خميس بن عبيد القطيطي*

في خطوة مشرفة صوت مجلس الشورى العماني على مشروع توسيع مقاطعة كيان الاحتلال الصهيوني وذلك يوم الاثنين الماضي ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢م، وشملت مجالات المقاطعة الرياضية والثقافية والاقتصادية، وجاء هذا التعديل ليعزز المادة الأولى من قانون المقاطعة الذي صدر عام ١٩٧٢م وفقا للمرسوم السلطاني ٩/ ٧٢ الذي أصدره السلطان الراحل قابوس بن سعيد وكانت سلطنة عمان من أوائل الدول العربية التي أصدرت قانونا لمقاطعة كيان الاحتلال الصهيوني.

يُذكر أنا المادة الأولى من قانون مقاطعة إسرائيل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩/ ٧٢) جاءت كالآتي “يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته وتعتبر الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم حسبما تقرره وزارة الاقتصاد وفقا لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال”.

وفي هذا الصدد أكد سعادة يعقوب الحارثي نائب رئيس مجلس الشورى لوكالة “واف” العمانية: أن أعضاء مجلس الشورى ال (٧) المتقدمين بالطلب نظروا إلى التطور الحاصل سواء كان التقني أو الثقافي أو الاقتصادي أو الرياضي، واقترحوا تعديلات إضافية تتضمن قطع أي علاقات اقتصادية كانت أو رياضية أو ثقافية، وحظر التعامل بأي طريقة أو وسيلة كانت، سواء كان لقاءً واقعيًا أو لقاءً إلكترونيًا أو غيره”.

وتداولت وسائل الاعلام العمانية والعربية والدولية الموضوع بشكل كبير لافتة” الى أن السلطنة كانت قبل مدة قليلة منعت الطيران “الإسرائيلي” من عبور الأجواء العمانية، وتأتي هذه الخطوة استكمالا للمواقف العمانية المشرفة، ولا شك أن هذه المواقف تؤكد بشكل قاطع أن سلطنة عمان تبتعد كليا عن سياقات التطبيع الابراهيمية وهو ما أكدنا عليه مرارا وفي ذروة الضغوطات التي مورست على عدد من الدول العربية مع تزايد تعليق وسائل الإعلام الصهيونية التي تحدثت عن اقتراب السلطنة من التطبيع مع كيان الاحتلال أن عمان بعيدة عن التطبيع، وهذا التأكيد لا شك ينطلق من قواعد راسخة في المشهد العماني يرفض تجاوز حقائق التاريخ ومواقف عمان في قضايا أمتها العربية وأن عمان تقف على قاعدة قومية صلبة تدرك مخاطر التطبيع وطنيا وقوميا، والمحاولات العمانية التي حدثت سابقا وارسلت إشارات سلبية مع الأشقاء ما هي إلا محاولات لتهيئة المناخ السياسي لتحيق تقدم في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي وبتنسيق مسبق مع السلطة الوطنية الفلسطينية وحدث ذلك في ظروف صعبة مرت بها القضية الفلسطينية، سواء” كانت تلك الاجتهادات ناجحة أو مخطئة، لكن المواقف الوطنية العمانية المشرفة تثبت دائما وقوف السلطنة بقوة في القضية الفلسطينية سواء” على منابر الأمم المتحدة أو من حيث الدعم الدائم للأشقاء في فلسطين والتزام السلطنة بالمواقف المبدئية الاصيلة للقضية وهو ما تثبته المواقف العمانية بشكل دائم.

يأتي الموقف البرلماني العماني الذي يوسع دائرة حظر التطبيع مع الكيان الصهيوني اتساقا مع المواقف العربية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه مبادرة السلام العربية والقرار الأممي (٢٤٢) كأحد المرجعيات السابقة، ورفضا لممارسات الاحتلال الصهيوني في فلسطين، كما يأتي الموقف البرلماني العماني توازيا مع موقف الشارع العماني حيث يقدم الرأي العام العماني مواقف مشرفة دعما للقضية المركزية الفلسطينية، وأثبت العمانيون في مشاهد ومواقف كثيرة وقوفهم إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين في مختلف المواجهات السابقة رفضا للاحتلال، كما أطلق العمانيون وسما على وسائل التواصل العماني بعنوان عمانيون ضد التطبيع وهناك تفاعل شعبي عماني بارز بقوة رفضا لأي محاولات ضاغطة على السلطنة في ملف التطبيع، كذلك للمؤسسة الدينية في السلطنة التي يقود زمامها العلامة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي دور محوري في تعزيز هذا البعد العربي والإسلامي وقد عبر سماحته في أكثر من خطاب ورأي موقفه الداعم للقضية الفلسطينية، من هنا اتضحت الرؤية العمانية على الصعيد الرسمي والشعبي واتسقت مع موقف المؤسسة الدينية التي أعلنت موقفها بكل وضوح.

المقترح البرلماني العماني المشرف وكما عبر عنه سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي -رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى- لصحيفة “أثير” الذي أكد : أن مناقشة المقترح يأتي استنادًا إلى النظام الأساسي للدولة وإلى المادة (٤٨) من قانون مجلس عمان التي تجيز لمجلس عمان اقتراح مشروعات القوانين وإحالتها للحكومة لدراستها ثم إعادتها للمجس في مدة أقصاها سنة ليأخذ المقترح دورته التشريعية في حال موافقة الحكومة على إعادته مرة أخرى إلى مجلس عمان من بوابة مجلس الشورى، وأعتقد أن مقترح مشروع القرار سوف يمرر ليأخذ مجراه اتساقا مع الرؤية العمانية الثابتة المتوازية رسميا وشعبيا وهو بالتأكيد أمر مشرف، حيث تقدم السلطنة مواقف مضيئة دائما في اطار القضايا العربية والعمل العربي المشترك لتؤكد الرغبة العمانية الصادقة في تحقيق الخير والسلام والاستقرار والازدهار للوطن العربي عموما في مختلف المجالات.

كاتب عُماني

* المصدر: رأي اليوم

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع