب أممٍ وشعوب ولو أريقت في سبيلها دماء الأبرياء.انه ميزان السياسات الدولية الجديدة الذي اتى كنتاج لمخرجات الحربين العالميتين الأولى والثانية والذي منح الولايات المتحدة “واحدية القطب” كترسٍ رئيسيٍ من تروس الصهيونية العالمية.استغل المرشح الديموقراطي لرئاسة الولايات المتحدة الحالة الهشّة التي خلفتها السياسات الوقحة لسلفه الجمهوري دونالد ترامب والتي كانت العلاقة مع السعودية احد اقطابها.

حينها أعلن بايدن بأن انهاء الحرب على اليمن ومعاقبة محمد ابن سلمان هي أولى أولوياته الرئاسية.

يعرف العالم كلّه ان السياسات الامريكية تجاه الرياض وأبوظبي لا يمكن ان تتغير بسبب تغير الرئيس من ديمقراطي لجمهوري.

يقول معهد “ريسبون سيبل ستايت” أنه لم يتوقع أحدٌ يجعل بايدن السعودية دولة منبوذة كما زعم لكن الانقلاب من النقيض الى النقيض هو فضيحة علنية في السياسات الأمريكية الدولية.

ويضيف المعهد البحثي الأمريكي الشهير أن تهديدات بايدن لابن سلمان فارغة وأن حرب اليمن وصمة عار لا يمكن تجاهلها.

بالنسبة لنا كيمنيين فإننا لم نعول يوماً على اختلاف وجوه السياسة الامريكية فكل من اكتوى بنيرات موازين الظلم الامريكية والدولية يعرف جيداً ان واشنطن تنحاز دوماً لمصالحها حتى لو كان ذلك على حساب دماء الشعوب ودمار الدول.من أفغانستان الى العراق الى ليبيا وسوريا واليمن حكاية انحيازٍ امريكيٍ علني لكل ما يتعارض مع مصالح الشعوب.

لم يكن الأمريكان عوناً لمصالح أي دولة حتى وان كانت علاقة واشنطن بتلك الدول استراتيجية.

حتى الدعم العسكري المهول واللا محدود الذي نراه اليوم لأوكرانيا فإنه ليس من اجل عيون الشعب الأوكراني ولا انتصاراً لعدالة القضية الأوكرانية ولا حتى مجرد دفاعٍ عن الخطوط الأمامية للمواجهة مع الروس بل هو أكثر من ذلك محاولة لإخضاع أوروبا وإعادتها الى المعطف الأمريكي.

تقول “ريسبون سيبل ستايت” ان تصميم بايدن على التعامل مع العلاقة الأمريكية السعودية على أنها صفقة عمل كالمعتاد كان أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبها خلال العامين الماضيين.

وتضيف أن إدارة بايدن فشلت في متابعة أي من تهديداتها بمحاسبة السعودية بل انه ليس لدى واشنطن أيُّ نيةٍ لفرض أي تكاليف أو عقوبات على المملكة.

وفقاً للمجلة الصادرة عن المعهد سالف الذكر فإنه وبمجرد انتهاء الانتخابات النصفية اختفى كل ذكر لمحاسبة ولي العهد السعودي وفي الواقع بدا بايدن وهو أكثر حماساً الآن لتلبية كل احتياجات ابن سلمان.

تطرق المعهد الأمريكي للمسئولية السعودية عن الحرب التي تشنها منذ ثماني سنوات على اليمن، وأشار الى انها كانت وما تزال وصمة عار مزعزعة للاستقرار في المنطقة.

ولم يغفل التحليل المطول لمجلة “ريسبون سيبل ستايت” ما اسماه توريطاً سعودياً لواشنطن في جرائمها باليمن.

وكما جرت العادة يعمل الإعلام الأمريكي والغربي على رمي الكرة في ملعب السعوديين والإماراتيين كمحاولة لغسل الأيادي الامريكية والغربية من التورط في كل جرائم الحرب المرتكبة في بلادنا والتي يتشاركون مع الرياض وابوظبي مسئوليتها الكلية والمباشرة.

ينتهي التقرير الأمريكي الى ان واشنطن لم تكتفي بمجرد التهرب من معاقبة السعوديين على جرائمهم في اليمن بل ذهبت إلى ما هو ابعد من ذلك.

تقول المجلة الامريكية ان إدارة بايدن ذهبت الى حد الضغط على الكونجرس الأمريكي لمنع استصدار قرارٍ جديد ضد قرار سلطات الحرب الذي يمكن ان يفرض إنهاء الدعم الاستخباراتي الأمريكي المتبقي للحملة السعودية في اليمن.

هكذا هي حقيقة السياسات الامريكية التدميرية المتعاقبة في بلادنا وكل بلدان الشرق الأوسط فليس فيها قديماً ليحكى ولا جديد يقال.